صحافة دولية

بيتر أوبورن: ما هي مشكلة حزب المحافظين مع المسلمين؟

ميدل إيست آي: قد يكون حزب المحافظين في طريقه للتحول إلى حزب طائفي- أ ف ب
كتب المعلق المعروف بيتر أوبورن في موقع "ميدل إيست آي" مقالا عن مشاركته في مؤتمر حزب المحافظين الأخير.

ويقول الكاتب: "عدت لتوي من مؤتمر حزب المحافظين في بيرمنغهام، حيث سمعت رئيسة الوزراء تلقي خطابا كان الأكثر وطنية لأي رئيس وزراء بريطاني في السنوات الأخيرة".

ويضيف أوبورن في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "حزب المحافظين يرفض بغضب أي ادعاء بأن هذه الوطنية لها علاقة بالتمييز العنصري أو التعصب الأعمى، وأنا أميل إلى الآن إلى قبول ذلك".

ويشير الكاتب إلى أن تجربته في مؤتمر الحزب دعته إلى تغيير موقفه، ويقول: "لكن تفاصيل حادث مزعج خلال مؤتمر حزب المحافظين بدأت تظهر، وإن كانت صحيحة فإنها تشير إلى أن حزب المحافظين قد يكون في طريقه إلى التحول إلى حزب طائفي، بل عنصري أيضا".

ويبين أوبورن أن "للحادث علاقة باجتماع هامشي كان من المقرر أن تعقده منظمة (تيل ماما)، وهي منظمة محترمة، وظيفتها رصد الكراهية والتعصب الأعمى ضد المسلمين". 

ويستدرك الكاتب قائلا: "مع أن هناك نزاعا حول الحقائق، ولا تزال القصة كاملة لم تتكشف، إلا أنه لا جدل حول الرواية الآتية: وصل فياز موغل، مؤسس (تيل ماما) وفريقه في وقت متأخر من مساء يوم الثلاثاء، للتحضير للاجتماع الهامشي، لكنهم حرموا من تصاريح حضور المؤتمر". 

ويوضح أوبورن أنه "بحسب رواية (تيل ماما)، فإن ما تبع ذلك غير مقبول، قال لي فريق (تيل ماما) الليلة الماضية إنه تمت مضايقتهم من الحراس التابعين لشركة (جي 4 أس) بطريقة بشعة، كما قالوا بأن الحراس تبعوهم في كل مكان، وراقبوهم بشكل فيه تهديد، وشتموا أحد الموظفين لديهم".

ويلفت الكاتب إلى أنه "بالرغم من محاولة الوصول عن طريق طرف ثالث، إلا أن أعضاء (تيل ماما) لم يستطيعوا الدخول إلى المؤتمر، واضطروا لإلغاء النشاط الهامشي في آخر لحظة".

حصل هذا في السابق

ويعلق أوبورن قائلا: "المهم أن هذا ليس حالة استثنائية، فهذه المعاملة لمنظمة (تيل ماما) تتماشى مع نمط ثابت من المعاملة المهينة، التي تنم عن كراهية من حزب المحافظين تجاه المنظمات الإسلامية".
    
ويقول الكاتب: "رئست قبل ثلاثة أعوام اجتماعا للمنظمة الإسلامية (إنغيج)، التي تعمل على تشجيع المشاركة الإسلامية في السياسة البريطانية، على هامش مؤتمر، وقام رجل الأعمال والناشط السياسي سفيان إسماعيل بطرح قضية المسلمين بشكل بليغ، عندما قال إن المسلمين محافظون بطبيعتهم، لكن ما عكر صفو ذلك الاجتماع الجميل هو فشل حزب المحافظين بالوفاء بوعده بحضور عضو برلمان محافظ الاجتماع، وإلقاء خطاب فيه".

ويضيف أوبورن: "عندما واجهت رئيس الحزب في وقتها غرانت شابس، قال لي إن هناك (قضايا أمنية)، لكنه اعترف لي فيما بعد بأن ذلك كان مجرد عذر، ولا صلة له بالحقيقة، وتم إلغاء مؤتمر حول المؤسسات الخيرية الإسلامية العام الماضي، من تنظيم اتحاد مديري (أسيفو) في آخر لحظة، وكان رئيس حزب المحافظين أندرو فيلدمان توصل إلى قراره، بناء على تقرير صحافي، ادعى أن إحدى الجمعيات المشاركة (هيومان أبيل) لها علاقة بالإرهاب".

ويتابع الكاتب قائلا إنه "لسوء الحظ، فإن حزب المحافظين ألغى النشاط، الذي كان من المفروض أن أتحدث فيه، دون التأكد من ادعاءات الصحيفة، ودون الاتصال بـ(أسيفو) ولا (هيومان أبيل)، وعندما تفحصت التقرير في اليوم التالي، كان من السهل أن أرى فيه عددا من الأخطاء الخطيرة، التي كان يمكن للحزب أن يكتشفها لو تجشم عناء مراجعة التقرير".

ويتوصل أوبورن إلى أن "هناك نمطا واضحا من التصرفات المهينة، التي تنم عن بغض للمنظمات الإسلامية في مؤتمر حزب المحافظين".

ماذا لو صدر مثل هذا عن حزب العمال؟

ويتساءل الكاتب قائلا: "دعونا نتخيل أن حزب العمال عامل منظمة (كومينيتي سيكيوريتي ترست)، وهي منظمة محترمة متخصصة في فضح معاداة السامية، بالأسلوب ذاته خلال مؤتمره، ولنتخيل أنهم حرموا من تصاريح الحضور، وقالوا بعدها إنه تمت مضايقة موظفيهم من الحراس، أظن أن حدثا كهذا كان سيفسر على أنه دليل على وجود معاداة للسامية متجذرة ومؤسساتية في حزب العمال". 

ويقول أوبورن: "ليس عندي شك بأن زعيم حزب العمال جيرمي كوربين كان سيطلق تحقيقا مباشرة، وربما اعتذر بشكل كامل من المؤسسة المعنية، لكن ليس هناك أي دليل على أن مثل هذا سيحصل بعد ما حدث مع (تيل ماما)".  

ويضيف الكاتب: "عندما تحدثت اليوم مع حزب المحافظين، ألقوا باللائمة كاملة على (تيل ماما)، فبحسب ما قالوه، فإن المنظمة تأخرت في تقديم الطلب لحضور المؤتمر، أما شركة الحراسة (جي 4 أس) فأنكرت ادعاء (تيل ماما) بأن موظفيها تصرفوا بشكل مهدد بأي شكل من الأشكال، وقال لي متحدث باسم الشركة: (نحن مطمئنون تماما أن موظفينا تصرفوا بشكل ملائم تماما)، وأضاف الحزب الادعاء بأن ممثلي (تيل ماما) أساؤوا الأدب مع موظف الحزب، الذي رفض منحهم تصاريح حضور المؤتمر".   

ويواصل أوبورن قائلا: "علي هنا أن أعترف بأن لي علاقة بمنظمة (تيل ماما) لسنوات عديدة، وكنت في اللجنة، وتحدثت في المؤتمر الصحافي لإطلاق المنظمة قبل أربع سنوات، وهي منظمة ممولة من الحكومة، وتعمل عملا جيدا في فضح التعصب الأعمى، والتخويف الذي يتعرض له المسلمون، وطبعا، فإن من المفارقات الكبيرة، أن تدعي (تيل ماما) الآن أن موظفيها أنفسهم تعرضوا للإهانة في مؤتمر حزب المحافظين". 

الحدث يكشف نمطا لدى المحافظين

وينوه الكاتب إلى أن "هناك روايتين مختلفتين حول كيف تم رفض دخول منظمة (تيل ماما) لحضور مؤتمر المحافظين، ولا أحد يعرف الحقيقة بعد، لكن علينا أن نضع في ذهننا أن المعاملة التي تدعيها (تيل ماما) تشكل جزءا من نمط تصرف حزب المحافظين تجاه المنظمات الإسلامية".

ويقول أوبورن: "كما كشفت في (ميدل إيست آي) بأن حملة زاك سميث، ضد صديق خان خلال سباقه للفوز في انتخابات عمدة لندن، جرت على محاور طائفية صارخة، وفي مرحلة من المراحل قام رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون نفسه بالانحدار لدرجة ذم إمام في جنوب لندن على علاقة بصديق خان، واتهمه بأنه يؤيد تنظيم الدولة، وهو اتهام فظيع، ولا يستند إلى دليل، ولم يقم رئيس الوزراء وقتها سوى بتقديم اعتذار ضعيف، بعد انتهاء انتخابات عمدة لندن". 

ويستنتج الكاتب أنه "لذلك، فإن هناك تاريخا، ما يعني أن على رئيس حزب المحافظين الجديد باتريك ماكلوخلين أن يصل إلى حقيقة ما حصل في بيرمنغهام الأسبوع الماضي، ويعتذر إن كان هناك حاجة.. وكذلك على (تيل ماما) أن تسحب ادعاءها إن لم يكن له أساس".

ويخلص أوبورن إلى أن "مؤتمر حزب المحافظين الأسبوع الماضي كان ناجحا على عدة مستويات، فوحدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الحزب، وهو ما لم يكن يستطعه أي عضو كبير في الحزب بعد استفتاء أوروبا، وعكس خطابها في المؤتمر مقدرة، وظهر حزب المحافظين بأنه حزب قادر على الحكم، لكن هناك نقطة قد تتحول فيها الوطنية إلى تعصب أعمى، وإن كانت قصة (تيل ماما) صحيحة فقد تم تجاوز هذه النقطة في بيرمنغهام الأسبوع الماضي".