مقالات مختارة

روسيا والحرب الإلكترونية

1300x600
بعد أن كان يوصف بأنه قوة في حالة تقهقر طويلة الأمد، انكب الجيش الروسي في عهد الرئيس فلاديمير بوتين على برنامج لتحديث الجيش قد يغبطه عليه البعض في واشنطن، فقد استثمر بوتين المليارات في هذا البرنامج التطويري مدعوما بالعائدات النفطية خلال الفترة من 2004 إلى 2014 عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، وأدت هذه الجهود إلى تحسن مبهر في ترسانة القوات التقليدية الروسية، وخاصة قدراتها في استخبارات الإشارات والحرب الإلكترونية.

هذه التطورات، التي استُعملت في ساحات القتال في سوريا وأوكرانيا، استُعرضت أمام العالم فيما بدا أشبه بساحة اختبار لبرنامج بوتين لتحديث الجيش. ففي سوريا، أرسلت روسيا طائرات الاستخبارات الإلكترونية واستخبارات الإشارات، مثل طائرة (إل 20 ) الشبيهة بطائرة (بي 3 أوريون) الأمريكية، وطائرة (تو 21 4 آر) لجمع واستهداف الإشارات. 

أما في أوكرانيا، فقد هيمنت روسيا على فضاء المعلومات من خلال جهد منظم للقراصنة الإلكترونيين الروس الذين استعملوا نوعا من أنواع الهجمات التي تؤدي إلى توقف الخدمة، ومهاجمة الجيش ووحدات محاربة التجسس الأوكرانية إلكترونيا.
          
ولئن كان من الطبيعي أن تعمل البلدان والجيوش على تطوير قدراتها التكنولوجية، فإن روسيا تستثمر أموالا مهمة في سبيل تحديث قواتها العسكرية بسرعة، وتأهيل جيشها وتزويده بأسلحة متطورة من أجل إعداده للقتال في ساحات معارك المستقبل. 

وبالمقابل، تُنتقد الولايات المتحدة بسبب تجاهلها للتطور السريع لقدرات روسيا في استخبارات الإشارات والحرب الإلكترونية، والذي ظهر بوضوح خلال بداية الغزو الروسي للقرم وشرق أوكرانيا، عندما تعطلت الهواتف النقالة وأجهزة الاتصال الأوكرانية بسبب أجهزة التشويش الروسية.

والحاصل أن الولايات المتحدة ربما ركزت على عقيدة محاربة التمرد أكثر مما ينبغي حين كانت عالقة في حروب من العراق إلى أفغانستان؛ والنتيجة كانت إهمالا للقدرات الأمريكية بخصوص استخبارات الإشارات والحرب الإلكترونية في حرب تقليدية مع قوة مثل روسيا أو الصين، ومثلما يعكس استعراض روسيا لقدراتها الجديدة، فإن أمام الولايات المتحدة الآن عمل كثير من أجل الرد على هذه التطورات إنْ هي أرادت الحفاظ على تفوقها في هذا المجال المهم.

كايتلن بترسون: محللة استخبارات عسكرية أمريكية

عن صحيفة الاتحاد الإماراتية