لم يبق في الأبجدية اللبنانية "أهلة" أو "أقواس" أو "مزدوجات" لوضع اسم إسرائيل ضمنها في معرض الإعلان عن ترسيم الحدود البحرية معها. وبالنسبة إلى المفاوض النائب إلياس أبو صعب، فإن لبنان لم يفاوض "دولة العدو الإسرائيلي لأنه يعتبر أن لا وجود لها". وأما الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي يبدو عادة في الصور الرسمية متجهماً مكفهراً، فقد كانت "ضحكته قنطاراً" (طناً) وهو يعلن "الإنجاز" الوحيد في الأيام الأخيرة من عهده.
خلال أقل من أسبوع تبوأت المرأة سدة الحكم في دولتين أوروبيتين رئيسيتين: ليز تراس في بريطانيا، وجورجيا ميلوني في إيطاليا. قبلهما بأشهر كانت أنجيلا ميركل قد أنهت 14 عاماً من الحكم في ألمانيا. وفي غضون ذلك أصبحت المرأة زعيمة البلاد في الدول الاسكندنافية ودول البلطيق، نساء نساء نساء، بدل «كلمات كلمات كلمات»، كما قال هاملت.
لم يستطع العالم العربي خلال 80 عاماً إنشاء إذاعة موازية لـ«بي بي سي». كان يملك أفضل الآلات وأفضل الكفاءات، وكانت لديه الموازنات التي تفوق موازنة الشيخة «بي بي سي» عشرات المرات. لكنه لم يكن يملك الحقيقة ولا الثقة ولا الموضوعية..
معظم أعمال جويس غير قابلة للترجمة إلى العربية. وقبل سنوات انتقدت ترجمة «يوليسس» لأنه يستحيل نقل مناخه إلى العربية، والأفضل عند الاضطرار هو تعريبه، وقد لا ينجح طبعاً..
مشكلة القوي في قوته، تماماً مثلما مشكلة الضعيف في ضعفه. للقوي أن يلوّح بقوته فقط، أما إذا استخدمها فلا يعود قادراً على التراجع أو التوقف، لأن تفسير ذلك عند الآخرين هو الضعف. وإذا أكمل زاد ضرره على نفسه وعلى عدوه وكل من وجد نفسه في الطريق أو على جوانبها، من قريب أو بعيد. وبسبب حرب أوكرانيا، طالت طوابير الانتظار في محطات البنزين في لبنان، وأصبح «تفويل» سيارتك في لندن يكلف فوق المائة جنيه إسترليني، وانخفض سعر الجنيه المصري 20 في المائة بسبب التزامات مصر من الحنطة بالدولار.
بعد نهاية الحرب اللبنانية، عدت إلى بيروت مترددا ومتوجسا. كانت لا تزال في الخوف والظلام والتربص. ودعيت مرة إلى العشاء عند السياسي نسيب لحود، فوصلت إلى منزله على طرق مقفرة ومعتمة.
المسألة، أولاً وأخيراً، مسألة وضوح في الرؤية، وعندها تستقيم قراءة كل شيء. أما المشكلة فهي أن قراءة المستر بايدن ترفض الاعتراف بأن ما طرأ على العالم من تغيرات جوهرية قلب وجه العالم القديم. ليس تغييراً بسيطاً، ولا مادياً، ولا مألوفاً..
ربما لم يُكتب عن مدينة في آداب العالم المعاصر بقدر ما كُتب عن باريس. كانت منفى وملجأ وملهى ومقهى ومكتبة الكتاب والشعراء من أنحاء العالم، خصوصا أمريكا، بفرعيها، الشمالي والجنوبي.
المسألة جدّية يا مولاي. إنها الحرب، وعلينا أن نصدق أنها الحرب. للمرة الأولى العسكريون الغربيون يتكلمون، ورئيس الأركان البريطاني السير الجنرال باتريك ساندرز يقول: «إنها لحظة 1937 بالنسبة إلى بريطانيا، وعلينا أن نواجه التهديد الروسي، وأن نربح». يقول ذلك ويعلن مضاعفة عدد القوات التي في التأهب. وفي مدريد تعلن قمة الناتو رفع العدد سبعة أضعاف إلى 350 ألفاً. وفي ميونيخ تُبلغ قمة الدول السبع فلودومير زيلينسكي أنها سوف ترسل إليه المال والسلاح اللذين طلبهما.
مذهولة مصر أمام ما تسميه «جريمة المنصورة»، حيث أقدم طالب في كلية الآداب على ذبح زميلته في الشارع أمام الناس، وكأنه جميل يكتب قصيدة إلى بثينة. ومصر حزينة ليس فقط بسبب هذه «الجميلة والوحش» بل بسبب تكاثر ونوعية الجرائم التي لا تشبه المجتمع المصري، الذي كان معتاداً، في الماضي، جرائم الشرف أو تلك التي يرتكبها محمود المليجي في الأرياف.
عندما قامت الثورة الفلسطينية في الستينيات، كان بين أدبياتها استخدام عبارة «النازحين». كذلك كانت هناك ناحية قانونية تتضمنها عبارة النزوح، باعتبارها وصفاً لعمل مؤقت ينتهي بمجرد انتهاء ظروف النزوح..
كان الحدث مذهلاً لدرجة أن عالماً جدياً مثل فرنسيس فوكوياما راح يهتف "لقد انتهى التاريخ. التاريخ انتهى". كل علامات النهاية كانت هناك: جدار برلين تفتت، حدود أوروبا الشرقية سقطت، الستار الحديدي سُمع أزيزه وهو يهوي. إنه العام 1990 والقرن المتوحش لن يُختم قبل أن يأخذ معه أسوأ حربين عرفتهما البشرية. لن يشوه أحد الحضارة الأوروبية بعد الآن. حتى الحرب الباردة انتهت. وعندما يبدأ القرن التالي سوف يكون قرن الرقي الأوروبي والسلام العالمي. الصين الفقيرة تزدهر. الهند الجائعة لم تعد تنام على المسامير. وأوروبا واحدة موحدة في ظل العلم والرقي والازدهار.