تعد معركة حلب بيضة القبان في الثورة السورية، إذ سيترتب عليها نتائج خطيرة، وهذا ما يفسر حرص النظام والروس على النصر فيها، ولو كلف ذلك تدميرها بمن فيها كما هو حاصل الآن.
هذه الأسباب وغيرها جعلت من قوات حماية الشعب عدواً للعرب والكرد على حد سواء، وإن كانت القوى الدولية وموازينها العرجاء فرضت قوات حماية الشعب واقعاً فإنّ حركة التاريخ الطبيعية ستجعل قوات حماية الشعب نسياً منسياً ليبقى العرب والكرد يداً واحدة يجمعهم تاريخ واحد وعقيدة واحدة وأهداف وتطلعات مشتركة.
كشَفَت الثَّورة السورية كثيرا من الحقائق على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي، ولعلّ أخطرَ هذه الحقائق غياب مفهوم الدولة في سوريَا، وتشظي السوريين، وقتلهم بعضهم بعضا، إذ ظهرَ للعيان بعد أكثر من خمس سنوات من عمر الثّورة أنَّ سوريا تُقاد بعقليّة رجال المافيا الطائفيين، وبالتالي قامت العلاقات في سوريا بين السلطة والشعب على مبدأ النفعيّة أولا، وهاجس الخوف ثانيا.
وتبقى حقيقة أن حلب لا يمكن أن تُهزم، لكنّ ذلك لا ينسي حقيقة أنها تحترق وأن أبناءها يقتلون، وينبغي تقديم الدعم لتغيير المعادلة من حلب لا تهزم، إلى حلب تنتصر حتى ننهي حرق حلب.
يعد السيناريو الأول الأنسب للحل، مع تعديلات تشمل الإطاحة ليس ببشار وحسب بل بالصفين الأول والثاني، وحل المؤسسات الأمنية جميعها لأنها جميعا تلطخت بدماء السوريين..
تعطي المؤتمرات المنعقدة لحل المسألة السورية انطباعا سيئا، وشعورا بأنّ المسألة السورية ذاهبة - على الأقل من خلال هذه المؤتمرات - إلى اللاحل. ولا يقتصر الأمر على مؤتمرات جنيف بين المعارضة والنظام، إذ ينسحب الأمر ذاته على مؤتمرات دعم المعارضة السورية.
القضاء على داعش عسكريّا قادم، وسيكون أسهل مما تتصوره القوى الدولية التي تؤخره حتى الآن لغاية في نفس يعقوب، لكن ذلك لن يؤدي لفناء الفكر الداعشي، بل سيمهد، إن استمر سالكا هذا الدرب، لولادة حركات وتنظيمات جهاديّة أشدّ تطرفا من تنظيم الدولة
يثبت القرار الروسي بالمحصلة أنّه يستحيل على أية قوة الحفاظ على الأسد، ويثبت أنّ ساعات بقاء الأسد شارفت على النهاية، فالأسد لا يمكنه الاستمرار من دون روسيا..
لقد تبين أن فصيل "جيش الثوار" عبارة عن مجموعة من مقاتلي الجيش الحر الفاسدين، الذين تسلقوا الثورة السورية، إضافة لخلايا نائمة زرعها النظام السوري لتشويه الثورة، وضرب الحاضنة الشعبية، وتمزيق الثورة من الداخل.
وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التراجيديا السورية بشكل معبّر ومؤثر، وبدا الرجل عارفا بأدق تفاصيل المعاناة، ووصف ما لم تستطع المعارضة السورية وصفه عندما تحدث عن هياكل عظمية تمشي على الأرض، وبدا أنّه يحمل في ثناياه آلام السوريين وعذاباتهم!
نختم بالتأكيد على عبثية مفاوضات جنيف وفق الوضع الراهن، إذ إنه لا يمكن لمن لا يملك شيئا أن يملك مفاتيح الحل، كما أنه لا يمكن للروس أن يوافقوا على حل لا يحقق مصالحهم طالما أنهم ينتصرون وغيرهم يدفع فاتورة الدم..
الثورة السورية غدت ثورة أًمّة، وبالتالي فإنّ انتصارها سيشكل نقطة مفصليّة لا تحدد مستقبل سوريا وحسب، بل مستقبل المنطقة برمتها، وسترسم خارطة المنطقة لقرن من الزمان، وليس أمام السوريين وحلفائهم سوى رفض التدجين، وبناء بلدانهم وفق طموحات شعوب المنطقة لا وفق أهواء القوى الدولية التي رسمت لنا حياتنا
وتستمر جرعات دعم التطرف، إذ قدّم الغرب مبرراً للتطرف عندما اجتمع في فيينا وتجاهل مصير الأسد، وقرر هُوية الدولة السورية المستقبلية، هُوية تتصادم مع تاريخ السوريين الديني والقومي، هُوية علمانيّة مشوّهة اتخذها النظام على مدى عقود ذريعة لقمع أي حراك وطني حر.