تضيف التغيرات الديموغرافية حول العالم أعباء جديدة على التنمية المستدامة، بحسب
الأمم المتحدة، إذ يتناقص العاملون لحساب المتقاعدين وكبار السن خصوصا في الدول الأوروبية المتقدمة.
وفي حين أن أغلب
المهاجرين واللاجئين إلى دول
أوروبا، هم من أصحاب الأعمار المتوسطة، والتي يحتاجها المجتمع الأوروبي بشدة، إلا أن بعض الدول الأوروبية ما زالت ترفض استيعابهم، بينما تستقبلهم دول أخرى على رأسها ألمانيا، إحدى أكبر الاقتصادات في أوروبا.
وطرحت الأمم المتحدة حلا للدول الأوروبية في اجتماعات لجنة السكان والتنمية، لفتت فيه إلى أن
الهجرة ليست دائما مشكلة، حيث أوضح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، في رسالة له أن الهجرة قد تقلل من تأثير الشيخوخة في جميع أنحاء العالم، حيث يميل المهاجرون إلى أن يكونوا أصغر سنا من متوسط عدد السكان في البلد المضيف.
وعليه دعت الدول إلى اعتماد سياسات لتسهيل دخول المهاجرين بطريقة آمنة ومنظمة ومنتظمة.
وبحسب رسالة غوتيرش، فقد قال إن حلا آخر يكمن في الاستثمار في رفاه الفتيات والنساء كوسيلة تفيد سكان العالم وتحقق أهداف التنمية المستدامة.
اقرأ أيضا: العالم يسير نحو الشيخوخة.. وخبراء يناقشون الحلول
الممثل الخاص للأمم المتحدة للأمين العام للهجرة الدولية والتنمية، المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية، بيتر ساذرلاند، قال إن العديد من البلدان المتقدمة تحتاج إلى مهاجرين، ومن بين البلدان العشرة التي تضم أكبر نسبة من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما، هناك تسعة بلدان في أوروبا.
وأشار إلى أن البلدان الصناعية تعاني في كثير من الأحيان من نقص في العمال فقد أقرت هنغاريا مؤخرا بأنها تحتاج إلى 250 ألف عامل أجنبي لسد الثغرات في سوق العمل فيها.
ولفت في مقال له على "بروجيكت سينديكيت" اطلعت عليه "
عربي21" إلى أن المهاجرين ليسوا بالضرورة من غير المتعلمين. ففي عام 2010، كان يحمل 29 بالمائة من المهاجرين إلى دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية شهادات جامعية.
اقرأ أيضا: أوروبا تسير نحو الشيخوخة.. فما هو حال العالم العربي؟
الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله باعشن أوضح لـ"
عربي21" أن القوة البشرية هي أحد أعمدة النهضات الاقتصادية، وإن المهاجرين الذين هم غالبا في الأعمار المتوسطة، أغلبهم بارعون إما في العمل الحرفي، أو الخدمي، أو حتى في مجالات الثورة الصناعية الحديثة، وهم إضافة لأي اقتصاد أو دولة يصلون إليها.
ولفت إلى أن المهاجرين طالما مثلوا دولا لجأوا إليها، ورفعوا أعلامها في المنافسات الدولية.
وعن الحالة الألمانية، قال باعشن إن ألمانيا عانت سابقا من التهجير، ورحيل العقول إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تعتبر العالم الجديد، وكانت مقسومة إلى نصفين شرقي وغربي، لذا فهي تعرف أهمية وقيمة المهاجرين.
وأشار إلى أنها أرض خصبة لاستيعاب المتغيرات، وتحويلها من عنصر غير فاعل أو مخرب، إلى عنصر منتج وذي قيمة.
وعن تخوفات بعض الدول الأوروبية من استقبال اللاجئين، لفت الخبير الاقتصادي إلى أن العامل الثقافي، أو المخاوف الأمنية، هي أبرز ما يمنع بعض الدول من استقبال اللاجئين والاستفادة منهم.
وكانت ألمانيا أولى الدول التي التقطت الرسالة، ورحبت بشكل كبير بالمهاجرين، في البلد الذي يميل نحو الشيخوخة، وفعلت كل ما في وسعها لتسريع دخولهم إلى سوق العمل الذي كان يعاني من نقص في الأيدي العاملة.
وقد صرح رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، أولريش غريللو، سابقا، بأنه "إذا ما تمكنا من إدخالهم سريعا في سوق العمل، فسنساعد اللاجئين ونساعد أنفسنا".
وتعتبر ألمانيا الوجهة الأولى لآلاف السوريين والأفغان والإريتريين الذين يصلون إلى أوروبا، والهدف الأول للكوسوفيين والألبان الذين يغادرون بلدانهم.