بدا كما لو كان "خضرة الشريفة"، وكأنه لم يكن يوماً يد المخلوع التي يبطش بها، وعينه التي يرى بها. وكأنه لم يكن يخطف معارضين للحكم وينكل بهم، ولم يعتقل خصوما سياسيين بالمخالفة للقانون
فلما كان صباح يوم العيد، جلست أمام التلفزيون المصري، وهو ينقل صلاة العيد، من مسجد " قيادة القوات الجوية"، وقد حضر الحرس، وغاب المصلون. ومع ذلك كان الوضع قلقاً، والوحيد الذي شعر بالأمان المفقود في أماكن أخرى، هو وزير الداخلية فانتهز الفرصة، ونام!.
ينتمي عبد الفتاح السيسي إلى زمن الأفلام "الأبيض والأسود"، ويبدو أنه منذ أن كان طالباً بالمرحلة الإعدادية، لم يشاهد فيلماً، أو عملاً درامياً، ولهذا فان عقله الدرامي توقف نموه عند أفلام الثلاثينات، التي استدعاها خالد الذكر جمال عبد الناصر، وأعاد تجديدها في عهده، مما مكنه من أن يكون زعيماً شعبياً.
يفتقد عبد الفتاح السيسي للمقومات اللازمة التي تؤهله للقيام بدور "الكبير"، تماما كما يفتقد الوعي اللازم بمتطلبات هذا الدور. وتكمن مشكلته في أنه ظن أن الوظيفة الكبرى التي يشغلها الآن يمكن أن تعوضه عن نقص القدرات..
خسر عبد الفتاح السيسي شعبيته على مراحل في الأوساط الشعبية، وظل محتفظاً بأنصاره من النخبة اليسارية، التي يبدو أنها حددت موقفها منذ البداية بأنها مع السيسي بالباع والذراع مهما فعل،
قدر ومكتوب، وكما قالت جدتي: "المكتوب على الجبين ستراه العين". وقدر عبد الفتاح السيسي أنه كلما خطى خطوة يلتمس فيها مجداً، تعثر وتحول المشهد إلى فضيحة يتغني بها الركبان!
في الذكرى الأولى للانقلاب، ينشغل الثوار بالثورة، وينشغل العاطلون، والقاعدون عن النضال، من أمثالي، بنصف أملاك عبد الفتاح السيسي، الذي وعد بأنه سيتبرع بها للدولة. فقلده كثيرون، باعتباره قدوة. ولأنه كذلك، فلم يتبرع هو ولم يتبرعوا هم!.
فقد كانت ليلة ليلاء، على أنصار عبد الفتاح السيسي، وسيادته يصعد طائرة خادم الحرمين الشريفين، ويلتقي به في صالونها، وهو يبدو في حالة انكماش فطري، نشاهده عليها عندما يلتقي أحداً من قادة الدول، فهكذا شاهدناه مع بوتين، كما شاهدناه مع ملك الأردن.