سياسة عربية

دعوة مصر لمملوك تثير انتقادات.. هل هي انقلاب على السعودية؟

علي مملوك مطلوب للقضاء اللبناني بتهمة محاولة زعزعة الأمن اللبناني- أرشيفية
أحدثت زيارة علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني التابع للنظام السوري، للعاصمة المصرية القاهرة أمس ردود فعل حول الزيارة وتوقيتها الذي يتزامن مع توتر العلاقة مع السعودية وتقارب مصر مع التوجهات الإيرانية والروسية لحل القضية السورية.

وقالت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري "سانا" إن مملوك ذهب إلى القاهرة بدعوة من الجانب المصري والتقى خلال زيارته هناك نظيره المصري اللواء خالد فوزي نائب رئيس جهاز الأمن القومي في مصر.

وأوضحت الوكالة أن الجانبين اتفقا على "تنسيق المواقف سياسيا بين سوريا ومصر، إلى جانب تعزيز التنسيق في مكافحة الإرهاب الذي يتعرض له البلدان".

ولعل أحد أبرز ردود الفعل على زيارة مملوك لمصر ما جاء في تغريدة عبد الخالق عبد الله، الأكاديمي الإماراتي الذي يعد مستشارا سياسيا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والذي قال فيها: "علي المملوك جزار سوريا ورئيس جهاز أمنها الوطني زار القاهرة. هل ستستقبل أرض مصر الطاهرة سفاح سوريا بشار الأسد أيضا؟ رأي الأشقاء بمصر يهمنا".

وأضاف عبد الخالق في تغريدتين لاحقتين: "عفوا يا شعب مصر العظيم كيف استقبلت مصر قلب العروبة من يده ملطخة بالدماء ويسحق شعبه ليلا ونهارا ومسؤول عن ذبح أكثر من نصف مليون سوري حتى الآن؟... كنت أتوقع أن أسمع أحدكم يقول بوضوح لا أهلا ولا سهلا بمسؤول الأمن السوري الأول الجزار علي المملوك في مصر".

وعلى صعيد الرأي في السعودية عبر لواء الاستخبارات السعودية المتقاعد أنور عشقي عن "عدم الرضا" من زيارة مملوك للقاهرة وقال إن "المملكة عاتبة على مصر جراء هذه الزيارة والمواقف الأخيرة في الملف السوري".

وقال عشقي لـ"عربي21" إن "للنظام في مصر وجهة نظر مشتركة مع النظام السوري وهي أنها لا تريد سقوطه هناك لأنها تدرك أن البديل هي جماعات تكون بالمحصلة مناهضة لمصر".

ولفت إلى أن الطرفين "ينسقان العمل بينهما للحيلولة دون وصول هذه الجماعات للحكم وبقاء النظام قائما هو ما يضمن هذه النتيجة".

وأشار إلى أن إيران تسعى منذ زمن لـ"جر مصر من أجل نفق العلاقة معها بعيدا عن السعودية لتكون القاهرة ضد الدول العربية".

وعلى صعيد تزايد التوتر بين السعودية والتراشق الإعلامي الحاصل نتيجة مواقف القاهرة الأخيرة مع الرياض قال عشقي: "الإعلام المصري لم يكن أول من يشتمنا ولن يكون آخرهم وشتمنا سابقا وسنشتم لاحقا والدول لا تدير علاقتها بهذه الطريقة".

من جانبه قال مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة محمد سودان إن زيارة مملوك للقاهرة تعبير واضح عن لقاء "ديكتاتور بديكتاتور".

وأوضح سودان أن هذه المنظومة التي تتحكم بالمنطقة الآن "لا هدف لها سوى تدمير كل حركات التحرر والخروج من عباءة الأنظمة الحاكمة ولهذا التقى الانقلاب مع النظام السوري".

وقال إن تشديد إيران على ضرورة حضور مصر في مباحثات لوزان وتصويت المندوب المصري ضد السعودية في مجلس الأمن بشأن الملف السوري أكبر دليل على أن "الانقلاب سرق الرز السعودي والخليجي وكل الدعم وذهب باتجاه آخر".

وقال إن الانقلاب "يذهب نحو من يدفع ويقدم أكثر ومصلحته الكبرى يبدو أنها الآن مع إيران والدعم الخليجي يمكن أن يحل محله أي داعم آخر".

لكن سودان في الوقت ذاته قلل من إمكانية نفض السعودية على القاهرة وقال: "يبدو أن هناك ضغوطا دولية على السعودية لاستمرار دعم السيسي".

وأوضح أن الخلافات هذه تختفي حينا وترتفع حينا آخر لكن يبقى لها حد عند تدخل القوى الدولية التي تجبر السعودية على الدفع لمصر رغم وقوفها بوجهها في عدد من الملفات وخاصة السوري.

بدوره، قال الكاتب اللبناني نبيه البرجي إن التواصل بين النظامين السوري والمصري كان منذ بدء الأزمة السورية على شكل شبه مباشر وعبر وسطاء سريين وليست المرة الأولى.

وأوضح البرجي لـ"عربي21" أنه وعلى الرغم من "الغضب السعودي من مصر جراء تقاربه مع المحور الإيراني إلا أن الرياض لا تستطيع قطع علاقتها مع القاهرة نظرا للحاجة الشديدة إليها".

وأضاف: "صحيح أن مصر دولة تعاني من وضع اقتصادي غاية في الصعوبة إلا أن الخليج بحاجة إليها نظرا لأهميتها في المنطقة".

وقال البرجي إن السعودية ليست بحاجة لخصوم جدد في المنطقة ولا تريد خسارة مصر حتى ولو خالفتها في توجهاتها بشأن الملف السوري.

ولفت إلى أنه وعلى الرغم من الدعم الخليجي لمصر إلا أن لها توجهات أخرى على صعيد العلاقة حاليا مع إيران وهي تحاول الاقتراب منها لكن ليس إلى الدرجة التي تنقطع فيه العلاقات مع السعودية.

وحول زيارة مملوك للقاهرة قال البرجي إن اللقاء هدفه التنسيق ضد العدو المشترك وهو جماعة الإخوان المسلمين التي ترفض سوريا أي دور لها في ساحتها كما مصر التي تصنفها إرهابية وتضيق الخناق عليها.

وعلى صعيد الموقف المصري من الأزمة السورية قال البرجي إن القاهرة "ترفض أي حديث عن تقاسم دولي لسوريا وهي تدعم النظام السوري ليبقى"، مشيرا إلى حديث أبلغه إياه دبلوماسي مصري أن القاهرة "أبدت استعدادها لإرسال قوات حفظ السلام من جانبها إلى سوريا للوقف على خطوط التماس مع المعارضة".

وأشار إلى أن المصريين أبلغوا السوريين أن أي محاولة لتقاسم النفوذ الدولي في سوريا "لن تسمح بها مصر" على حد قوله.

وشهدت الآونة الأخيرة تزايد التوتر السعودي المصري على خلفية مواقف الأخيرة من الملف السوري.

وظهر الخلاف إلى العلن بعد قيام المندوب المصري الأسبوع الماضي في مجلس الأمن بالتصويت على مشروعي القرارين الروسي والفرنسي للهدنة في سوريا وهو ما أغضب السعودية ودفعت مندوبها الأممي لانتقاد موقف مصر من التصويت.

وتلا خلاف مجلس الأمن هجوم في الإعلام المصري على السعودية وصل إلى حد الشتائم ضد العاهل السعودي انبرى له الإعلاميون المقربون من السيسي.

وردا على مواقف القاهرة في الملف السوري أخرت الرياض دفعات الدعم البترولي لمصر مبررة إياه بإعادة جدولة حصص السعودية بعد اتفاق أوبك.