عندما توافق هوليوود ومثيلاتها الأمريكية على الاحتفال بالرئيس الروسي سينمائيا، يجب أن نفهم أن الروس والأمريكيين باتوا حلفاء يتقاسمون منطقتنا، خاصة سوريا، بمحبة ووئام. لا عجب إذا أن بوتين كان أيضا شخصية العام 2015 في إسرائيل.
إذا أردت أن تتعرف على أعداء أمريكا الحقيقيين فيجب أن تنظر إلى صورتهم في أفلام السينما الأمريكية، فمن عادة السينما الأمريكية أن تشيطن الأعداء وتحتفل بالحلفاء في أفلامها الهوليودية.
كان الإعلام السوري يركز على مدى عقود على ما يسميه بـ"اللُحمة الوطنية" بضم اللام، على اعتبار أن السوريين أخوة، وأن الوحدة الوطنية في سوريا عال العال، وأن السوريين كالبنيان المرصوص، أو كالجسد الواحد..
لا علاقة للتدخل الروسي السافر في سوريا أبدًا بضعف الجبروت الأمريكي، ولا بصعود الجبروت الروسي، بل الأمر برمته مرتبط بمصالح إسرائيل في سوريا خصوصًا والمنطقة عمومًا، وطبعًا بمصالح أمريكا وروسيا المشتركة.
في سوريا، فما أسهل أن تحرض السوريين على رئيسهم وحكومتهم، فلدى كل سوري ألف ثأر وثأر مع النظام الذي سامهم سوء العذاب والظلم، ولم ينجز لهم سوى الفقر والقهر، لهذا كان بإمكان أي "مفعوص" من الداخل والخارج أن يحرض الشعب على نظامه بهدف تخريب البلد ونشر الفوضى وعدم الاستقرار.
النظام السوري باع نفسه وقراره وأرضه وسماءه لأي غريب مستعد أن يحفظ لقياداته كراسيهم حتى لو تحولت هذه الكراسي إلى كراسي كرتونية لا يحق لها إصدار أي قرار عسكري أو سيادي، ويبقى لها قرارات أسعار البندورة والفجل".
عشرات الألوف من الجنود الذين فقدوا بعض أعضائهم في حرب الأسد تحولوا إلى شحاذين حتى في اللاذقية وطرطوس، وقد شاهد الأهالي والد هذا الشهيد أو ذاك وهو يبحث عن شيء يسد رمقه في حاويات الزبالة.
ليس هناك شك بأن السوريين، مؤيدين ومعارضين، باتوا مجرد توابع لمشاريع خارجية ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل. والمضحك في الأمر أن الطرفين يعتقدان أن من يدعمهما من الخارج سيحقق لهما الانتصار على الطرف الآخر، وسيسلمهما مقاليد الحكم في البلاد كي يستخدماها ضد شركائهما في الوطن سحقا وقتلا وتهميشا وإقصاء وتهجي
هل نسيتم يا من تتهمون إسرائيل بالتآمر عليكم بأن أقوى حليف لروسيا التي تحمي النظام في سوريا هي إسرائيل؟ بعبارة أخرى إسرائيل حليفة النظام إذا ما عملنا بالمبدأ السياسي الشهير: حليف حليفي حليفي. وبالتالي من حق السوريين أن يتهموا نظامهم بأنه دمر سوريا بعد أن فشل في السيطرة عليها من أجل عيون إسرائيل.
لماذا يا سيادة اللواء اخترت "عبدالله" و"محمد" وحملتهما كوارث سوريا، ولم تذكر "علي" الآمر الناهي في سوريا منذ حوالي نصف قرن من الزمان؟ لماذا بالمشرمحي تتهم المسلمين السنة بتخريب سوريا، علما أن المسؤولين السنة في البلاد مجرد طراطير لا يمونون على شيء؟
من الواضح أن المعارضين والثوار السوريين لم ينظروا إلى التجارب السابقة وهم يخوضون حربهم ضد نظام بشار الأسد، فظنوا أن الاستيلاء على حلب وإدلب في الشمال ودرعا في الجنوب والرقة في الشرق سيهز عرش النظام.
لقد كنا في الماضي نترك بيوتنا مفتوحة بسبب الأمان الاجتماعي. أما الآن فقد أصبح الكثير من قرانا وبلداتنا الوادعة ينافس حواري واشنطن ونيويورك في السطو على المنازل بسبب ازدياد الفروقات الاجتماعية.
لو أن نظام الأسد تعامل مع المظاهرات الشعبية، أو ما يسميه بالمؤامرة الكونية بروية وحكمة بدل إنزال الجيش إلى الشوارع خلال أسابيع، لما وصلت أوضاع سوريا إلى هذا، ولكان قد خيّب آمال أعداء سوريا كإسرائيل وأمثالها وكل الذين كانوا يتآمرون على سوريا.
لا يكفي أبدا أن تكون قادرا على استخدام العصا الأمنية والعسكرية في وجه الشعوب. هل لديك ما يُسكت جوع الشعوب؟ صحيح أنك تستطيع ترويض الوحوش بقطعة لحم. لكن هل لديك لحم؟ هل تستطيع أن تؤمن أبسط متطلبات الناس كي تجعلهم ينسون الثورات.
واليوم بعد أن أنهت الثورة السورية عامها الخامس، نستطيع القول إن النظام نجح نجاحًا باهرًا في إقناع العالم بأنه يواجه إرهابًا إسلاميًا وليس ثورة شعبية. وقد لاحظنا منذ أشهر كيف بدأ الكبار يتحدثون سرًا وعلنًا عن ضرورة إشراك الجيش السوري في عملية مكافحة الإرهاب في المنطقة.
لاحظوا الفرق بين إسرائيل والنظام السوري، فبينما تطلب إسرائيل من الرئيس الروسي بوتين ليل نهار المساعدة باسترداد رُفات مواطنها كوهين من سوريا، نرى أن بشار الأسد يطلب من بوتين المساعدة في ذبح السوريين واستخدام كل أنواع الأسلحة الروسية الحديثة الفتاكة لقتل الشعب السوري وتدمير سوريا.