رأى متابعون للشأن
اليمني أن قرار الرئيس اليمني عبدربه منصور
هادي نقل المصرف المركزي إلى مدينة
عدن (جنوبا) خطوة جريئة، ولطالما كان من المواضيع الأكثر جدلا مع "البنك الدولي" الرافض لهذا الإجراء، إلا أنه يعد بداية فعلية لمعركة ذات بعد اقتصادي تخوضها الشرعية ضد الحوثيين وحلفائهم.
قرار هادي جاء في ظل أزمة مالية معقدة تعيشها اليمن، تهدد البنك بـ"الإفلاس" لاسيما بعد إعلان الحكومة الشرعية وقف التعامل مع
البنك المركزي في صنعاء، في وقت سابق من الشهر الماضي، الأمر الذي أدى إلى أزمة سيولة نقدية في البنك.
موسكو ترفض طلب حوثي
وفي هذا الإطار، أفاد مسؤول في الرئاسة اليمنية بأن قرار نقل المقر الرئيس للبنك المركزي إلى مدينة عدن، وتحرير القرار المالي من أيدي الحوثيين، جاء بعد أيام من مذكرة رسمية بعثتها الحكومة اليمنية إلى موسكو برفض طلب تقدم به محافظ البنك المقال، محمد عوض بن همام، تحت ضغط حوثي لطباعة 400 مليار ريال يمني، بما يساوي (مئة وثلاثة وثلاثين مليون دولار أمريكي) لمعالجة أزمة السيولة النقدية التي يعاني منها البنك.
وأضاف المسؤول -الذي فضل عدم كشف اسمه- لـ"
عربي21" أن القرار حظي بموافقة دول الخليج" دون أن يقدم تفاصيل أخرى بهذا الشأن.
وكان محافظ البنك المقال، بن همام، أعلن قبل أيام أن البنك لن يستطيع دفع مرتبات موظفي الدولة الشهر المقبل؛ نظرا لأزمة السيولة التي تعصف بالبنك.
رفض حوثي للقرار
وفي أول رد رسمي لجماعة الحوثيين، أكد الناطق الرسمي باسم الجماعة، محمد عبدالسلام، أن قرار نقل البنك المركزي إلى عدن غير شرعي.
وذكر في تصريح لقناة "الميادين"، مساء الأحد، أن هادي لا شرعية له ولا لقراراته، خاصة "قرار نقل البنك إلى عدن"، معتبرا إياه بـ "القرار الأحمق والغبي"، هدفه إخضاع الشعب اليمني.
وحسب ناطق الحوثيين، فإن اليمنيين "لن يقبلوا سلب قرارهم ليكون بيد السعودية".
استمرار البنك في صنعاء مخاطرة
وفي هذا السياق، قال رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، نجيب غلاب، إن استمرار البنك تحت إدارة الحوثيين في صنعاء يمثل مخاطرة كبيرة، كان لا بد من إنقاذه بالقرار الصادر اليوم، في ظل حالة الإفلاس التي وصل إليها البنك جراء استنزافه من قبل الحوثيين، الذين يفتقدون لأي مؤهلات لمعالجة المشكلات التي أحدثوها في البنك واقتصاد البلاد.
وأوضح في حديث خاص لـ"
عربي21" أن مسألة نقل البنك المركزي إلى عدن مسؤولية كبيرة تتحملها الشرعية الذي ستزداد الثقة بها بإسناد إقليمي ودولي لإنقاذ البنك.
وشدد غلاب أن دول التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، ستكون لها مساهمات كبيرة لخروجه من معضلة الإفلاس والانهيار.
وأضاف أن "قرار هادي الأخير يجعل حكومته المتحكمة بالمؤسسات المختلفة للدولة وفرض إرادتها عليها"، مشير إلى أن الموارد المالية سيعاد تنظيمها وتحصيلها مع دعم عربي ودولي، وهذا كفيل بحماية الاقتصاد من الانهيار.
ولفت رئيس منتدى الجزيرة العربية إلى أن مسألة رفض نقل المصرف المركزي لم تعد مجدية، بل المفترض مساعدة الحكومة الشرعية، وإجبار الانقلاب على ترك البنك، وربط فرع صنعاء بالمركز في عدن. منوها إلى أنه في حال رفض القرار فإن الانقلاب وأطرافه (في إشارة إلى الحوثي وصالح) سيكونون أكثر خسارة، بعدما باتت الشرعية صاحبة القرار المالي بالبلد.
ورأى السياسي غلاب أن إصدار الرئيس هادي لقرار نقل البنك، الذي جاء متأخرا، لربما أتى عقب موافقة من المؤسسات الدولية والدول الراعية والمساندة لليمن.
واتخذت الحكومة اليمنية عددا من الإجراءات التي سبقت هذا القرار، منها وقف إرسال أي موارد مالية من المدن المحررة، لاسيما المتحصلة من قطاع النفط، إلى البنك المركزي في صنعاء، بالإضافة إلى وقف التعامل بشكل نهائي مع البنك، وتجميد أرصدته في الخارج.
الجدير ذكره أن هذا القرار أيضا جاء ليمهد عودة الحكومة إلى عدن بشكل نهائي، وهو ما أقره الرئيس هادي في اجتماع عقده أمس مع أعضاء حكومة أحمد عبيد بن دغر، لممارسة مهامها في المدينة وغيرها من المدن الخاضعة لسيطرة القوات الموالية لها.