سياسة عربية

إقالة رئيس القضاء الفلسطيني بعد أشهر من تعيينه.. لماذا؟

لم يمض على تعيين صرصور أكثر من تسعة أشهر
كلف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس؛ المستشار عماد سليم، بمهام رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة العليا، بعد إقالة الرئيس السابق للمجلس المستشار سامي صرصور، وهو ما طرح تساؤلات عن قانونية هذه الخطوة وخلفياتها.

وكان عباس قد أصدر مساء الأربعاء مرسومين نشرتهما وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، أحدهما ينص على إقالة صرصور من رئاسة مجلس القضاء الأعلى، والآخر ينص على تعيين القاضي سليم مكانه في رئاسة المجلس.

لم يعلم حتى اللحظة ما هي الأسباب التي دفعت عباس للإقدام على هذه الخطوة، ولكن أوساط فلسطينية في رام الله تحدثت عن ضغوطات فتحاوية مورست على الرئيس، بعد أن تصاعدت الخلافات بين مستشاره توفيق الطيراوي ورئيس المجلس المقال سامي صرصور، "متهمين إياه بالعمل مع القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان للإطاحة بالرئيس عباس"، بحسب ما ذكره مصدر في حركة لمراسل "عربي21".

وأشار المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن "الرئيس عباس يشعر بأن هنالك مؤامرة تحاك ضده من جميع الأطراف يقودها دحلان للإطاحة به من هرم القيادة في حركة فتح، تمهيدا لتولي الأخير رئاسة الحركة ثم رئاسة السلطة".

بداية الخلافات

وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، اللواء توفيق الطيراوي، قد شن هجوما لاذعا ضد المستشار صرصور، في 18 من أيلول/ سبتمبر الماضي، واتهمه بـ"تزوير تاريخ ميلاده؛ حتى يتمكن من البقاء لمدة أطول في منصبه"، إضافة إلى "سعيه مع قضاة آخرين للطعن بمرسوم رئيس السلطة محمود عباس بخصوص تعيين النائب الأول لرئيس المحكمة العليا رئيسا لمجلس القضاء الأعلى، إذا شعر الرئيس بأن هنالك حاجة لتعيينه، وهذا ما يخالف القانون ويتجاوز صلاحيات المرسوم الذي أصدره الرئيس"، بحسب الطيراوي.

وبعد أسبوع من ذلك، نفى المستشار صرصور تلك الاتهامات، واصفاه مزاعم الطيراوي بـ"الكاذبة"، ودعاه لـ"رفع يده عن القضاء، والتقدم بشكوى لهيئة مكافحة الفساد في حالة وجود انتهاك، بدلا من طرح القضية بهذه الطريقة".

وينص القانون الأساسي الفلسطيني على أن تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى يتم بتكليف من مجلس القضاء؛ الذي يقوم بدوره برفع توصية للرئيس الفلسطيني للموافقة على هذا التعيين، ولكن قرار إقالة صرصور وتعيين خليفته جاء دون توصية من المجلس.

قانونية القرار

من جانبه، أعرب أستاذ القانون في جامعة غزة، المستشار أحمد حسنية، أن "قرار الإقالة الصادر من الرئيس لا يمكن الجزم بقانونيته؛ لأنه لم يتم بحسب الأصول والأعراف القانونية، وبالتالي جميع القرارات الصادرة من الرئيس الفلسطيني هي استثنائية لوجود فراغ تشريعي بسبب عدم انعقاد المجلس التشريعي منذ ما يقرب العشر سنوات".

وأضاف حسنية في حديث لـ"عربي21"؛ أن "القرار الذي اتخذ سياسي لخدمة أهداف لا يمكن الجزم بها في الوقت الراهن".

توظيف للقضاء

وحول تقييمه لعمل جهاز القضاء الفلسطيني ومدى استقلاليته، بحسب ما ينص عليه القانون، أشار حسنية إلى أن "جهاز القضاء الفلسطيني يعاني من مشكلة هيكلية، وهي وجود مرجعيتين قانونيتين في شطري الوطن (الضفة الغربية وقطاع غزة)، الأمر الذي يؤدي إلى تعارض القرارات الصادرة بين المحكمتين"، وبالتالي يقوم كل فصيل في غزة والضفة بتوظيف القضاء لخدمة مصالحه، كما يقول.

يذكر أن الرئيس الفلسطيني كان قد أصدر مرسوما بتعيين المستشار سامي صرصور رئيسا لمجلس القضاء الأعلى في 20 كانون الثاني/ يناير من العام الجاري، خلفا للمستشار علي مهنا الذي تم تعيينه وزيرا للعدل في حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد لله، ولكن سرعان ما ظهرت الخلافات بين جهاز القضاء الفلسطيني والسلطة التنفيذية بسبب اتهامات بـ"توظيف الرئيس محمود عباس جهاز القضاء لخدمة أغراض سياسية" بحسب ما أشار الخبير القانوني ومدير عام المجلس التشريعي الفلسطيني، نافذ المدهون.

وأضاف المدهون، في حديث لـ"عربي21"، أن حالة الإرباك السياسي التي يعيشها الرئيس عباس تدفعه إلى تعيين قضاة بحسب ما يتوافق مع مصالحه الشخصية، دون النظر إلى قانونية القرار من عدمه، مشيرا إلى أن تعيين وإقالة اثنين من القضاة في هذا المنصب في عام واحد هو أمر مستغرب، لا بد من الوقوف على حيثيات اتخاذه؛ لأنه لا يوجد أي مسوغ قانوني ينص على القيام بخطوة كهذه"، كما قال.