الزلزال الذي أصاب شمال غرب سوريا وجنوب تركيا يثير في النفس شعوراً بالخجل، خجل من الوجود، خجل حيال الضحايا الراحلين، ورعب الأحياء، والمعاناة التي لا ينتهي. الخجل من العجز، الخجل من استجابات القادرين، الخجل من أننا نجونا من الأسوأ، ولم نكن منكشفين مثل أشدنا انكشافاً، العراة إلا من «حياة عارية». بعد قليل تصل مساعدات شحيحة، مصممة لإبقاء الأوضاع كما هي، أي سيئة، لكن دون مفاجآت كبيرة تسبب ضجيجاً.
يبدو تغيير النظام العالمي الحالي برمته أسهل من تحويل إسرائيل إلى دولة غير استعمارية وغير عنصرية وغير نووية، وبالتالي من سلام حقيقي في الشرق الأوسط والعالم..
الحدس الأول في شأن العلاقة بين التفاهة والتوحش الدموي أمْيل إلى افتراض التعارض. يبدو الدمويون من قادة سياسيين وعسكريين ودينيين أفراداً بعزم قوي وتفكير واضح، لا يقف شيء في وجه تحقيق ما عقدوا العزم عليه..
ما وقع في سوريا، ولا يزال يقع، طوال ما يقترب اليوم من 11 عاماً، ليس شيئاً يحدث كل جيل أو جيلين، ولا حتى كل قرن. مفردات الحدث السوري الظاهرة معلومة: نصف مليون ضحية على الأقل، فوق 130 ألفاً معتقلين ومجهولي المصير، خسائر مادية بنحو نصف ترليون من الدولارات، نحو 90% من السكان تحت خطر الفقر..
لا تقتصر أهمية كتاب ميشال سورا «سورية، الدولة المتوحشة» على اقتراحات مفهومية ونظرية تستصلح نظرية ابن خلدون في العصبية والدعوة والمِلْك لشرح تكوين النظام الحاكم في سورية في النصف الأول لحقبة حافظ الأسد، ولا على انحياز سياسي إلى جانب المناضلين ضد الحكم الأسدي يكثّفه عنوان الكتاب ذاته ويبسط مضمونه.
تتواتر دعوات إلى «المراجعة» في أوساط معارضين سوريين، بارتباط ظاهر مع إعادة احتلال حلب من قبل الدولة الأسدية، وأسيادها من الروس والإيرانيين، وإدراك منتشر بمنعطف كبير في مسار الصراع السوري، تزامن مع نهاية عام 2016 المنقضي. ومنذ الآن هناك نصوص ومشاريع في هذا الشأن.