كان واضحا أن مبادرة كيري لا تحمل الكثير من الخير لليمنيين؛ لأنها تستهدف بشكل واضح تقويض مرجعيات الحل السياسي، وتطيح تلقائيا بالسلطة الشرعية، وتضمن التمكين السياسي للحوثيين، إلا أنها مع ذلك تتضمن المزيد من إطلاق يد المملكة في اليمن، من خلال الربط المباشر بين الحل السياسي في اليمن.
السعودية كبلد أساسي ومتحكم في مشهد الحرب والسلم في اليمن في هذه المرحلة مثله مثل التحالف العربي الذي تعتبر الإمارات القوة الثانية فيه، كلاهما لم يكشف بعد عن الأهداف الحقيقية لتدخلهما العسكري في اليمن، ولكن السلوك الذي يمارسانه يدل على الطبيعة السيئة لهذه الأهداف.
يدعي التحالف العربي أنه يواجه المشروع الإيراني في اليمن، ولا أرى ما ينجزه التحالف في اليمن سوى إسهام مجاني وعبثي لتمكين للنفوذ الإيراني، وربما لن ينسحب التحالف العربي من اليمن..
سبق لبرلماني بارز ووزير سابق في حكومة الوفاق الوطني أن عرض قبل نحو ستة أشهر تقريبا مقترحا بكيفية التعاطي مع مجلس النواب، بهدف ضمان عدم توظيفه بأي شكل من الأشكال من صاحب أكبر كتلة برلمانية فيه.
تثبت لندن أنها المدينة التي لا تزال تتحكم في العديد من الخيوط المتصلة بتطورات الأحداث العالمية، ويبدو أن اليمن هو أحد الدول التي لم تخرج حتى الآن من تأثير المستعمر البريطاني السابق للجزء الجنوبي من البلاد، وها هي تستضيف اجتماعاً استثنائياً في غاية الأهمية لإعادة صياغة مستقبل اليمن ما بعد الحرب.
في الليلة الظلماء التي عاشتها تركيا كنت ومعي الملايين الذين استقر بهم الحال في هذا البلد الرائع، يفكرون مليا في المستقبل، لكن بكثير من القلق، لإدراكنا أن هذا الانقلاب الذي حاول إنجازه قطاعٌ من الجيش التركي، ليس له أهداف سياسية..
توقفت مشاورات الكويت بين الأطراف اليمنية، ودخلت مرحلة الجمود تقريبا، وفي المقابل تحركت الدبابات والمدرعات، وازدادت حدة المواجهات، إلى حد يمكن معه وصف ما يجري بأنه ترجيحٌ لكفة الخيار العسكري الذي قد نرى صنعاء مسرحا له..
الجميع تقريبا ينتظر اللحظة التي يُعلن فيها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، رؤية المنظمة الدولية للحل السياسي في اليمن، هذا إن كان لا يزال يمتلك الشجاعة للإقدام على هذه الخطوة..
بعد أكثر من خمسين يوما على انطلاق مشاورات الكويت، لم يعد بالإمكان الحديث عن حل سياسي، يعيد الأطراف اليمنية إلى مسار التسوية الذي كانوا قد مضوا فيه قبل انقلاب 21 أيلول/ سبتمبر 2014..
المشاورات الخفية التي تجري تحت قناع مشاورات الكويت، ومنسوب النجاح والإخفاق ومستوى الضغوط أيضا، هي التي تفسر لماذا عاودت مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح قصف تعز بهذه الصورة الوحشية.
حتى هذه اللحظة لم تفارق مخيلتي مشاهد التهجير القسري من مدينة عدن، المستعمرة البريطانية السابقة الواقعة في جنوب اليمن، تلك المشاهد التي يتم تداولها على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي..