الإصرار على الدخول في معركة خاسرة، وعلى أمل خلّب بالانتصار، وإنما بسبب عدم القدرة على استيعاب ضربة ثقيلة جداً، حتى لو أحدثت زلزالاً، فهذا يعني أنك فقدت الصواب، وجننت. فتصرفت مثل المقامر الذي خسر كل ماله. ولم يستطع أن يقوم من طاولة القمار إلاّ إلى الانتحار، أو التسوّل في الشوارع مخموراً منهنهاً..
لا يجوز لأحد أن يربط بين المجازر التي ترتكب في حروب التحرير والاستقلال، أو حتى أيّة حروب من جهة، وبين المقاومات المشروعة، من جهة أخرى. وإذا انطبق هذا، حتى على الردود ذات الطابع العسكري. فكيف إذا كان الرد، كما فعل الكيان الصهيوني، بارتكاب جرائم إبادة لا مثيل لها.
إن كل هذا يوجب أن يُشعر غزة بأنها ليست وحدها، وأن الأمة معها، والشعوب تنتظر انتصارها، ثم لا يجوز لأحد أن ينقاد وراء خيبة أمله، حين لم يرَ الملايين في الشوارع فاعلة، كما يحبها أن تعمل. بل لم تعمل، كما هي تحب أن تعمل، في ترجمة موقفها إلى شارع هادر فعال.
قضية فلسطين الراهنة ليست قضية غزة وحدها، وإنما هي قضية المسجد الأقصى والقدس والضفة الغربية كذلك. والاستراتيجية والسياسات الصهيونية راهناً، تهدف إلى ترحيل أهالي غزة، وإعادة احتلالها واستيطانها..
يجب أن نعجب، ثم نسأل: كيف يمشي جنباً إلى جنب ما يجري من مجزرة متواصلة، على مدار الساعة، وطوال ما يقرب الأشهر الخمسة، وقد تعدّى القتلى الشهداء والجرحى، ومن ما زالوا تحت الردم، أكثر من مائة ألف، والحبل على الجرار..
لقد عادت موضوعة حلّ الدولتين للتداول من جديد، من قِبَل الدول الكبرى: أولاً من قِبَل أمريكا وبريطانيا وفرنسا (أوروبا عموماً)، وثانياً روسيا والصين، وثالثاً من جهة الدول العربية، كما من جهة كثرة من الدول الإسلامية، والعالم ثالثية.
قبول محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى التي قدمتها دولة جنوبي أفريقيا، ضد "دولة إسرائيل" (الكيان الصهيوني). وجّه صفعة قوية للكيان الصهيوني ولأمريكا والغرب عموماً. لأن محتوى الدعوى يستند إلى قانون الإبادة البشرية. وهي بالطبع أبشع تهمة توجّه إلى دولة، وأسوأ جريمة ترتكبها دولة. فكيف إذا كانت الدولة المعنية "دولة إسرائيل" التي عوملت، منذ تأسيسها، باعتبارها الدولة الوحيدة فوق القانون، مهما انتهكت من قانون دولي، وارتكبت من جرائم القتل الجماعي، وجرائم حرب.
منير شفيق يكتب: الحديث عن اليوم التالي في قطاع غزة لا يشكل الخطورة التي يشكلها بالنسبة إلى المسجد الأقصى والقدس والضفة الغربية، لأن اليوم التالي معروف المصير في قطاع غزة على ضوء ما ستحققه المقاومة في اليوم الأخير للعدوان. أما بالنسبة إلى الضفة الغربية والقدس والمسجد الأقصى، فإن اليوم التالي هو الأكثر خطورة وإلحاحا، بعد اليوم الأخير من العدوان على قطاع غزة
نتنياهو ليس من الرجال الذين يتحملون، بشهامة، مسؤولية عن أخطاء ارتكبوها، أو تسببوا بها. فهو لا يملك الشجاعة التي يفترض بالقائد التحلي بها، ولا تتوفر فيه سمة تغليب أيّة مصلحة عامة للكيان على مصلحته الشخصية، إذ يتعارضان. بل هو من نوع "القادة" الذين يضحون بالدماء..
منير شفيق يكتب: كل من يعتبر أن فعلا للمقاومة هو المتسبب لما يفعله قادة الاحتلال، يضع الحَبّ في طاحونة الاحتلال. ولا تنجيه من ذلك براءة سريرته أو حسن مقصده، فالعدو المحتل هو المجرم من حيث كونه محتلا
الحرب البريّة هي الأخطر على مستقبل الحرب ومآلاتها، لأنها هي التي تقرر لِمن النصر، فيما الحرب على المدنيين تقتل وتدمر بلا حساب، وبتفوّق عسكري مطلق، إلاّ أنها لا تحقق نصراً من الجو، فالنصر لا بد من أن يمشي على قدميه فوق الأرض المعنية.
إننا بعد وقف إطلاق النار أمام مرحلة جديدة ابتعد فيها أي حل سياسي، كما كان بعيداً منذ النكبة 1948-1949 حتى اليوم. فنحن أمام تشكل حالة فلسطينية جديدة لاستمرار الصراع مع الكيان الصهيوني، تختلف عن كل الحالات السابقة التي عرفها الصراع: حرب وجود..
منير شفيق يكتب: العالم الغربي يشنّ حربا عالمية ضد منطقة صغيرة، وصغيرة جدا، علما أن الحروب العالمية تشنّ ضد دول كبرى، ذوات جيوش جرارة، وسلاح متفوق، الأمر الذي يعني أن أمريكا والغرب يشنون حربا عالمية عجيبة تقف على رأسها
منير شفيق يكتب: أصبح من الواجب تشكيل تكتل عالمي من الدول التي تعتبر أن جريمة الإبادة -جريمة الحرب بحق مئات الألوف من المدنيين في قطاع غزة- لم تعد تُحتمل، ولا يجوز أن تستمر، ويجب وقفها بكل وسيلة. وهذا التدخل أصبح من مسؤولية دول كل العالم فرادى وتكتلات
إذا كان المطلوب تحقيق هدف القضاء على حماس والجهاد وفصائل المقاومة في قطاع غزة، فلن يتحقق ذلك إلاّ باقتحام غزة، والمواجهة القتالية من مسافة صفر. وهذا لا يمكن أن يتحقق من خلال تقتيل آلاف المدنيين، وتدمير أحياء بكاملها، والقضاء على المشافي والمساجد والكنائس..