الأزمة العراقيّة اليوم شائكة، ولا تتمثّل في الخلافات داخل البيت السياسيّ الشيعيّ حول رئيس الوزراء المكلّف عدنان الزرفي فحسب، بل نحن أمام مُشكلة نُخبوية
الواقع يؤكّد بأنّ ساسة العراق يَلعبون بالدستور، وينتقون منه ما يتماشى مع أهوائهم ومصالحهم، ويلقون كلّ الموادّ الدستوريّة التي تثبت حقوق المواطنين في البحر!
المتظاهرون العراقيّون رقم صعب جداً في الواقع الجديد، لا تعزله رغبة سياسيّة غير وطنيّة، ولا إرادة خارجيّة حاقدة، ورسالتهم ستقود العراق إلى الحالة الأفضل والأجمل، وستملأ حياة العراقيّين بالعدل والحرّيّة والسلام والديمقراطيّة
في ضوء الفوضى الأمنيّة والدستوريّة في العراق أصدرت سفارات (16) دولة أوروبّيّة ومعهم أمريكا بياناً أدانوا فيه "الاستخدام المفرط والمميت للقوّة من قبل قوّات الأمن العراقيّة والفصائل المسلّحة ضدّ المتظاهرين المسالمين منذ 24 يناير".
حالة الفوضى في البناء الهرميّ للسلطات، وضياع هيبة المناصب الرئاسيّة والبرلمانيّة والوزاريّة، كلّها نتائج طبيعيّة لحالة الفوضى "الولائيّة" والسياسيّة التي أنتجت فوضى إداريّة وأمنيّة عارمة!
ستبقى الدولة العراقيّة تدور في دوّامة الفراغات السياديّة والسياسيّة والدبلوماسيّة والأمنيّة والإنسانيّة والاقتصاديّة وغيرها، ومع كلّ ساعة تمرّ تغرق البلاد بمزيد من أمواج الفراغات والغموض والارتباك، وتدخل في أنفاق قاتلة، وليست مظلمة فقط
التطورات الأخيرة تدلّ على أنّ القوى الشرّيرة تحاول نقل الحرب بالنيابة ما بين طهران وواشنطن إلى أرض العراق، وهذه المحاولات لا تخدم المصلحة العراقيّة العليا بل على خلاف ذلك هي نوع من الدمار التدريجيّ للعراق وجعله ضحيّة لصراع لا ناقة له فيها ولا جمل!
والآن، ومع استمرار رحلة البحث عن رئيس لوزراء العراق، تعود القوى الحاكمة لذات القرصنة الدستوريّة، وليتلاعبوا بالتوقيتات، التي هي من الألفاظ القطعيّة الدلالة في اللغة العربيّة!