في شريعة الغاب التي تحكمنا اليوم، فالمنتصر هو صاحب الحق ولو كان ظالما، وهو الصادق ولو كان كذوبا، وهو الأمين ولو كان خائنا، وهو الوطني ولو باع الوطن!.. وأما المغلوب فهو المخطئ ولو كان مظلوما، وهو الكاذب ولو كان صدوقا، وهو الخائن ولو كان أمينا..
أنتج عبد الفتاح السيسي الجزء الثالث من مسلسل الاختيار، من أموال القروض، وودائع "المصريين" في البنوك، في محاولة لم يجن منها سوى سخرية لم يحظ نظير له بمثلها؛ لإعادة إنتاج وتقديم نفسه للشعب المصري الذي استبد به الغضب منه، إلى حد إهانته وتحقيره بأقبح الألفاظ وأشنع الشتائم..
فإذا كان هذا هو حال نساء مصر المعدمات منهن والموسرات على السواء؛ خارج أسوار سجون السيسي، فماذا عن عشرات النساء المعتقلات لموقفهن السياسي الرافض للانقلاب على الشرعية الدستورية؟..
نجحت صفحة "كلنا خالد سعيد" نجاحا باهرا في اختيار "قضيتها" و"أيقونتها"، وأحسنت إنتاجهما، ثم إعادة إنتاجهما طوال فترة "الحملة".. فأما "القضية"، فكانت إزهاق روح شاب بريء تحت التعذيب في أحد أقسام شرطة مبارك.. وأما "الأيقونة"، فكانت وجه "خالد سعيد" الوديع!
ولقد صُدِمتُ حين بحثت في الشبكة العنكبوتية عن الصفحة، أثناء إعداد هذه السلسلة للنشر لنسخ عنوانها، فلم أجدها! ما يعني أن الصفحة قد وُئِدت، عن سابق قصد وتصميم، وترتب على هذه الجريمة الشنعاء محو يوميات واحد من أهم الأحداث الكبرى التي عاشتها مصر خلال المائتي سنة الأخيرة!
لم يدخل أي من هؤلاء القصر الرئاسي طمعا في منصب أو مغنم، وإنما دخلوه مع الرئيس؛ ليعينوه على أداء مهمتة التي كلفه بها الشعب تكليفا حقيقيا، من خلال انتخابات شهد العالم بنزاهتها
القائد العظيم الفذ، هو ذلك القائد الذي يرى في كل جندي متميز من جنوده "مشروع قائد"، جدير بمنافسته وخلافته.. والقائد البائس الجهول هو الذي يرى في كل "ذي رأي" من جنوده تهديدا محتملا له!..
بادرت بكتابة هذا الاقتراح الذي لم يراعِ إلا مصلحة الإخوان المسلمين، كيانا وأفرادا وتاريخا وحاضرا ومستقبلا، ثم أرسلته إلى القيادات العليا في الجناحين، ثم جرى نقاش مع بعضهم، لست في حِل من الخوض في تفاصيله.. وللأسف، فإن كلتا القيادتين لا تريد مغادرة المربع الذي تخندقت فيه
أيها الإخوة المتشاكسون.. أذكركم (إذا كنتم قد نسيتم) بأن الإخوان المسلمين "دعوة" رُويت وعاشت بدماء الآلاف من أبنائها وتضحياتهم، وليست "تركة" رحل عنها آباؤكم وأمهاتكم، فآلت إليكم..
هذه ليست الرسالة الأولى التي تخرج من سجون السيسي، فقد سبقتها رسائل عدة خلال السنوات الثماني المنصرمة، جسدت (كلها) معاناة المعتقلين، وطالبت بوضع حد لهذه المعاناة
هذا الطرح لا يعني فصل الدين عن السياسة، كما قد يتصور البعض، وإنما يعني ممارسة السياسة، بشروطها العبثية واللامنطقية في بلادنا المنكوبة بأنظمتها الشمولية الاستئصالية المعادية للدين، دون أن تكون مطية لهذه الأنظمة تصل بها إلى غاياتها الفاسدة