سياسة عربية

داخلية مصر تكشف بالخطأ خطتها لمواجهة أزمة الصحفيين

تتصاعد الأزمة بين صحفيي مصر ووزارة الداخلية بعد اقتحام الداخلية للنقابة- أرشيفية
قامت وزارة الداخلية المصرية بإرسال مذكرة "تقدير موقف" بشأن آلية التعامل مع أزمة اقتحام نقابة الصحفيين بالخطأ للإعلاميين، وتحتوي على عدة نقاط، لوضع استراتيجية لمخاطبة الرأي العام من قبل وزارة الداخلية، وهو ما اعتبره صحفيون بأن "الداخلية" تفضح نفسها بنفسها، ولكن عن طريق الخطأ.

وقالت الداخلية -في المذكرة التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي ونشرتها بوابة الأهرام الحكومية- إن "التصعيد من جانب نقابة الصحفيين تصعيد متعمد من قبل نقيب الصحفيين يحيى قلاش وبعض أعضاء مجلس النقابة أصحاب التوجهات، ومن أبرزهم خالد البلشي – جمال عبد الرحيم – محمد عبدالقدوس – حنان فكري- .. وغيرهم من أعضاء المجلس، وذلك لتحقيق مكاسب انتخابية، ولن يتم التراجع عن هذا الموقف في القريب العاجل إلا عقب تحقيق بعض المكاسب".

وأضافت أنه "يجب توقع شن حملة إعلامية شرسة على وزارة الداخلية من كافة وسائل الإعلام؛ انتصارا وتضامنا مع النقابة، وهنا يجب التأكيد على أن تلك الحملة لا يمكن إيقافها، فسوف يكون هناك تسابق من جانب الإعلاميين لإظهار التضامن مع النقابة؛ انتصارا للحريات، ومن يخرج عن هذا السياق سوف يتم اتهامه بالتنسيق مع الجهات الأمنية، وما إلى ذلك من الاتهامات".

واستطردت الداخلية قائلة إنه "يجب أن يكون للوزارة موقف ثابت، وهو ما تم التأكيد عليه في البيان الصادر عن الوزارة بشأن الواقعة، فلا يمكن التراجع عن هذا الموقف الآن، فالتراجع يعني أن هناك خطأ قد حدث، وبالتالي لو كان هناك خطأ فمن المسؤول؟ ومن يجب محاسبته؟".

وطالبت بأن يتمثل الخطاب الإعلامي للوزارة خلال المرحلة المقبلة في تأكيد أن ما حدث من أعضاء مجلس النقابة مخالف للقانون، وأن التستر على متهم مطلوب ضبطه وإحضاره من قبل النيابة العامة يعد "جريمة" تستوجب خضوع نقيب الصحفيين، وكل من شارك في تلك الجريمة للقانون.

ودعت الداخلية إلى استثمار البيان الصادر عن النيابة العامة بشأن الواقعة في تدعيم موقف الوزارة، وتأكيد أن ملاحقة الصحفيين كانت بناء على قرار صارد من النيابة العامة بشأن تورطهما في الإعداد لمخطط يهدف إلى إحداث فوضى بالبلاد.

وأصدر مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق، الاثنين، بيانا قال فيه إنه تم إلقاء القبض على الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا في ضوء الإذن القضائي الصادر بضبطهما وإحضارهما وسبعة متهمين آخرين في القضية، رقم 4016 لسنة 2016 قسم ثان شبرا الخيمة.

وذكر بيان النيابة العامة أن المعلومات والتحريات أظهرت حيازة هؤلاء العناصر الأسلحة النارية وقنابل المولوتوف ومطبوعات ومنشورات تحريضية، وهو ما أظهر أن تلك المخططات تؤثر حتما على أمن وسلامة البلاد، مضيفا بأن التحقيقات أكدت قيامهم بنشر الأخبار والشائعات الكاذبة، واستغلالها في الدعوة والتحريض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تزامنا مع احتفالات أعياد تحرير سيناء في 25 نيسان/ أبريل الماضي، واستغلال تلك التظاهرات في الاشتباك مع قوات الشرطة وأفراد القوات المسلحة، والاعتداء على المنشآت العامة والحيوية ومهاجمة الأقسام.

وقالت الداخلية إن " التعامل المباشر من جانب الوزارة سوف يقابل بالرفض والتشكيك من وسائل الإعلام؛ ولهذا يمكن الاستعانة ببعض الخبراء الأمنيين من السادة لواءات الشرطة بالمعاش والتنسيق مع بعض البرامج؛ لاستضافتهم وشرح وجهة نظر الوزارة في الواقعة، على أن يتم اختيارهم بعناية فائقة؛ نظرا للهجوم المتوقع عليهم أثناء الحوار، وتزويدهم بكافة المعلومات اللازمة حول الاتهامات الموجهة للصحفيين، بالتنسيق بين قطاعي الإعلام والعلاقات والأمن الوطني".

وتابعت بأنه " يجب العمل على كسب تأييد الرأي العام لمواجهة موقف النقابة -وذلك من خلال الترويج لأن النقابة تسعى إلى أن تكون جهة فوق القانون لا يمكن محاسبة أعضائها- وهنا تجدر الإشارة إلى وجود قطاع من الرأي العام مؤيد بالفعل لموقف الوزارة ومنتقد لموقف النقابة، وهو ما يمكن البناء عليه لكسب تأييد الرأي العام، ويجب هنا التفرقة بين الرأي الشعبي وما تردده وسائل الإعلام".

وقبل يومين فقط من الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، اقتحمت قوات الأمن نقابة الصحفيين بوسط القاهرة، للمرة الأولى في تاريخ النقابة، التي تأسست في أربعينيات القرن الماضي؛ من أجل القبض على الصحفيين عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة يناير، ومحمود السقا الصحفي بالبوابة.

وتتصاعد الأزمة بين صحفيي مصر من ناحية، ووزارة الداخلية ونظام عبد الفتاح السيسي، حيث يصر كل طرف على مواقفه دون أي تراجع، في ظل صمت وتجاهل تام من قبل السيسي، رغم مناشدات الكثيرين له بسرعة وضرورة التدخل.

وقررت النيابة العامة المصرية حبس الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا 15 يوما على ذمة التحقيقات في اتهامات وجهتها لهم الشرطة بحيازة أسلحة نارية وقنابل مولوتوف ومنشورات تحريضية ضد الحكومة في أزمة جزيرتي تيران وصنافير.

وساعة بعد أخرى، تتسع موجة الغضب الواسع والرافض لاقتحام مقر نقابة الصحفيين، حيث صدرت عشرات البيانات والتصريحات المنددة والمهاجمة لتصرفات وزارة الداخلية من قبل عديد من النقابات المهنية والأحزاب السياسية والمؤسسات المستقلة والشخصيات العامة، مؤكدين تضامنهم الكامل مع مطالب الجماعة الصحفية.

واجتمع مجلس نقابة الصحفيين في حضور نقيب الصحفيين يحيى قلاش، مساء الاثنين، مع الصحفيين المعتصمين في النقابة؛ لمناقشة سبل التصعيد.

واتفق المجتمعون على تعليق شارات سوداء على مبنى النقابة، وتنظيم مؤتمر صحفي ظهر الثلاثاء، إلى جانب تنظيم وقفة احتجاجية في الخامسة مساء الثلاثاء، إلى جانب الحشد للجمعية العمومية التي ستعقد الأربعاء.

إلى ذلك، هاجم عدد من البلطجية الصحفيين المعتصمين على سلم نقابتهم في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، بعدما سمحت لهم قوات الأمن التي تحاصر النقابة بالوصول إلى سلالم النقابة، حيث تجمعوا (البلطجية) أمام سلم النقابة واحتكوا بالصحفيين، موجهين لهم سبابا وألفاظا نابية.

ووفقا لروايات صحفيين شهود عيان: "عندما حاول بعض الصحفيين إبعاد البلطجية عن مدخل النقابة، قام البلطجية بقذفهم بالحجارة والزجاجات، قبل أن يتدخل عدد من أعضاء المجلس لإدخال الصحفيين إلى مقر النقابة؛ لمنع تطور الأمور إلى أبعد من ذلك".

جدير بالذكر أن مدير أمن القاهرة اللواء خالد عبد العال زار قوات الشرطة التي تحاصر مقر نقابة الصحفيين وتغلق الشوارع المؤدية إليها، مساء الاثنين.

من جهته، قال وكيل نقابة الصحفيين خالد ميري، إن السيسي سيتدخل خلال ساعات باعتذار رسمي يحفظ كرامة الصحفيين لإنهاء هذه الأزمة، مؤكدا أن ما حدث من جانب وزارة الداخلية أساء إلى مصر والسيسي بشكل غير مسبوق.

وأضاف -في مداخلة هاتفية له بإحدى الفضائيات- أن الجماعة الصحفية "وطنية" وثارت من أجل كرامة هذا الوطن، وكانت في مقدمة صفوف الشعب خلال ما وصفه بثورتي 25 كانون الثاني/ يناير و30 حزيران/ يونيو، واصفا بيان وزارة الداخلية حول واقعة الاقتحام بأنه يحوي أكاذيب فاضحة، لتبرير موقفها بدلا من الاعتراف بخطئها، ومحاسبة المتورطين.




وأكد رئيس تحرير صحيفة الشروق عماد الدين حسين -في تصريحات إعلامية- أن الحكومة ووزارة الداخلية والرئاسة المصرية خسرت خسارة كبيرة جدا بسبب هذه الواقعة؛ لأن عددا كبيرا من الصحفيين كانوا يؤيدون النظام والسيسي، ولكن الآن الأغلبية أصبحت ضده.

وكانت نقابة الصحفيين قد تقدمت ببلاغ إلى النائب العام عن تفاصيل واقعة الاقتحام، مطالبة باتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، ردا على بيان الوزارة والمعلومات "الكاذبة" التي تروجها الشرطة.

وقالت -في بيان لها الاثنين- إن "الداخلية لم تجد غير إثارة الشائعات ونشر المعلومات الكاذبة بدلا من مواجهة الحقيقة والاعتراف بالجريمة التي اقترفتها، في الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمة باقتحام النقابة، في سابقة لم تحدث من قبل.

وأضافت النقابة أن الداخلية قامت بحصار مقرها، والتضييق على دخول الصحفيين، وإغلاق الشوارع المحيطة بها، لافته إلى أنه ليس صحيحا ما ورد في بيان الوزارة الذي أذاعته بأن "الداخلية" قامت بالتنسيق مع أطراف النقابة قبل الاقتحام وإلقاء القبض على الزميلين بدر والسقا.

وأشارت إلى أنه ليس معقولا ولا مقبولا أن يتم ذلك، وأن ما تم هو جريمة متكاملة الأركان في حق النقابة، وإهدار للقانون والدستور، وعملية اقتحام غير مسبوقة ومتعمدة استهدفت انتهاك حُرمة النقابة وترويع الزملاء الصحفيين المتواجدين بالمبنى، بدخول حوالي 40 عنصرا أمنيا مسلحا أثاروا الفوضى.

وقالت مصادر حكومية -في تصريحات صحفية- إن رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل أجرى، الاثنين، اتصالا هاتفيا بوزير الداخلية مجدي عبد الغفار؛ لمعرفة تداعيات أزمة اقتحام نقابة الصحفيين، والوقوف على حقيقة الأمر، لافتة إلى أنه من المحتمل أن يجمعهما لقاء الثلاثاء؛ لبحث كيفية التعاطي مع الأزمة.