في ظل هذا المناخ الدولي الملبد نفهم ترحيب حفتر بفتح الطريق الساحلي وتماهيه مع المطلب الدولي لإخراج المرتزقة من البلاد، وسيكون الاختبار الحقيقي لموقف حفتر وتصريحه بالأمس وقوع تطور مهم في موقفه تجاه المرتزقة الروس..
يرى كثير من الإخوان في ليبيا أن قيادة الحزب اتجهت بالحزب بعيدا عن الغاية التي تأسس من أجلها، وهو أنه مشروع سياسي بمرجعية إسلامية، بمعنى أن إسلاميته ينبغي أن تكون جزءا من أدائه السياسي، وأنه وقع فريسة الضغوط الداخلية والخارجية..
يواجه حفتر ضغوطا من الغرب وواجه جفاء من حلفائه الإقليميين، ويواجه توترا وقلقا وحتى تصدعا في القاعدة الشعبية والقبلية التي دعمته بقوة منذ 2014م، وبالتالي صار التوافق مع المسار السياسي والاتجاه إلى الانتخابات هو أولويته، وهو يحتاج إلى دعم عقيلة..
اللافت هو الحديث عن "اللحمة الوطنية"، وليبيا الموحدة، والحكومة الواحدة، على لسان كل من تحدثوا بين يدي رئيس الحكومة، وذلك في ظل ارتفاع الحس الجهوي لدى من أصبحوا لفترة لسان حال ومقال الشرق الليبي..
على هامش هذا الجدل، وبالنظر إلى احتمال تأزم الخلاف أكثر، فإن الصوت الخافت الذي لا يرى للانتخابات جدوى يمكن أن يرتفع، وفي حال أصبح صداه مسموعا، سنتجه إلى مستوى أكثر تأزيما، والتوقعات بعد ذلك لا تخفى على أحد..
صحيح أن باريس قلقة من تعاظم النفوذ التركي في الغرب الليبي، إلا إن السبب الأبرز خلف التحول الفرنسي من العسكري السلبي إلى السياسي والدبلوماسي البناء هو النفوذ الروسي في الجنوب الذي أصبح مهددا للمصالح الفرنسية هناك،
إن التعقيدات والعراقيل التي تواجه المسار السياسي وفي مقدمتها الخلاف حول الأساس الدستوري والمناصب السيادية قابلة للحل إلا ما يتعلق منها بالمشير، فتلك لا يمكن تجاوزها، كما أن الضغط لتمريرها سيكون بمثابة إعلان حرب بالنسبة لحفتر..
حفتر غارق في بحر أوهام القوة والسطوة، ولا يرى إلا الدبابة والمدفع والطائرة سبيلا لتحقيق أمانيه في الجلوس على كرسي الحكم في العاصمة، فلماذا لا يدرك الموهومون أنه لن يستطع فعل ذلك، وحتى لو نجح فإنه غير مؤهل ولا قادر على إدارة البلاد وإخراجها من وضعها المتردي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى أمنيا،
لأن العقلية المتمردة والرافضة لفلسفة التحول والمتعالية على اشتراطات الانتقال الديمقراطي موجودة ونافذة، فإن الأمل في أن يقع انتقال ديمقراطي سلس وندخل مرحلة الاستقرار ما يزال باهتا..
المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي الليبية يرى أن هناك من يلوك ويكرر كلام بعض النخبة السياسية والإعلامية العربية التي قادها تطرفها في معاداة الآخر العربي والفلسطيني إلى الاصطفاف مع العدو الغاصب الذي تورط في أعظم جرائم الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية في الزمن المعاصر.
السيد دبيبة يواجه تحديات من الجبهة الشرقية، ويبدو أنه سيكون أمام ضغوط كبيرة من الجبهة الغربية، وهذه بداية ليست موقفة، فهو في مواجهة اختبارات تتطلب حكمة عالية وحزما لا تردد معه، أزعم بأنهما ما يزالان غائبين حتى اللحظة
الملاحظ أن التوتر الذي هو سيد الموقف اليوم يقع بعيدا عن تأثير وتوجيه الأطراف الدولية، خاصة التي نجحت في جر الجميع إلى طاولة التفاوض ونجحت في تمرير الاتفاق السياسي وحكومة صادق عليها البرلمان، وهي مسألة فارقة بالنظر لما وقع لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج..
حفتر يا سيدة نجلاء ما يزال خطرا على الاستقرار وخطرا حتى على حكومة الوحدة الوطنية، وبالتالي كان من المفترض مواجهة الطليان وغيرهم من المتحفظين على العلاقة مع تركيا بهذه الحقيقة، وهي استمرار التهديد من جانب حفتر وحلفائه
هناك لغط حول شحنة أسلحة يمكن أن تكون وصلت لحفتر من القاهرة، وهو ما يتطلب حذرا وحكمة في مقاربة الحكومة للتعاطي مع هذا الوضع المعقد، والابتعاد عما يمكن اعتباره انحياز قد يبرر عودة التدخل.