لكن كيف نفسر استمرار تحليق طيران التحالف وتعمده فتح حاجز الصوت فوق مواقع القوات الحكومية المرابطة في أبين سوى أنه يوجه رسائل تحذيرية واضحة لهذه القوات بأنه ليس بوسعها التحرك باتجاه عدن بأي حال من الأحوال..
مأساة اليمن بسبب هذا الانقلاب الذي نُفِّذَ بغطاء سعودي إماراتي أمريكي بريطاني فرنسي؛ كبيرة جداً، لكن تداعيات الحرب اليمنية تبدو أكثر خطورة وأشد إيلاماً بالنسبة لدولة مثل السعودية
الإمارات التي تتحكم بمشهد الحرب في اليمن تبدو في منأى عن تداعياتها، لذا لن تكترث، قياساً بالسعودية التي تتكبد خسائر مادية ومعنوية تساهم في تآكل سمعتها ومكانتها. وتأسيساً على ذلك، يمكن للإمارات أن تواصل مخطط إفشال التحالف
ثمة سُحب سوداء تحلق في سماء العلاقة السعودية الإماراتية، وهو تطور تحول معه ضعف السلطة الشرعية إلى سبب من أسباب تنامي فرصها في استعادة النفوذ الذي كاد يتبدد تحت وقع التحولات الخطيرة في أجندة التحالف، من دحر الانقلاب إلى استهداف مكونات الشرعية
الصمت السعودي يدفع إلى الاعتقاد بأن الرياض لا تكترث إلى نتائج القصف، بل تباركها، إذ يتسق ذلك مع الموقف الاستراتيجي المشترك مع أبو ظبي، والهادف إلى إضعاف الدولة اليمنية وتفكيكها كمحصلة نهائية لهذه الحرب
إن مشروع الانقلاب الذي تموله الإمارات في جنوب اليمن، قد مني بهزيمة ساحقة، بعدما أصبحت المواجهة الحقيقية بين السلطة الشرعية والإمارات، ومع مواجهة كهذه فقد باتت الإمارات طرفاً منبوذاً وفاقداً للمشروعية..
أكثر ما يلفت في انقلاب عدن الذي نفذ أوائل شهر آب/ أغسطس الجاري بأسلحة التحالف وإمكانياته ونفوذه في هذه المدينة، الموقف السعودي الذي يراوح بين التغطية الكاملة للانقلاب والعمل التكتيكي لمواجهة تداعياته..
عدن مقبلة على تطورات أبرز ملامحها القطع مع الدولة اليمنية ببنكها المركزي وآليات إدارة المرافق وبالترتيبات التي أمنت وضعاً معيشياً لمعظم سكان الجنوب وبعض المناطق المحررة في الشمال على مدى العامين الماضيين..
التحدي الأكبر الذي يواجه مخطط التثوير الشعبي في فرض الانفصال، هو أنه يتجاهل صمت الشارع العدني والجنوبي عامة حيال الجلبة التي تحدثها الإمارات عبر أدواتها، ليظهر هذا السلوط الهمجي الترويعي وكأنه خيار شعبي جنوبي
تشير تصريحات هاني بن بريك إلى استمراره في محاربة من يسميهم الخوارج؛ الذين يحصرهم في الإخوان والقاعدة وداعش، ما يعني أن شيوخه من رموز السلفية المغدور بهم يندرجون ضمن هذا التوصيف؛ لأنهم رفضوا أن يكونوا جزءا من المشروع الإماراتي
سيكتب التاريخ أن السعودية خرجت مهزومة من حرب كان يمكن أن تكسبها بسهولة، وكان بإمكانها أن تُبقي معها على اليمن شريكاً عربيا حقيقيا، على قاعدة المصالح المشتركة وحسن الجوار
الامارات باتت طرفاً سيئاً في معادلة الصراع الدائر في اليمن، بالنظر إلى توفر مؤشرات على أنها باتت جزءا من مخطط تمكين الحوثيين، بعد أن فشلت في تحويل المعركة إلى هدف أساسي، وهو القضاء على الحوامل السياسية للثورة
الخطاب الإعلامي والسياسي السعودي ما يفتأ يُعرِّضُ بحلفائه ويَصمهمْ بالتخاذل والخيانة والإرهاب، ويتعمد تحميلهم تبعات الفشل الذي تحصده الرياض في اليمن؛ نتيجة سياساتها الكارثية المرتهنة للغرب وللأجندة الخبيثة لأبو ظبي..
لا يزال الخطاب الإعلامي السعودي يصرف أنظار السعوديين إلى المساحة الهامشية في الصراع الذي بات يهدد وجوديا الدولة السعودية نفسها، وليس فقط الدولة اليمنية، حيث يتجه هذا الخطاب نحو استهداف مكونات الشرعية اليمنية وشيطنتها واستمرار وصمها بالأخونة
على هذا العبث إذا أن يتوقف، وتتوقف معه هذه الوتيرة من السلوك المتعالي الذي تظهره القوات السعودية متفردة في القرار السياسي والعسكري والاقتصادي في محافظة المهرة، مستغلة الصمت المريب من قبل رموز السلطة الشرعية المختطفين في الرياض