حقوق وحريات

أين اختفت مروة قاوقجي مفجرة قضية الحجاب بتركيا؟

تمنت قاوقجي ان يجري اليوم محاسبة من تسببوا بظلم آلاف التركيات بسبب الحجاب-أرشيفية
بعد الفوز المكرر لحزب العدالة والتنمية التركي منذ العام 2002 ، يبرز التساؤل عن مكان ودور النائبة السابقة مروة قاوقجي  التي طردت من البرلمان بسبب حجابها وأشعلت قضيتها العالم آنذاك .

وتعمل اليوم  "قاوقجي” - التي طردت من مجلس النواب وسحبت منها الجنسية التركية وإعلانها خائنة للوطن - أستاذة جامعية بكامل حجابها في جامعة أسكدار في الشق الآسيوي لاسطنبول ، وهي على مشارف الحصول على درجة "البروفيسور" .

وبحسب مقابلة مطولة أجراها موقع "تركيا بوست"  كشفت قاوقجي عن تفاصيل الحادثة التي وقعت معها بعد فوزها بالقول إنها دخلت تاريخ السياسة التركية عام 1999 كأول نائبة محجبة في البرلمان التركي، حيث انتُخبت عن مدينة إسطنبول بـ 320 ألف صوت، وجرى بعدها تسليمي الأوراق الرسمية كنائبة لأفاجأ عند ذهابي لأداء اليمين الدستورية بموجة عارمامة من الرفض من طرف النواب اليساريين والعلمانيين الذين بدأوا يهتفوا : “اخرجي، اخرجي”، مشيرة حينها ان المر كان مدبرا وتم التخطيط له.

وقالت "كان واضحا أن الجيش والدولة خلف هذا الأمر، فبدل أن أدخل وأنتظر دوري لأداء اليمين حصل اضطراب مفاجئ بعد أن طلب مني رئيس المجلس أداء اليمين ".

وتابعت بالقول "لقد كان الدستور التركي والقانون الداخلي يسمح لي بهذا الأمر، لقد كان القانون يسمح لي بأداء القسم وأنا محجبة، ولكن لم تكن هناك دولة حقوق في تركيا بل كان هناك ما يشبه نظام الغابة، ولهذا السبب فإن رئيس الجمهورية حينها طلب إخراجي من المجلس، كما أطلق عليّ لقب مشاغبة وعميلة" .

وقالت إن رئيس الجمهورية نقل بعدها رسالة من الجيش إلى حزبي مفادها أني إذا قمت بأداء اليمين الدستورية فإن الجيش سينفّذ انقلابا عسكريا، مما جعل حزبي يخاف، كانت هذه الأحداث بداية لحملة إبعاد سياسية تعرّضت لها بعد هذه الحادثة، حيث قال رئيس الوزراء حينها: “علّموا هذه المرأة حدودها” .

وحول مجال رفعها لقضية ضد ما حصل لها قالت "ربما يكون مضحكا هذا الأمر، ولكن من ستشكو لِمن؟ لم يكن هناك من أشكو له ، لقد قالوا إني مذنبة وأني استحق ما حصل، حين يكون رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ضدكم، لمن ستشكون؟ لم تكن هناك دولة قانون في تلك الفترة، قالوا إن دخولي للمجلس بالحجاب هو دعوة للعداوة والتمييز، دخلت المجلس كنائبة منتخبة وتم طردي من قبل نواب يدّعون أنهم ديموقراطيون ".

وأضافت " طردوني من المجلس، وقال رئيس الوزراء للنواب علّموا هذه المرأة حدودها، ومن ثم تمت محاكمتي في محكمة الأمن القومي بالمادة 312، كما اتهموني بالقيام بمساعدة الإرهاب، وذلك بناء على كلمة ألقيتها في الولايات المتحدة في مؤتمر كان حاضرا فيه أعضاء من الكونغرس، كما تم اتهامي بمهاجمة الدولة التركية وذلك بسبب أني ظهرت على شاشة الـ “سي إن إن” وقلت فيه إن منع الحجاب في تركيا أمر غير قانوني " .

وزادت قاوقجي بالقول إنه ورغم براءتها من التهم إلا أنه جرى منعها من السياسة الخارجية لخمس سنوات، ولهذا الأمر عادت لعائلتها التي كانت تقيم في الولايات المتحدة الأمريكية .

وجرى سحب الجنسية التركية من قاوقجي بعد 11 يوما من طردها من البرلمان ، وقالت حينها إن قضية الحجاب ومنعه في تركيا انتقلت إلى المجتمع الدولي، حيث كان الحجاب ممنوعا في تركيا منذ دستور 1982 العسكري ولم تكن هناك أية ردات فعل على الرغم من أننا قمنا بالإضراب عن الطعام عام 1986 بينما كنت أدرس الطب في السنة الأولى.

وحول معاناة الحجاب آنذاك قالت "كان الناس يُظلمون بسبب منع الحجاب في تركيا دون أن ينظر إليهم أحد، منعت النساء من حقوقهن، كما ظُلم الرجال المتزوجين من محجبات، ولم يفكّر أحدهم في حل المسألة، الإسلاميون تهرّبوا من حل المسألة، بينما كان الطرف العلماني الآخر يرغب بإزالتنا من الوجود".

وتضيف قاوقجي التي اكتسبت الجنسية الأمريكية أن علة سحب جنسيتها التركية جاء بشكل انتقائي "قالوا إن اخراجي وسحب جنسيتي تم بسبب الجنسية الأمريكية، لقد تعاملوا في تطبيق القانون بانتقائية تامة، الأمر يشبه بتفصيل ملابس عند الخياط، فصّلوا قانونا خاصا لي، ولم يقوموا بتطبيق القانون إلا على حالتي على الرغم من وجود الآلاف من الأتراك الذين يملكون جنسيات أخرى".

وبخصوص جنسيتها التركية قالت قاوقجي إنها تمكنت من استعادتها عن طريق الزواج، لكنها لا تملك جوازا تركيا حتى اللحظة ، حيث تقوم بالسفر بالجواز الأمريكي.

ولفتت إلى أن المرغوب اليوم في ظل حكم العدالة والتنمية هو محاسبة من تسبب بإبعاد الآف النساء التركيات وتسبب لهن بظلم في تلك الفترة، وقالت " اليوم لم يعتذر منهم أحد كما لم يقولوا إنهم نادمون في يوم ما " .

وقالت إنه وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية أعاد بعض الحقوق إلا أنه لم تتم محاكمة المجرمين، وهذا الأمر يعني أن العدالة لم تتحقق، والمخطئون لم يتطوعوا يوما للاعتذار، كل ما حصل أنهم تعاملوا مع السياسة وتقلّصوا بسبب ضعفهم السياسي، وهذا الأمر لا يعني بالتأكيد أنهم تخلّوا عن أفكارهم أو أنهم تراجعوا، لهذا السبب نرى كل يوم مزيدا من الأقنعة التي تتساقط.

واضافت "من الجميل جدا أن أستطيع بعد 26 سنة من الحياة خارج الوطن أن أعود وان أدرّس بكامل حجابي في الجامعة، ولكن هذا الأمر يجب أن لا يدفعنا للتكاسل أو الرخاوة والتميّع".