تحطمت طائرة حربية تابعة لقوات النظام السوري فوق الأحياء المحاصرة في
حلب، مما أدى إلى مقتل طاقمها المؤلف من طيارين اثنين، فجر السبت، فيما أكدت فصائل المعارضة التي تقاتل شرق حلب أنها "لن تستسلم".
وقال عضو المكتب الإعلامي في حركة "نور الدين زنكي"، ويدعى "أبو النور"، لوكالة "سمارت" المعارضة، إن الطائرة من طراز (L39)، تحمل رمز "شاهين 3"، سقطت في حي قاضي عسكر، مرجحا أن يكون سقوطها ناتجا عن خلل فني.
وطائرة(L39) هي طائرة تدريب تشيكية الصنع، استخدمت للمرة الأولى عام 1996، وتزود بصواريخ وقنابل ومدفع رشاش، وتعتبر كلفة تشغيلها أقل من غيرها.
ونقل ناشطون عن صفحات مؤيدة أن الطيارين اللذين قتلا في الطائرة، هما: الرائد طارق معلا، والرائد جعفر حسن.
"لن نستسلم"
وفي سياق متصل، قال رئيس المكتب السياسي في "تجمع فاستقم كما أمرت"، المقاتل في أحياء حلب الشرقية المحاصرة، إن الفصائل "لن تسلم شرق حلب لقوات النظام"، وذلك ردا على تصريحات
روسيا حول استعدادها لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن انسحاب كل مقاتلي المعارضة من المنطقة.
وقال زكريا ملاحفجي إنه يتحدث باسم فصائل حلب، مؤكدا أنه لا مشكلة لديهم بـ"ممرات إنسانية للمدنيين"، لكنهم "لن يتركوا مدينتهم"، على حد قوله.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال، السبت، إن موسكو مستعدة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة عن انسحاب كامل لكل مقاتلي المعارضة من شرق حلب.
وزعمت روسيا، السبت، أن قوات النظام سيطرت على نصف أحياء حلب الشرقية، بحسب تصريح للمتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كونشانيكوف، الذي هاجم متحدثة بريطانية اتهمت موسكو بعرقلة إيصال المساعدات إلى هذه الأحياء.
واتهمت المتحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، الجمعة، حكومتي موسكو والنظام في
سوريا، بعرقلة إيصال المساعدات إلى أهالي مدينة حلب المحاصرين، نتيجة رفضهما إعلان هدنة إنسانية فيها.
وزعم المتحدث، إيغور كوناشينكوف، في بيان، أن النظام "حرر" نحو 90 ألف شخص في الأحياء الشرقية، إضافة لنزوح 28 ألف آخرين، بينهم 14 ألف طفل، إلى مناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام، فيما وصف تصريحات المتحدثة باسم "ماي"، بـ "الغريبة"، متسائلا عمّا إذا كانت تعبر عن موقفها الشخصي أو عن موقف قيادتها.
وأضاف أن بريطانيا لم تقدم "غراما من الطحين أو حبة دواء" للمدنيين في سوريا، خلال خمس سنوات، مطالبا إياها بعدم منع "الآخرين" من تقديم المساعدة.
وحذّرت بريطانيا، نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، من "كارثة إنسانية" في مدينة حلب، إثر الهجوم الذي تشنه قوات النظام على الأحياء الشرقية منها، كما دعت الجهات المؤثرة على النظام، وفي مقدمتها روسيا وإيران، للضغط عليه من أجل إنهاء الهجوم.
من جانبه، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، السبت، إنه يأمل في التوصل إلى "صيغة ما" لتجنب "معركة رهيبة" في حلب حيث يحقق النظام والمليشيات الداعمة له مكاسب ضمن محاولات استعادة السيطرة على المدينة بأكملها من يد مقاتلي المعارضة.
وأشار دي ميستورا إلى أن المعركة للسيطرة على حلب لن تستمر لمدة أطول من ذلك، قائلا إن "الحقيقة هي أن حلب لن تصمد طويلا".
وأضاف: "كنت أشعر أنها ستكون معركة رهيبة ستنتهي بحلول احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة. أتمنى ألا تقع المعركة وأن تكون هناك صيغة ما".
استمرار المعارك
بدورها، نفت الفصائل المعارضة، السبت، ما نقلته وسائل إعلام موالية للنظام عن تقدمه إلى عدة مناطق في الأحياء المحاصرة بحلب، مؤكدة استمرار الاشتباكات فيها.
وقال عضو المكتب الإعلامي في حركة "نور الدين زنكي"، ويدعى "أبو النور"، السبت، إن الاشتباكات ما زالت تدور في محيط مناطق السكن الشبابي والبحوث العلمية وحي الشيخ سعيد، نافيا تقدم النظام إلى حي الجزماتي، في حين لم تسفر الاشتباكات عن قتلى في صفوف الطرفين حتى اللحظة.
وكانت مروحيات النظام تلقي براميل متفجرة على نقاط الاشتباك في الأحياء المذكورة، إضافة لقصف صاروخي ومدفعي من مواقع النظام المحيطة.
وأعلنت "الجبهة الشامية" عن استهدافها، ليلا، لمواقع النظام في مناطق الملاح والطامورة والبحوث العلمية، بقذائف الهاون ومدافع رشاشة، وتحقيق "إصابة مباشرة"، دون ذكر تفاصيل إضافية.
وأعلنت وسائل إعلام تابعة لـ"حزب الله" اللبناني، عن مقتل مصور صحفي لها، في حي الشيخ سعيد جنوبي مدينة حلب.
وقال "الإعلام الحربي المركزي" التابع لحزب الله، الجمعة، في صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، إن المصور حسن شريف جظة قتل أثناء تغطيته المعارك، وهو يتحدر من بلدة نبل في ريف حلب الشمالي، مضيفا أن "جظة" له عدة مشاركات في تصوير عمليات قوات النظام وميليشياته في مناطق بحلب وريفها الجنوبي.
قتلى بقصف
من جانب آخر، قضى ستة مدنيين وجرح آخرون، السبت، إثر غارات لسلاح الجو الروسي على الأحياء المحاصرة في حلب وريفها، بحسب ما أفاد الدفاع المدني وناشطون.
وقال مدير المكتب الإعلامي للدفاع المدني، ويدعى "أبو الليث"، لوكالة "سمارت"، إن ستة مدنيين قتلوا وجرح 12 آخرين، إثر الغارات استهدفت تجمعا للنازحين من الأحياء الشرقية في حي الشعار، حيث عمل الأهالي على انتشال الجثث والجرحى من تحت الأنقاض.
وأفاد ناشطون أن النازحين كانوا متجهين من حي الشعار إلى المناطق البعيدة عن نقاط الاشتباك، حين استهدفتهم الغارات.
وجرح أكثر من عشرة مدنيين إثر قصف روسي بالصواريخ الفراغية والمظلية على حي السكري، حيث أسعف الجرحى إلى نقاط طبية.
وفي ريف حلب الشمالي، كشف ناشطون عن جرح عدد من المدنيين إثر غارات روسية طالت مدينة عندان، فيما لم تسجل إصابات بقصف مماثل على بلدات معارة الأرتيق وكفرحمرة وياقد العدس ومنطقة آسيا.
وتراجعت وتيرة القصف على الأحياء المحاصرة بحلب خلال اليومين السابقين نتيجة الأمطار، فيما قضى رضيع (أربعة أشهر) بسبب البرد في حي صلاح الدين، بعد نزوحه وعائلته من حي طريق الباب، على خلفية القصف والاشتباكات بين الفصائل العسكرية وقوات النظام.
وتتعرض مدينة حلب منذ نحو أسبوعين لقصف مكثّف من قبل النظام وروسيا، ما أسفر عن مقتل 508 أشخاص، وجرح 1871 آخرين، بعد تسعة أيام من القصف وفق "الطبابة الشرعية" في المدينة.