تحولت رحلة تسوق بأمريكا، كانت تخطط لها المغربية الحاملة للجنسية الكندية، فدوى العلوي، بصحبة طفليها، إلى استجواب سياسي مستفز وعنصري على الحدود الأمريكية الكندية، قبل أن تقرر سلطات الحدود الأمريكية منعها من دخول الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت وسائل الإعلام الكندية، إن سلطات حرس حدود الولايات المتحدة الأمريكية، منعت فدوى العلوي، (وهي مسلمة من أصل مغربي ومقيمة في مقاطعة كيبيك الكندية منذ 20 سنة)، من دخول البلاد، بعدما أخذوا بصماتها، وفحصوا هاتفها الخلوي، مشيرة إلى أن أسئلة المحققين تركزت على ديانتها وآرائها في الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
ولم تكن كندا أو المغرب، ضمن مجموعة الدول التي شملها قرار ترامب المثير للجدل، والذي يحظر مؤقتا دخول المسافرين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة هي العراق وإيران واليمن والسودان والصومال وسوريا وليبيا ويحظر دخول اللاجئين السوريين إلى أجل غير مسمى.
وكانت السفارة الكندية بالولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت في تغريدة عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أن حاملي جوازات السفر الأمريكية لن يتأثروا بقرار الحظر، مطالبة كل من يواجه معوقات على الحدود الأمريكية الكندية أن يتصل بالسفارة.
واعتادت فدوى، قبل هذه المرة، الذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية مرة كل شهر على الأقل للتسوق في فيرمونت، وزيارة والديها وأخيها اللذين يقيمان في مدينة شيكاغو، دون أن تواجه أية مشاكل.
وكعادتها قررت السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، مع طفليها، وابن عمها، وجميعهم يحملون جوازات سفر كندية، وبعد 4 ساعات من "توقيفهم" في معبر فيليبسبرغ، عادوا إلى كندا، بعد أن أخبرهم حرس الحدود الأمريكي أن فدوى ممنوعة من دخول البلاد.
وذكر الموقع الإلكتروني لإذاعة كندا، أن فدوى استعملت في الماضي جواز سفرها الكندي مرات عديدة من أجل دخول الأراضي الأمريكية دون أية مشاكل لزيارة والديها وأخيها اللذين يقيمان في مدينة شيكاغو.
وعبرت فدوى - التي ترتدي الحجاب- عن استيائها الشديد من معاملة رجال حرس الحدود، وقالت في مقابلات صحفية وتلفزيونية لوسائل إعلام كندية إنها "شعرت بالإهانة وتمت معاملتها وكأنها لا شيء، وكأنها ليست كندية".
وأضافت فدوى: "طلبوا منا كلمة مرور الهواتف لفحصها، واستمر الفحص لنحو ساعة، قبل أن يبدأ استجوابي أنا وابن عمي بشكل منفصل لمدة 45 دقيقة".
وتابعت: "أول سؤال طرحه المحقق علي "أنت مسلمة، صحيح؟"، أجبت نعم. أخبرني "هل تمارسين الشعائر الدينية؟ أجبته نعم. أخبرني "أي مسجد تذهبين إليه؟ بدأت في شرح المسجد الذي أذهب إليه للصلاة. "ما اسم الإمام؟ هل تتحدثين معه مباشرة؟ أين تصلي النساء؟".
واستطردت: "سألني أيضا عن حادث إطلاق النار الأخير على المصلين داخل مسجد بمدينة كيبيك الكندية، وعما إذا كنت أعرف أحد ضحايا الهجوم"، موضحة أن المحقق سألها أيضا عن رأيها في سياسات دونالد ترامب، فأخبرته أن ترامب لديه الحق في عمل ما يشاء في بلاده، مؤكدة له أنها لم تتابع الأخبار، ولا تتابع ما يجري بسبب انشغالها الدائم.
وكشفت فدوى أنه بعد سؤالها عن آرائها في ترامب، سألها المحقق عن مقاطع فيديو وتسجيلات لأدعية إسلامية موجودة بهاتفها، وماذا تعني تلك الأدعية بالنسبة لها، فأجابته: "كثيرا ما أتلقى لقطات فيديو من الأدعية لمواساتي في ابني المصاب بالمرض ويعرف من يرسل لي من الأصدقاء معاناتي في ذلك"، إلى جانب أنها تتلقى الكثير من المقاطع والأدعية على هاتفها عبر مجموعات التواصل الاجتماعي، ويفوتها معرفة تفاصيل كل واحدة منها.
وأشارت فدوى إلى أنها بعد الاستجواب، انتظرت نحو ساعة أخرى، حتى عاد ضباط حرس الحدود وأخبروها بمنعها من الدخول.
ورفض المتحدث باسم الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، ديفيد لونغ، الرد على كثير من الاستفسارات التي أرسلتها له قناة "سي بي سي" الكندية عبر البريد الإلكتروني، بشأن تفاصيل حول منع فدوى العلوي من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أن قوانين الخصوصية تمنع تداول تفاصيل تكشف معلومات عن المسافرين.
وبحسب القناة، قال لونغ: "إن أولوية سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في حماية حدودها هي منع دخول الإرهابيين وأسلحتهم، وتسهيل الدخول القانوني للبضائع والأفراد، وإن واشنطن لا تمنع دخول أجانب إلى الولايات المتحدة على أساس دينهم أوعرقهم أو جنسهم"، مطالبا أي مسافر يرى أنه حدث خطأ في منعه من دخوله إلى البلاد أن يبعث تظلما خطيا عبر الموقع الإلكتروني لإدارة الجمارك وحماية الحدود.
من جانبه، وصف وزير الأمن العام الكندي، رالف غودال، منع حاملة الجنسية الكندية، فدوى العلوي، من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، بأنه أمر "مثير للقلق"، مؤكدا أنهم يتابعون حالة فدوى عن كثب.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها سلطات الحدود الأمريكية بمنع دخول حاملي الجنسية الكندية إلى أراضيها، ففي سبتمبر/أيلول الماضي، منعت السلطات الأمريكية الصحفي الكندي "إدوارد أو" من الدخول إلى أراضيها لتصوير التوتر بين الشرطة والهنود الحمر على خلفية مشروع مد أنبوب لنقل البترول في ولاية داكوتا الشمالية، واحتجزته لمدة 6 ساعات على الحدود، وخلال احتجازه صادرت هاتفه وكاميرا التصوير التي كانت بحوزته.
وقال الصحفي الكندي وفقا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية: "عشت تجارب مخيفة على الحدود خلال عملي في الشرق الأوسط لمدة 10 سنوات، لكن أسوء معاملة أتعرض لها هي معاملة أمن وجمارك الحدود الأمريكية".
وفي سياق متصل، احتجزت السلطات الأمريكية، أول مسلمة محجبة في الفريق الأولمبي الأمريكي "ابتهاج محمد" على خلفية قانون ترامب حظر دخول مسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية قالت الرياضية في مبارزة السيف "ابتهاج محمد" في حديثها مع موقع "بوبشوغار": "تم احتجازي قبل أسابيع قليلة لمدة ساعتين، لا أعرف لماذا، ولا أستطيع أن أقول لكم لماذا حصل هذا معي، لكنني أعرف أن ذلك بسبب كوني مسلمة، ولأنني أحمل اسما عربيا".
وأضافت اللاعبة في تقرير للصحيفة ترجمته "
عربي21": "رغم كوني ممثلة لفريق الولايات المتحدة، ورغم امتلاكي ما يثبت أنني في الفريق الأولمبي، فإن ذلك لم يغير شيئا".
وأشارت إلى أنه بالرغم من أن المنع يشمل سبع دول من دخول أمريكا، فإن القرار وفقا لها أوسع مما هو مذكور، ويشمل مسلمات يرتدين الحجاب.
وابتهاج محمد أمريكية الأصل، ومولودة في ولاية "نيوجيرسي"، وتبلغ من العمر 31 عاما، وذاع صيتها في أولمبياد "ريو دي جانيرو" في البرازيل بسبب لبسها الحجاب، وفازت بميدالية برونزية لفريق الولايات المتحدة الأمريكية.