طبيعة أي مشكلة أن أطرافها متعددون، ولكن بنِسَب متفاوتة بين من يحمل على كاهله العبء الأكبر من أسباب أي أزمة. والأطراف المعنية هنا: الدولة، والكنيسة، والتيار الإسلامي
بدأ الانقسام السياسي بمصر أثناء الإعداد للاستفتاء على الإعلان الدستوري في آذار/ مارس 2011 بعد أيام قلائل من تكاتف الجميع لإسقاط نظام مبارك، وظن الجميع أن ما جرى سيمهّد لإسقاط نظام يوليو 1952 بأكمله، لكن نظام يوليو كان متواجدا في كل قطاعات الدولة العسكرية والأمنية والقضائية والإدارية والسياسية والاجتماعية، عبر التنظيم الطليعي تحديدا الذي مثّل البذرة الخبيثة لنبتة خبيثة يصعب اجتثاثها، فعمل ورثة النظام وحُماته على الدفاع عنه، فبَذَرُوا الخلاف بين رفاق الميدان وتدخلت الدولة بكل أجهزتها، وتُوّجت المساعي بإعلان 3 تموز/ يوليو 2013 المشؤوم.
تشير هذه الوقائع إلى تنامي الحالة الرافضة لكل ما يتعلق بالشأن الديني بين "النشطاء" على وجه التحديد، وتشير إلى الإصرار على إلصاق الدين بسلوكيات الدعاة المنتسبين إليه
وُقّعت عام 1648 معاهدة "وستفاليا" التي أنهت ثلاثين عاما من الحروب الدينية في أوروبا، صحيح أنها لم تقضِ تماما على النزاعات الدينية، لكنها مهّدت الطريق لشكل التنظيم الدولي الذي استمر لأربعة قرون عقب هذا الصلح.
ما تحتاجه الدعوة الدينية أن يتوافر لها ثلاثة أمور، أولهم: وجود مناخ حر يسمح بتفاعل الحركات الدعوية مع المجتمع مما يسمح لها بالتطور الذاتي، والاستقلال المالي عن السلطة السياسية، تكثيف عمليات تأهيل الدعاة ليقوموا بوظيفتهم على أقرب وجوه الإحسان في العمل والإرشاد.
أتساءل، لو كان هناك تغير في تلك الدعوة، وتم توجيه دعوة مشابهة من سفارة تركيا أو قطر في مصر لشخصيات عامة، فكيف سيتعامل النظام المصري مع الدعوة؟ والأهم كيف سيتعامل مع المدعويين؟
إن الوضع المصري لم يعد يحتمل تجددا للمظالم أو عدم رفع المظالم الحاصلة، وأولها المظالم الاقتصادية، ولم يعد يحتمل ممارسات بهذه الخفة في التقدير، ومن سيعوّق ضبط الأوضاع سيتجاوزه الزمن والشارع، وتستوي في ذلك الأطراف الرسمية والأهلية
لإبعاد شبهة المبالغة في التوصيف يمكن للمتابع أن يقارن بين حال بلد كسوريا في ظل الاحتلال الأجنبي بخسته وإجرامه، وبين حاله في ظل نظام السفاح الحالي وأبيه، إذ لم نسمع عن قتل مئات الآلاف بهذه الصورة إلا في ظل نظام "الممانعة والقومية العربية"
تناقل البعض في الآونة الأخيرة عن موظف عمومي في دولة نامية؛ أنه احتاج لخمسين سنة لكي يفهم مفهوم الدولة، الأمر الذي جعله يسعى لعمل أكاديمية حتى لا يتصدر أحد للشأن العام دون علم كاف