سياسة عربية

حراك سياسي بحضرموت وزيارة هادي تثير التساؤلات

الرئيس عبد ربه منصور هادي- أرشيفية
تشهد محافظة حضرموت في أقصى شرق اليمن، حراكا سياسيا متعدد الاتجاهات، منذ أسابيع، بالتزامن مع وصول الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى مدينة المكلا (عاصمة المحافظة) للمرة الأولى منذ توليه مقاليد الحكم، في زيارة بدأها يوم الأحد لم تنته بعد، الأمر الذي فتح باب التساؤل واسعا حول أبعاده وتوقيت الزيارة.

الحراك السياسي يتمثل بالترتيبات الجارية لما سمي "المؤتمر الحضرمي الجامع"، الذي قد يحدد مستقبل المحافظة الغنية بالنفط في ظل الاستقرار النسبي السائد فيها، مع بقاء بعض التجاوزات غير القانونية ولعل أبرزها حملات الاعتقال التي طالت عددا من رجال الدين.

وتعد حضرموت ثالث أهم المدن في البلاد، وتخضع للجيش اليمني الموالي لهادي، بعد انسحاب تنظيم القاعدة من "المكلا" على وقع الحملة العسكرية المدعومة من التحالف العربي.

زيارة مهمة

من جهته أفاد مصدر متابع لخلفيات زيارة هادي لحضرموت بأنها زيارة تكتسب أهمية كبيرة، لتطبيع الحياة في المحافظة والوقوف على الحالة الأمنية ومتطلبات الجهاز التنفيذي والعسكري إلى جانب دعم خطة فريقه الحكومي لتفعيل تصدير النفط واستئناف الشركات النفطية لنشاطها هناك.

وأضاف المصدر مفضلا عدم ذكر اسمه  لـ"عربي21" أن توقيت زيارة هادي للمكلا، في ظل ما تشهده من حراك مجتمعي متعدد الاتجاهات والأبعاد، تأتي لقياس المزاج السياسي للحضارمة تجاه شكل الدولة القادمة (النظام الاتحادي) الذي يغذيه الحراك السياسي القائم بين المكونات الحزبية والمجتمعية في سياق الترتيبات لما يسمى بـ"المؤتمر الحضرمي الجامع".

ويسعى هادي وفقا للمصدر، لدراسة ملامح المستقبل للمحافظة الغنية بالنفط، فيما لم يستبعد تدخله في سياقات المؤتمر الحضرمي باعتباره "إطارا سياسيا" قد يضم فيه معظم الفاعلين السياسيين، وترويضه بما يتوافق مع مخرجات الحوار والمرجعيات القائمة والنافذة للشرعية الدستورية.

 ويشير المصدر إلى أن الرئيس هادي يستند في موقفه على حجم الهوة والانقسام بين المكونات السياسية في المحافظة، وسط دعوات مكونات عدة بتصحيح مسار المؤتمر بعيدا عن الإقصاء والتهميش.

حراك ليس وليد اللحظة

في هذا السياق، يرى السياسي والقيادي البارز في حزب الإصلاح، متعب بازياد أن الحديث عن وجود حراك سياسي أو حالة التفاعل في المشهد الحضرمي، لا يمكن فصله عن الأحداث التي تنتظم في اليمن والمنطقة بشكل عام.

وقال بازياد في حديث خاص لـ"عربي21" إن حضرموت تعيش اليوم في قلب التغيرات الكبرى في اليمن والمنطقة، لكن هذه المرة يمكن أن تكون عامل ضبط للإيقاع ورمانة الميزان في ميزان الصراع الداخلي وتداعياته على الخليج العربي.

وأوضح أن الحراك السياسي الحالي في حضرموت، والمتمثل بما سمي بـ"مؤتمر حضرموت الجامع" هو نتاج تفاعلات وتوافق جرى في السابق.

ولعل أبرزها وفقا للسياسي الحضرمي بازياد، وثيقة "الرؤية والمسار" التي توافق عليها كل ألوان الطيف السياسي في تموز/يوليو2011، "لرسم نضال الحضارم المستقبلي وتلافي ما لحق بهم على مدى مرحلة امتدت لأكثر من نصف قرن من الظلم والتهميش في إطار الدولة الجنوبية ثم دولة الوحدة بعد عام 1990".

وعبر عن اعتقاده أن الحراك الحالي باتجاه عقد المؤتمر الحضرمي الجامع هو استمرار لتلك الجهود، التي يجب أن تعطى بعدها الشعبي وتحويلها إلى برنامج عمل يؤسس لموقف حضرمي موحد.

وأشار القيادي في حزب الإصلاح إلى أن المؤتمر الحضرمي الجامع الذي يجري الترتيب له، ليس وليد اللحظة، بل الدعوة له كانت مواكبة لميلاد وثيقة الرؤية والمسار، ولكن الأحداث المتلاحقة في اليمن وحضرموت قد أخرت انعقاده. مضيفا أن الفرصة مواتية اليوم للتفكير الجدي في عقد مؤتمر كهذا لتتويج إجماع حضرمي حول القضايا الرئيسية التي تضمنتها تلك الرؤية السياسية.

ولفت إلى أن إقليم حضرموت، يعد أحد الخيارات التي تبنتها الرؤية والمسار في حينها، والآن في ظل مخرجات الحوار الوطني الشامل وبيان مؤتمر الرياض يحظى هذا الخيار –الدولة الاتحادية – بمباركة وتأييد إقليمي ودولي.

إخفاقات تتلاشى

من جانبه، اعترف الإعلامي أحمد بن زيدان، بوجود إخفاقات في بدايات التحضير لهذا المؤتمر الذي تبناه حلف حضرموت (تحالف قبلي)، لكن الأداء العام للترتيبات لمؤتمر حضرموت الجامع تحسن عقب تشكيل لجان تواصل ومتابعة لكل بلدات المحافظة.

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن اللجان المشكلة تلك، باشرت عملها في لقاء النخب والمختصين بمختلف التخصصات والتوجهات السياسية والاجتماعية، على مستوى الداخل أو الخارج (المهجر). مشيرا إلى أن الهدف من هذا الإجراء "تجميع الرؤى وتلاقح الأفكار بما يخدم المجتمع الحضرمي في النهضة والاستقرار الأمني".

وحول الانتقادات الموجهة للطريقة التي جرى بها التحضير للمؤتمر، أوضح بن زيدان أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وحتى اللحظة لم نصل بعد لحجم المشاركين في هذا المؤتمر وأسس المشاركة والتمثيل الذي سيحدد مع موعد انعقاده لاحقا.

كما لفت إلى أن التهميش والإقصاء، كانا موجودين في بدايات التحضير، لكن هاتين الحالتين تتلاشيان يوما بعد يوم، بعدما فتح القائمون على المؤتمر الباب أمام الرؤى واستقبالها بشتى الوسائل.

وأضاف زيدان أن "التمثيل المقلق للبعض، سيتم تصحيحه لاحقا، وغالب الظن أنه سيكون مرضيا لغالبية أبناء حضرموت". منوها الى أن الفرصة لا تزال متاحة لتصحيح أي خطأ أو تهميش، وعند إعلان قوائم ممثلي المكونات السياسية والمجتمعية ستتضح الصورة. 

وقد يشكل انعقاد المؤتمر الحضرمي الجامع، نقطة فارقة في تاريخ المحافظة والمدن المحيطة بها المنضوية ضمن إقليم حضرموت، لكن التحديات لا تزال ماثلة أمامه، في ظل دعوات تصحيح مساره، الذي يتزامن مع رفض بعض القوى في محافظة المهرة وسقطرى تأطيرها ضمن هذه الإقليم.