صحافة دولية

لاكروا: الحياة ما زالت مستمرة في حلب رغم الحرب

الحرب زادت التفرقة في حلب التي يعيش بها 1.7 مليون سوري- أرشيفية
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن وضع مدينة حلب، في ظل الحرب الدائرة الآن بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة، خاصة بعد سيطرة الجيش السوري الحر خلال تموز/ يوليو سنة 2012، على أجزاء هامة من المدينة.
 
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن عدد سكان حلب يبلغ حوالي 1.7 مليون ساكن، يعيش جزء هام منهم في غرب المدينة تحت سيطرة النظام، ويعيش ما بين 250 ألفا و300 ألف في الجزء الشرقي تحت سيطرة المعارضة المسلحة، وتجدر الإشارة إلى أن سكان هذه المدينة يعيشون وضعا يوميا صعبا، فلا أحد يدري أي الطرفين سينتصر في نهاية المطاف.
 
وذكرت الصحيفة أن أربع سنوات من الصراع زادت من حدّة التفرقة في المدينة، فلا أحد من مخيم النظام أو المعارضة يسيطر على حلب بشكل كلي؛ فالطائرات الروسية والسورية تقصف المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، في حين ترد المعارضة بقذائف الهاون والصواريخ على الأحياء الواقعة في المنطقة الغربية.
 
وأشارت الصحيفة إلى أنه بين القتال والهدنة، تتواصل حرب الاستنزاف؛ فالماء ضرورة والغذاء ثمين، والناس تشتري مستلزماتها منه وتخزنه في المخازن، كما أن المولدات تنتج الكهرباء بسعة واحد أمبير لكل 12 ساعة، والنقل سواء كان سيارة أجرة أم حافلة صغيرة، فقد أصبح يوما بعد يوم أكثر كلفة.
 
وأصبح الجميع يعتمدون على المساعدات الإنسانية. وفي هذا الصدد يقول رائد، أحد سكان مدينة حلب: "يُوزع علينا الصليب الأحمر، وغيره من المنظمات الخيرية، كل شهر أكياس -المطبخ الجماعي- وتوزع المأكولات الساخنة من قبل ثلاثة مراكز، يديرها اليسوعيون والإخوة ماريست بالإضافة إلى حركة اليونانيون الأرثوذكسية، كل يوم، لأكثر من 16 ألف عائلة أغلبها عائلات مسلمة".
 
وأضاف رائد، ناقلا ما يحدث في حلب: "تحتاج عائلة مكونة من خمسة أشخاص إلى 100 دولار في الشهر على الأقل، وحتى لو عمل الأبوان كامل الوقت، فلن يكفي راتبهم إلى آخر الشهر، لذا فإن أكثر من 90 بالمائة من العائلات تعتمد على المساعدات الإنسانية".

وأضافت الصحيفة أن خمس سنوات من الحرب والانهيار الاقتصادي جعلت غالبية الشعب في وضع سيئ. وأوضح رئيس غرفة التجارة، محمد مجد الدين دبّاغ، الذي يعمل على مساعدة التجار، قائلا: "إننا نحاول الصمود دون أن نعتمد على مساعدات الدولة والمنظمات الدولية".
 
وقالت الصحيفة إنه لمواجهة هذا الوضع المأساوي، فقد سلك سكان حلب أساليب وطرقا متنوعة، حيث قال المهندس السابق في معمل النسيج، إيبان، إن "الناس هنا يقومون بعدّة وظائف لزيادة دخلهم، فبعض العائلات تجبر أبناءها على ترك مقاعد الدراسة بهدف العمل، فيما يُؤجّر البعض غرفا في منازلهم للنازحين، ويبيع البعض الآخر سياراتهم أو مجوهراتهم؛ إذا لم تصلهم أموال من أفراد عائلاتهم بالخارج".
 
وأشارت الصحيفة إلى وضع البلاد، في تلك الأيام القليلة التي عاشها الحلبيون في ظل وقف إطلاق النار، حيث عادت حركة السير إلى طبيعتها وتواجد موظفو شرطة المرور في المفترقات لتنظيم السير، ولكن هذه الصورة الوهمية، حول مظاهر وجود مؤسسات الدولة، لم تخدع أحدا من سكان المدينة.
 
وأفادت الصحيفة أن توقف العنف من عدمه، أو قرار الخروج من المنزل، هو عبارة عن رهان يومي، فالموت قد يأتي في صورة قذيفة هاون أو صاروخ قد يصيب المكان الخطأ، مثل ذلك الذي أصاب مستشفى الأطفال أول الشهر. فقد تعلم سكان حلب الغربية أن يعيشوا في ظل خوفهم مما يسمونه "مدافع جهنم"، وهي صواريخ بدائية تستخدمها المعارضة المسلحة مصنوعة من قوارير غاز البروبان ومُغلفة بالمتفجرات وبعض القطع المعدنية.
 
وفي إشارة إلى وضع المسيحيين في حلب الذين يقدر عددهم قبل الحرب بحوالي 150 ألف شخص، ولم يتبق منهم اليوم سوى 35 ألفا، فقد قالت الصحيفة إنهم كغيرهم من سكان حلب، في حيرة من أمرهم ويتساءلون عما إذا كان لا بدّ من مغادرة البلاد.
 
وفي الوقت الذي رحل فيه العديد من المسيحيين، فإن أعدادا غفيرة منهم ما زالت تستعدّ هي الأخرى للرحيل، وذلك خوفا من تداعيات الحرب. أما بالنسبة للبعض، فإنهم ما زالوا يتحلّوْن بالأمل خاصة بعد انتقال الكثير من المسلمين للسكن في أحياء المسيحيين، ما قلّل من مخاوف المجتمع المسيحي تجاه جيرانه المسلمين.
 
ولكن الطالب الجامعي في حلب، مروان، الذي حضر زواج أحد أقاربه، في أحد المطاعم بحضور مئات المدعوين الذين رقصوا إلى وقت متأخر من الليل، يؤكد قائلا إنه "توجد حرب وتوجد حياة أيضا، فالشعب السوري لن يتوانى عن ترديد عبارة واحدة وهي: هذا يكفي نريد أن نعيش".