ما كان أعتى المنظرين القوميين في زمن رياضة الانقلابات ليتخيل أن الشعب العربي واحد موحد في الهموم والآمال، كما يظهر الآن، حيث يصيح صائح في السودان فيجيبه آخر في ساحات الجزائر، فينفعل تونسي ومصري، ويبكيان ويضحكان، ويأمل يمني وسوري، وربما ارتجف قلب مقهور في نجد والحجاز وإن صمت حتى حين
الطبقة الوسطى لن تفلح في فرض رئيسها؛ لأنها طبقة من المحاسبين. وهي ليست معنية حقيقة بالديمقراطية الشكلية فهي ثمرة سياسات بن علي الليبرالية القائمة أصلا على الفساد. وكل من قد يعمل على استقطباها ينسى طبيعتها الانتهازية
فرنسا حكمت المغرب العربي قرنين بشكل مباشر أو من وراء ستار حكومات مصطنعة على هواها. وحقرت الثقافة المحلية ودمرتها محاولة فرض ثقافتها ولغتها على طبقة المثقفين في المنطقة..
حوّل اليسار التونسي الثقافة التونسية إلى ضيعة خاصة مغلقة لا يمكن الدخول إليها إلا ببطاقة الانتماء الأيديولوجي وبشرط إثبات لا غبار عليه أن تكون ساهمت في معركة اليسار ضد الإخوانجية..
الإسلاميون التونسيون، وأخص حزب النهضة، يسيرون في طريق اليسار التونسي من حيث الاستعدادات للاندماج والتخلي، مع إضافة مهمة هي أن خطاب الهوية سيكون الوسيلة/ المطية، وهو أمر أخطر من خطاب الثورة الاجتماعية الذي لا يسند نفسه بمرجعية غيبية أخلاقية أو معيار ما فوق اجتماعي
تصفية النظام السياسي الفاسد، وبناء مؤسسات تدير البلد بشفافية وتعيد ثقة الناس في بلدهم وتدفعهم للاستقرار بأرضهم، ولو بعد زمن، مقدمة في رأيي على معالجة طبيعة الدولة
لقد عملت الأنظمة على التفتيت أكثر مما عملت على التجميع، لكن الروح المغاربية بقيت واتسعت، ونحن نراها في اللقاء اليومي بين مواطني الأقطار الخمسة. ولعل أجمل تجلياتها في احتضان التونسيين للثورة الليبية ودعمها في اللحظات الحرجة من انطلاقتها
شبح الانقلاب ساكن في قلب منظومة التفكير القومي العربي، وإذا كان فقد وسيلته في تونس، فإنه لم يعدم وسيلة في مصر. وحتى ينتهي كابوس الانقلابات العربية، فإن القوميين سيظلون محل شك سياسي بين شعوبهم، ولن يطوروا الفكرة القومية ضمن سياق ديمقراطي
إحدى وسائل تفكيك الدولة هي التطور التقني الجبار لأدوات التواصل، لا لأنها تقوم بفضح أكاذيب الدولة اليومية وتفريغ أدواتها الأيديولوجية، كالمدرسة والجامعة، من كل مهام غسيل الدماغ الفاشية فحسب، بل لأنها سمحت للناس بإدارة شؤونهم دون العودة إلى الدولة وقنواتها
لم يفهم أي من أطياف السياسة أنهم بعيدون عن حكم البلد مجتمعين أو متفرقين ما داموا ألعوبة في يد هذه الطبقة الذكية التي تتحرك دوما من وراء حجاب، وليست معنية بتنمية البلد بقدر سعيها إلى تنمية ثرواتها الخاصة