تبدو نسبة التصويت على مشروع رعاية الإرهاب، كوهلة أولى، وكأنها إعلان حالة الحرب على السعودية ودول أخرى. لكنها في أقصى وأقل تقدير، إعلان حال المواجهة. ولا يعقل أن الكونغرس تصرف بموجب قناعات شملت جميع أعضائه، بقدر ما تبدو المسألة «كلمة سر» أغلقت بموجبها جميع أبواب القانون الدولي، ليس فقط في وجه الدول المقصودة، بل خصوصا في وجه الرئيس الأمريكي وإدارته.
ورجال القانون والتشريعات الذين اقترعوا إلى جانبه مشروع القانون، كما لو أنهم في مهرجان، يعرفون تماما نقائصه ومضاعفاته وانعكاساته. لكن هذه هي أميركا التي تسمح لنفسها بفرض العقوبات وحجز الأموال، كأنما الدول الأخرى مدرسة مشاغبين وتلامذة مقصرون.
ومن الصعب أن نستوعب الآن الضرر الذي سوف يلحق بالمصالح والاقتصاد الأمريكي في المستقبل، والمخاوف من اعتماد الدولار. ولكن الأمريكيين يعتمدون على خوف الدول من سطوتها وتدخلاتها وقواها الإعلامية.
ولذا، فإن الحل الأمثل ليس في المقالات الغاضبة التي تهب إليها الصحافة ولا يخرج صداها أبعد من أوديتنا. المواجهة، كما قلت من قبل، في قلب أمريكا وأوروبا. والذين كانوا يفكرون في الروس، فلينسوا الروس، لأنهم منهمكون بتحويل حلب إلى رماد، ولأنهم ماضون في الثأر من إهانة أفغانستان. الروسي السوفياتي هو الروسي الاتحادي.
المواجهة تكون من خلال القانون. وقد يكون معقدا، وأحيانا متحيزا، لكنه مليء بالشواهد والشهود. وغريب أن يتهم الكونغرس دولا أخرى برعاية الإرهاب، ويعرضها للمحاسبة، بعد أشهر قليلة على صدور تقرير «تشيلكوت» في بريطانيا، الذي يتهم واشنطن ولندن بضرب العراق واحتلاله بموجب ذرائع كاذبة.
الدول التي يقصدها الكونغرس كانت حليفة أمريكا في محاربة الإرهاب، لا في رعايته. وإذا كان المقصود تلك الدول الربيبة التي لعبت دورا مزدوجا، فلتبحث الولايات المتحدة عن غفلتها، وعن مسؤوليتها هي، في سذاجة العلاقة وخداع المخادعين.
بعد 15 عاما على إرهاب 11 أيلول/ سبتمبر، لا بد أن شيوخ أمريكا ونوابها مطّلعون على أدق الحقائق في الجريمة. إلا إذا كانوا يعرفون أكثر مما يعرف رئيسهم، وكانوا أكثر وطنية منه.
الشرق الأوسط اللندنية