جون أفريك
هل تسعى حركة حماس في قطاع غزة للخروج من عزلتها الدبلوماسية؟
بلال دردور- عربي21
نشرت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن التحركات الدبلوماسية الجديدة التي تتبعها حركة حماس، والتي تهدف من خلالها إلى تغيير استراتيجيتها الخارجية وذلك عن طريق التقارب مع كل من مصر والتصالح مع حركة فتح وإحياء العلاقات من جديد مع الحليف السابق، إيران.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن زيارة زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، إلى القاهرة يوم 27 كانون الثاني/يناير الماضي، قد كللت بالنجاح. في المقابل، لسائل أن يسأل، كيف لحركة إسلامية كحماس والموالية للإخوان المسلمين، أن تحض باستقبال حافل في القاهرة من قبل حكومة كثيرا ما اتهمتها بالتورط في زعزعة أمن مصر، بالإضافة إلى التواطؤ مع تنظيم الدولة في عملية اغتيال النائب العام المصري، خلال شهر حزيران/يونيو من سنة 2015؟
وذكرت الصحيفة أن محللين سياسيين مصريين عبروا عن تفاؤلهم باللقاء الذي جمع كل من الممثلين الفلسطينيين عن حركة حماس ورئيس جهاز المخابرات المصري، خالد فوزي. وأورد المحللون أن التهديدات التي تتعرض لها كل من الدولتين من قبل المتطرفين كانت على رأس المحادثات التي جمعت الطرفين، نظرا لأن كلا من مصر وغزة يعانيان من الظاهرة نفسها.
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ تولي عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر، بعد الانقلاب العسكري خلال شهر تموز/يوليو من سنة 2013، اتهم هذا الأخير حركة حماس بالتعامل مع الإخوان والمسلمين وذلك بغية تهديد أمن مصر. وإثر ذلك، أدرج السيسي حماس على اللائحة السوداء للإرهاب خلال سنة 2015، قبل أن يشطب اسمها من هذه اللائحة خلال شهر حزيران/يونيو الفارط، وتصبح بذلك حماس شريكا لمصر في حربها ضد التطرف.
وفي نفس السياق، ذكرت الصحيفة أن حركة حماس قد أظهرت حسن نوياها تجاه إعادة ربط العلاقات مع مصر من خلال قيامها بحملة اعتقالات طالت نشطاء متهمين بالتطرف في غزة. وفي هذا الصدد، بينت الكاتبة، ليلى سورات، في مقالها الأخير تحت عنوان "حماس والعالم"، أن " العدو اللدود يمكن أن يتحول فجأة إلى صديق مقرب".
وأفادت الصحيفة أن الظروف العالمية لا تصب في مصلحة حركة حماس، حيث أنها مصنفة على لائحة الإرهاب من قبل كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي، مما يخدم مصلحة الكيان الصهيوني. وفي الأثناء، صرح وزير دفاع دولة الاحتلال، افيغادور ليبرمان، أنه "في حالة جرتنا حماس نحو حرب جديدة، فسوف تكون الأخيرة".
وعلى الصعيد الإقليمي، أوضحت الصحيفة أن حركة حماس قد دخلت في منعطف دبلوماسي جديد منذ انطلاق ثورة الربيع العربي، حيث أنها انسلخت عن حلفائها التقليديين للاندماج مع حلفاء آخرين. ومن بين الحلفاء التقليدين لحماس، نذكر نظام بشار الأسد، أما الثاني فهو أحد أهم حلفاء النظام وهو بلا شك إيران، حيث ارتأت الحركة أنه من الأجدر قطع علاقاتها بهما منذ سنة 2012.
وتجدر الإشارة إلى أن نتائج قطع العلاقات مع كل من إيران ونظام الأسد، كانت وخيمة ليس على الحركة فقط بل أيضا على قطاع غزة بأكمله، حيث دخلت الحركة وسكان القطاع في أزمة مالية حادة.
وأضافت الصحيفة أن "النصر المنقطع النظير" الذي حققه الإخوان المسلمون في مصر خلال الانتخابات الرئاسية سنة 2012، قد حوله الانقلاب العسكري إلى كابوس، نظرا للسياسية القمعية التي اتبعها السيسي ضد أبناء هذه الحركة الإسلامية.
وفي السياق ذاته، شهدت العاصمة القطرية، التي تنصلت من موقفها الداعم لحركة الإخوان المسلمين، سنة 2013، اجتماعا سريا نظمه الأمير القطري، تميم بن حمد، جمعه بدبلوماسيين سعوديين من أجل تحقيق المزيد من التقارب مع المملكة العربية السعودية، مع العلم أن المملكة لم تخف عدائها للحركات الإسلامية، ومن بينها حركة حماس.
وأكدت الصحيفة أن عزلة حماس الإقليمية قد تعمقت أكثر. فخلال شهر حزيران/يونيو من سنة 2016، أعلنت تركيا، آخر داعمي الحركات الإسلامية في الدول العربية، عن انتعاش العلاقات الدبلوماسية بين كل من أنقرة وتل أبيب بعد انقطاعها لمدة ستة سنوات كاملة. وبالتالي، أصبحت حركة حماس تعيش في عزلة إقليمية بعد أن تخلت عنها، في تلك الفترة، كل من قطر ومصر وتركيا، وفي الوقت نفسه لم يكن باستطاعتها محاولة التقرب من جديد من النظام السوري.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن العديد من الأصوات قد تعالت داخل الحركة نفسها، طالبة إعادة إحياء العلاقات الدبلوماسية مع طهران. ولعل من أبرز الأصوات التي دعت لعدم غلق كل أبواب التعامل مع إيران، محمود الزهار، الذي يتمتع بتأثير بليغ داخل أسوار الحركة.