وتذهب جل التوقعات إلى أن المنافسة ستكون شديدة جدا، ولا بد من دور ثان، فلا أحد رجح مرور مرشح من الدور الأول. وسينظم الدور الثاني بعد أن تجرى الانتخابات التشريعية في الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر، لتتم العودة إلى الدور الثاني ونعرف الرئيس القادم
لا أكتب هذا للذين يحلمون بتونس بدون إسلاميين، فالزمن يرغمهم على التسليم قريبا بمنظومة حكم يحتل فيها الإسلاميون مكانة أولى. فمنذ أعلن حزب النهضة ترشيح أحد قيادته لمنصب الرئيس، تجاوز الاحتمال الصفر وصار احتمالا كبيرا
قانون التاريخ واحد، الغنائمية أسقطت منظومة بورقيبة ابن علي ولن يختلف مصير حزب "النهضة" إذا تحول إلى فرق من الصيادين المتوحشين. وهناك مؤشرات كثيرة على تسلل الصيادين إلى الصفوف الأولى، نراهم الآن رأي العين.
ما لم تتغير السياسات الخارجية التونسية في اتجاه تكريس السيادة والاستقلال عن فرنسا بالخصوص، بتجديد الأحلاف والوجهات الاقتصادية، فإن الوضع لن يظل فقط على ما هو عليه بل سينهار أكثر، فالعالم من حول تونس لا يتوقف عن التقدم..
هل حسم الأمر إذن وعرفنا الرئيس قبل يوم الذهاب إلى الاقتراع؟ نعم تقريبا.. لقد عرفنا الرئيس الذي سينجح بأمرين: تشتت منافسيه وقوة تحالفاته الداخلية والخارجية، وبالتحديد الرهان الفرنسي عليه..
كانت دورة لكرة القدم مما ينظم دوريا، ولكنها دورة كاشفة لأمر لا تخطئه العين.. المشاركة العربية كشفت شوقا جارفا للوحدة والديمقراطية لدى الشعب العربي المقسم..
هناك حروب ساخنة قادمة ليس هذا الصيف إلا خطوة في طريقها عندما يكف السياسي التونسي عن تمجيد التعادل ويفكر في الانتصار ستبدأ تونس في إعادة بناء سيادتها على شعبها وعلى ثرواتها وعلى مستقبلها
لا شيء أوحى أو يوحي بأن التونسيين مرتبكون أمام مسرحيات الإرهاب والإشاعات، ولا شك في أن من يراقب ردود فعلهم قد أحبط وفقد الأمل من تهييجهم بالخوف والفزع..
سنذهب إلى الانتخابات؛ لأن هناك خوفا كامنا من الفوضى، لكنها ستكون انتخابات بلون وطعم وجبة سجين في الانفرادي؛ مضطر إلى أكل ما يمرر له تحت الباب حتى لا يموت جوعا..
هذه التربية هي التي تنعكس بالضرورة على عقل السياسي ضمن ديمقراطية فتطور الديمقراطية، ولا تعيد إنتاج السياسات الاختزالية التي مارستها الدكتاتوريات ذات التفكير التنظيمي العسكري
بين التمني والتوقع نطرح السؤال، يجمع المتفائلون مؤشرات على اضطراب الموقف الفرنسي في المغرب العربي وأفريقيا، وإيذانه بالأفول، بينما يتحدث واقعيون كثيرون (ولعلنا منهم) عن عملية إعادة انتشار جديدة تبدأ بتغيير الحلفاء، دون تغيير الموقع والتأثير..
فتاوى إباحة بل استحباب استعمال التقنية تتعدد وتتشابه، إلا في مسألة رؤية الهلال. يقف المسلمون عاجزين عن الاتفاق حول استعمال تقنيات علم الفلك الصحيحة في تحديد مواعيد الأهلة في الشهور القمرية، ويظهر الخلاف أكثر حول هلال العيد
مطلوب من حزب النهضة بالذات أن يتحلى بشجاعة كافية ليعمل على تغيير القانون الانتخابي ويتقدم للحكم، إن كان فعلا قادرا على ذلك (ولا نظنه). ويكفي التخفي وراء لغو التوافق، وأن تونس لا تُحكم من حزب واحد..
في غياب مصالحة تاريخية بين القوى التي عارضت الدكتاتورية منذ البدء، أي بين مكونات نخبة الحداثة والإسلاميين، فإن المنظومة تملك أن تتمتع بأيام حكم أخرى طويلة ومريحة