هل من المعقول أن هذه القيادة لم تصلها حتى الآن رسالة الشعب الفلسطيني في أنها فقدت الثقة والمصداقية، وأن تكرار الأساليب ذاتها في إعادة إنتاج الفشل مرفوضة بكل اللغات والتعبيرات؟ وإذا لم تصلها، فكيف ومتى ستصلها؟! أم إنها ما تزال تراهن على العكازات العربية والدولية في "إعادة تأهيل السلطة"؟
لعل اختبار المصداقية الأول والمستعجل أمام قيادة فتح الآن، هو في إثبات جديتها في استئناف مسار الإصلاح وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس حقيقية نزيهة وفعالة، وذلك من خلال تحويل قيادة هذا المسار إلى قيادة فلسطينية مؤقتة ذات طبيعة تمثيلية متوافق عليها، لتتولى بنفسها إدارة هذا الملف وإيصاله إلى نهايات
يبدو أنه بات لزاماً على الفلسطينيين أن يخوضوا "معركة نضالية" في مواجهة القيادة الفلسطينية الحالية، في سبيل ترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة الحيوية والفعالية إلى المؤسسات التمثيلية والتنفيذية الفلسطينية، كشرط أساسي لاستنهاض عناصر القوة في مشروع التحرير
بتضافر "الإرادات" الفلسطينية كان يفترض أن ننجح في فرض إرادتنا على العدو وعلى العالم، أما وقد تراجعت قيادة فتح، وأصرت على متابعة دورها المهيمن المستفرد؛ فقد أعادت الجميع إلى المربع الأول.. وأصبحت قضيتنا هي في انتزاع إرادتنا الفلسطينية من هكذا قيادة، كخط استراتيجي أساسي في مسار استنهاض عناصر قوتنا
اللافت للنظر أن "الإسلاميين" أنفسهم لم يعودوا يرفعونه، ولجأ بعضهم إلى تعريف اتجاهه أو حزبه أو حركته بصفات مرتبطة بشعارات عامة كالحرية والعدالة والبناء والتنمية والدستور، أو تعريف نفسه بصفات ذات طبيعة علمانية مغلّفة بغطاء إسلامي
ليس ثمة مشكلة فيمن يتعامل مع الضرورة بشروطها ومقتضياتها في إطار إدارته الواعية الصلبة لمشروعه الإسلامي، ولكن تكمن المشكلة هنا في أن العديد من الإسلاميين حَوَّلوا مع الزمن "الاستثناء" إلى "قاعدة"، و"الضرورة" إلى "حياة طبيعية
لا حلَّ لإدارة هذه "المعادلة الصعبة" إلا أن يكون للمقاومة ما يكفي من أوراق القوة لفرض رؤيتها على البيئة "الرسمية" التي تدخلها؛ وإلا فإنها تخاطر بارتهان "رقبتها" لخصومها وأعدائها
العجلة أخذت بالتحرك باتجاه استحقاق انتخابات المجلس التشريعي للسلطة على الأقل. وأصبح الوقوف إلى جانب قوى المقاومة ونصحها، بعد أن حسمت أمرها بالمشاركة، هو الواجب للخروج بأفضل النتائج وأقل الخسائر المحتملة..
يستسهل معظم السياسيين والإعلاميين والمتحدثين وعامة الناس أن ينسبوا حالة الضعف الفلسطيني إلى "الانقسام"، ويستسهل كثيرون دعوة "طرفي الانقسام" إلى الوحدة، ويلقون باللوم عليهما لإصرار كل طرف على حصته من الكعكة، ولعدم التنازل لمصلحة الوطن
ليس مقبولاً بأي حال أن نصف غير الإسلاميين عند التطبيع بالخيانة وخذلان الأمة وطعن الشعب الفلسطيني، بينما نتحدث عن "فقه" المصلحة والأولويات عندما يتعلق الأمر بالإسلاميين.. هذا انفصام أخلاقي وسياسي مقيت ومرفوض
يجب أن تدرك قوى المقاومة أن قيادة السلطة (فتح) ما زالت تضع نفسها في مربع التسوية، وما زالت تراهن على "الشرعية" الدولية، وعلى حل الدولتين؛ وأن عباس لا يؤمن بالمقاومة المسلحة. وأن مجرد فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية، أظهر مدى "خفة" هذه السلطة، ومدى استخفافها بقوى المقاومة ومدى التعامل التكتيكي معها
كانت هناك "خفة" واحتقار لمسار المصالحة الفلسطينية وترتيب البيت الفلسطيني. فمنذ سنوات لم يشعر الفلسطينيون بأن مسار المصالحة وصل إلى حالة جادة كما وصل إليه هذه الأيام
عنصر ثان ارتبط طردياً بظهور "الترامبية" وتأجج في أجوائها، وهو الضعف الداخلي، وتفكك النسيج الاجتماعي لـ"الأمة الأمريكية"، وتنامي الفوارق الاجتماعية والاقتصادية. وقد ترافق ذلك مع تصاعد النزعات اليمينية