قد يجعل الله من الكورونا مخرجا للبشرية من ترامب، وقد بدأت بشائر ذلك تترى في استطلاعات الرأي، حيث بدأ جو بايدن منافس ترامب على الرئاسة يتقدم عليه بفارق ينمو يوما بعد يوم، بل إن كامالا هاريس المرشحة لمنصب نائب الرئيس تفوقت على مايك بنس نائب ترامب بفارق 24 نقطة..
تكمن خطورة ظاهرة ترامب في أنها تعطي الأنظمة الديكتاتورية فزاعة تخيف المواطنين من الديمقراطية البرلمانية، بل إن مواطنين يعيشون في ظل أنظمة قمعية قد ينفروا من تلك الديمقراطية بذريعة: هل رأيتم كيف جنت على الولايات المتحدة، فجعلتها تحت إمرة شخص معتوه بلا خلق أو حياء أو ضمير؟
الراجح عندي أنه (البرهان) يأمل في أن يخرج من الأمريكان بصفقة مسيلة للعاب شركاء الحكم في الخرطوم، فيحظى بمناصرتهم لمسعاه التطبيعي، ويصبح رجل واشنطن في الخرطوم، وليس بخافٍ على أحد أن البرهان يريد أن يصبح رئيسا للسودان..
سيوف كثيرة استُلّت من أغمادها للقضاء على فرص ترامب في البقاء في البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى، من بينها كتاب كوهين المذكور أعلاه، وقبله كتاب بنت أخيه ماري ترامب، وكتاب مستشار ترامب السابق لشؤون الأمن القومي جون بولتون، ولعل الضربة القاضية على ترامب تكون كتاب بوب وودوارد..
كل شيء حي جاء من الماء، ولكن قصور ساكني قصور الحكم في السودان يجعل من الماء سببا لهلاك كل ما هو "حي"، ويصبح ما كان ينبغي أن يبقى أخضر، هشيما تذروه الرياح، فلا يبقى سوى لطم الخدود والنواح..
براكين الغضب التي فجرها طلب البرهان تفويضا من الشعب "لينحاز إلى الثورة"، كفيلة بردع البرهان وبطانته من مجرد التفكير ولو همسا في الاستيلاء على السلطة، ولولا أن كارثة الفيضانات والسيول التي دمرت العديد من القرى والبلدات في السودان الشمالي والأوسط مؤخرا، لكانت شوارع المدن تهدر يوما بعد يوم..
من حق كل من يريد للسودان أن يدخل بيت الطاعة الأمريكي من البوابة الإسرائيلية أن يحلم بذلك، ولكن ردود الفعل الشعبية والرسمية الغاضبة على لقاء البرهان-نتنياهو كانت ولا تزال رسالة واضحة بأن التطبيع ليس واردا أصلا في أجندة الحكومة السودانية..
كان منشأ الذريعة التي يتعلل بها الرسميون العرب للتقارب السري والعلني مع إسرائيل: "نريد ما تريده القيادة الفلسطينية" وبعبارة أخرى فهم يقولون إنه إذا كان رب البيت يميّع قضيته، فلا تثريب علينا إن مارسنا التمييع وصولا إلى التطبيع "فلسنا كاثوليكيين أكثر من البابا"..
ما زلت عند رأيي بأن اللغات العامية "قاصرة"، ولكن دون أن يعني ذلك أن من يتواصلون بها "قُصَّر" بأي معنى أو مستوى، فالتواصل اليومي بين الملايين يتم بالعامية لأنها سهلة وخالية من القيود النحوية والمفردات الحوشيَّة، وستظل العامية لغة الأنس والتفاهم بين الناس..
هناك فروق أساسية بين العربية المحكية والفصيحة، ولعل أهمها هو أن الفصحى نظام لغوي مُعرَب، أما العامية فقد سقط منها الإعراب بصورة شبه كلية، كما أنها تميل إلى التبسيط، ولاسيما في القواعد حيث تختفي صيغة المثنى تقريبا وينقص عدد الضمائر، وتختفي أوزان الجمع، وحركات الإعراب..
ترامب ليس أول رئيس أمريكي يجاهر بعنصريته، فقد سبقه إلى المنصب كثيرون لم يكونوا فقط ينظرون إلى السود والسكان الأصليين باستعلاء، بل كانوا يملكون العبيد السود، ومنهم من تاجر بهم، ويأتي على رأسهم أكثرهم شهرة وحظْواً بالتقدير، ألا وهو جورج واشنطن..
صدر قبل أيام قليلة بيان عن القوات المسلحة يتوعد من يسيئون إليها وينشرون عنها الأخبار الكاذبة عبر مختلف الوسائط بالملاحقة القانونية، وأنه تم تكوين كتيبة من أهل القانون والتكنولوجيا لرصد كل ما من شأنه الحط من قدر القوات النظامية..
لا أحسب أن هناك بلدا في العالم المعاصر يتمنى لترامب الفوز في الانتخابات المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فالرجل سيئ في نفسه ومسيء لغيره، ويشكل خطرا على السلم والأمن في جميع القارات: انظر كيف يسعى جاهدا لتوتير العلاقات مع الصين بذرائع سخيفة، بينما حقيقة الأمر هي أنه يغار من نجاح الصين..
إن الأمريكيين وكما جعلوا أنفسهم شرطة العالم، نصبوا أنفسهم قضاة في كل مجال، يحتكمون إلى نصوص مطاطية تجعل منهم أخيار العالم، ومن يخالف نهجهم أعضاء في محور الشر، ولهذا يرمون غيرهم بشرورهم وينسلون..
إذا كان مجرد اقتران امرأة برأس الدولة يجعلها حتى في نظام ديمقراطي تتفرعن دون خوف من المساءلة، وإذا كانت زوجات الديكتاتوريين يتصرفن في المال العام متمتعات بحصانات من الملاحقة القانونية، فما أصدق مقولة المؤرخ البريطاني جون إيمريك إدوارد آكتون بان السلطة المطلقة تفسد إفسادا مطلقا..
مثل جميع غلاة اليمينيين في الولايات المتحدة فإن بولتون ميكافيللي انتهازي، ولا يخامرني شك في أنه، وقد فقد وظيفته العالية بالطرد وليس بالاستقالة احتجاجا ورفضا لتجاوزات ترامب التي كان شاهدا عليها، رضي من الغنيمة "بالكتاب"..