لا أرى أن الأمور جيدة بالنسبة للسعودية قائدة التحالف، حتى بعد فرض مجلس القيادة الرئاسي؛ على الرغم من التأييد الدولي لهذا المجلس، إذ يتعين عليها أن تتهيأ لمرحلة ما بعد الهدنة المقرر أن تنتهي بحلول نهاية هذا الشهر، وسط تصعيد واضح من جانب الحوثيين يشي بأنهم استثمروا الهدنة جيدا في التحضير لمعارك الحسم
هل هذه الزيارة تدور حول الدعم المفترض للمجلس للقيام بدوره من نقطة الصفر تقريباً؟ الأمر هنا يتعلق بكل شيء تقريباً يحتاجه المجلس للنجاح في مهمته وعلى كافة المستويات، السياسية والعسكرية والاقتصادية وحتى اللوجستية
من الواضح أن مبدأ الشراكة الذي شدد عليه الرئيس رشاد لن يتعدى مسألة التقاسم الذي يتحكم به طرفان؛ هما السلطة الشرعية وجزء منها رئيس المجلس الانتقالي ورجاله من جهة، والمجلس الانتقالي "الانفصالي" من جهة أخرى، وهو ما يهدد مستقبل العمل في إطار التركيبة السياسية والقيادية الحالية ويفقد الشراكة معناها..
يواجه مجلس القيادة الانتقالي تحديات عديدة داخلية وأخرى خارجية، يفترض أن يسهم التغلب عليها في تكريس شرعيته ليس فقط بديلاً عن الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تنازل عن السلطة ضمن إجراء إشكالي لا يزال يضع هذا التغيير ضمن مفهوم الانقلاب المتفق عليه، ولكن أيضاً بديلاً عن سلطات الأمر الواقع..
في إجراء يشبه الانقلاب، أُجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي، فجر السابع من نيسان/ أبريل الجاري على تسليم السلطة لمجلس قيادة رئاسي من ثمانية أعضاء، برئاسة اللواء الدكتور رشاد محمد العليمي، أربعة من هم يمثلون المحافظات الجنوبية وأربعة يمثلون المحافظات الشمالية..
الجديد في هذه الهدنة أنها أعادت الأمور إلى نصابها، فقد تولت الحكومة الشرعية وإن بصورة اسمية بالتأكيد، الموافقة على الهدنة، وبدا ما يسمى بـ تحالف دعم الشرعية طرفاً مسانداً لما اتخذته الحكومة من موقف حيال هذا الاتفاق..
أخطر ما تنتظره السعودية جراء استمرار حربها المفتوحة في اليمن، هو أن تتعزز معادلة الردع التي أقامها الحوثيون مع السعودية، بدعم سخي ومغامر وطائفي من قبل إيران، بدعم أمريكي خفي
لأنها تدرك تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي فإنها ترى في "مؤتمر الرياض-2" دليلاً منمقاً تريد أن تثبت من خلاله أنها حريصة على تحقيق السلام في اليمن، وهي رسالة موجهة للغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص..
الحرب ضد الحوثيين تعبر عن مأزق الرياض بصورة أكبر وتكاد بالفعل أن تتحول إلى مأزق وجودي، ومعه ترى الرياض أن إدارة الرئيس بايدن تتخلى عن شراكتها الطويلة الأمد مع السعودية وتعيد ترتيب علاقاتها مع الدور المدمر لإيران في المنطقة
الحرب اليمنية، في ظل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تنذر -لا شك- بمتاعب مستقبلية كبيرة وتداعيات خطيرة على دولتي التحالف، ومع ذلك نرى الحرب تمضي بالوتيرة الاستنزافية ذاتها، التي تستند إلى مبدأ التضحية بالحليف الداخلي وإنهاكه..
تُقدم الحرب الروسية ضد أوكرانيا مثالاً صارخاً على عقيدة المجتمع الدولي، وعلى انحيازه لخيار القوة في حسم الصراعات، إذ أن رد الفعل الغربي على العدوان الروسي جاء مكافئاً من حيث القوة، وإن كان يستهدف شل روسيا اقتصادياً وعزلها سياسياً
على خط الصراع تتسلل مصر، ليس عبر البارجات أو الطائرات بل عبر نواة من ضباطها، إلى مناطق إعادة التموضع التي قامت بها قوات سعودية في محافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان، وأخرى إماراتية في محافظة شبوة التي أطيح بمحافظها الموالي للشرعية..
هذا يدعو إلى التساؤل عن مصداقية الأنباء التي تحدثت عن دخول لواءين عسكريين سعوديين إلى ساحة المعارك في حرض وعبر الحدود اليمنية السعودية، وسط توقعات مرتفعة بنتائج مبهرة ستتحقق، فيما كان البعض قد أبقى توقعاته عند حدود الطموحات السعودية..
لم يكن يهتم أكثر من رؤية حزب التجمع اليمني للإصلاح مهزوماً ومحطماً وخارج المعادلة السياسية، وهو هدف تشاركه آنذاك مع أطراف إقليمية ودولية أبدت ارتياحاً لدخول الحوثيين صنعاء، انطلاقاً من مواقف متشددة إلى حد كبير تجاه الربيع العربي وحوامله السياسية
الإمارات كما هي السعودية لا تجد صعوبة في تغيير قواعد اللعبة، في ظل الانكفاء الواضح للشرعية، وافتقادها ميزة السيطرة الميدانية على القوات والاستقلالية لجهة الدعم العسكري، إلى جانب اتساع المجال أمام قوات وظيفية كألوية العمالقة..
يفسر لماذا غاب الحديث عن تنفيذ اتفاق الرياض، ولماذا تحول رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي إلى عهدة سياسية مستديمة لدى الرياض؛ مثله مثل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ولماذا أطل عبر فضائيات سعودية وإماراتية من الرياض في هذه المرحلة..