ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أنه تم الكشف عن
صور لسجناء كانوا لدى الوكالة المركزية للاستخبارات الأمريكية، حيث ظهروا فيها عراة وتبدو عليهم آثار الضرب والكدمات، ما يكشف عن استعداد "سي آي إيه" لاستخدام الإهانة الجنسية.
ويقول مراسل الصحيفة سبنسر أكرمان في في تقريره إن "سي آي إيه" التقطت صورا عارية لسجناء أرسلتهم لشركائها الأجانب للتحقيق معهم وتعذيبهم، مشيرا إلى أن مسؤولا أمريكيا سابقا شاهد بعض الصور وصفها بأنها "فظيعة جدا".
ويضيف الكاتب أن الصور العارية تطرح أسئلة حول استعداد الولايات المتحدة لاستخدام ما أطلق عليه خبير في الطب وحقوق الإنسان "الإهانة الجنسية" في مرحلة ما بعد هجمات 11/9 ضد المعتقلين المشتبه بتورطهم في قضايا إرهاب.
ويشير التقرير إلى أن بعض دعاة حقوق الإنسان والمدافعين عنها وصفوا الصور العارية لسجناء لا حول لهم أو قوة بأنها جريمة الحرب، مستدركا بأنه على خلاف أشرطة الفيديو التي استخدمتها "سي آي إيه" في
السجون السرية التي دمرتها، فإن المخابرات الأمريكية لا تزال تحتفظ بالصور العارية للسجناء.
وتذكر الصحيفة أنه في بعض الصور، التي لا تزال سرية، بدا
السجناء معصوبي العينيين ومقيدين، وبدت عليهم آثار
التعذيب، وتظهر صور مسؤولين في المخابرات أو المتعهدين الأمنيين إلى جانب السجناء، مشيرة إلى أنه لا يعرف عدد السجناء الذين اعتقلوا لدى المخابرات الأمريكية، لكن غالبيتهم ممن قامت المخابرات بترحيلهم قسريا إلى دول أخرى للتحقيق معهم في دول أجنبية تستخدم مخابراتها أشكال التعذيب كلها لانتزاع اعترافات منهم، حيث كشفت منظمات حقوق الإنسان خلال سنوات من البحث والتحقيق عن أسماء 50 شخصا مروا بهذه الإجراءات القاسية، التي تعود إلى رئاسة الرئيس بيل كلينتون، كما لا يعرف عدد الذين قامت "سي آي إيه" بتصويرهم عراة بعد إلقاء القبض عليهم.
ويعزو أكرمان سبب التصوير العاري للسجناء إلى الحاجة إلى حماية المخابرات قانونيا وسياسيا من تداعيات تعرضهم للتعذيب على أيدي الوكالات الأجنبية التي رحل السجناء إليها.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن خبراء قولهم إن تجريد السجناء من ملابسهم كان أمرا ضروريا من أجل التأكد من وضعهم الجسدي وهم في حيازة المخابرات، وتمييزهم عما سيتعرضون له عندما يتم إرسالهم إلى دول أجنبية، حيث ستمارس بحقهم ألوان التعذيب الجسدي كلها بشكل يشوه أجسادهم، رغم التطمينات التي حصلت عليها الولايات المتحدة من الدول المعروفة بسجلات فقيرة في مجال حقوق الإنسان.
وتقول الصحيفة إنها تعرفت على هوية بعض السجناء في الصور، لكنها قررت عدم الكشف عنها؛ خوفا على سلامتهم وحماية لكرامتهم، وتنقل عن الدكتور فينسنت إياكوبينو من منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، قوله: "هل الصورة العارية هي شكل من أشكال الانتهاك الجسدي؟ نعم هي شكل من أشكال الإهانة الجنسية"، لافتة إلى أن إياكوبينو لم يطلع على الصور، لكنه عبر عن قلقه الحاد قائلا: "إنها أساليب وحشية وغير إنسانية، ومعاملة مهينة وتعد شكلا من أشكال التعذيب".
وينوه الكاتب إلى أن قوانين حقوق الإنسان الدولية، بما فيها ميثاق جنيف، تحرم تصوير السجناء إلا في ظروف استثنائية تتعلق بسجنهم، ودون أن تؤثر في كرامتهم، ويقول الباحث في مبادرة هارفارد الإنسانية ناثنيل ريموند إن "التصوير أو التقاط أفلام للمعتقلين في سجون الولايات المتحدة بأمور لا علاقة لها بإدارة منشآت السجن يمكن أن يكون خرقا لقوانين الحرب بما في ذلك ميثاق جنيف"، ويضيف: "يجب على وكالات حماية القانون القيام التحقيق في أي دليل على قيام (سي آي إيه) أو أي وكالة تابعة للحكومة الأمريكية تصوير السجناء قصدا وهم عراة، باعتبار ذلك خرقا للقانون المحلي والدولي".
ويفيد التقرير بأن الصور العارية لسجناء الترحيل القسري تختلف عن صور تعذيب السجناء من "سي آي إيه" والجيش الأمريكي، فالترحيل القسري يعد من أكثر الملامح سرية في ترحيل المعتقلين ونقلهم، مع أن البرنامج قد توقف.
وتكشف الصحيفة عن أنه في عام 2015 علم محام سابق لأحد سجناء السجون السرية، وهو متهم بجرائم حرب في معتقل غوانتانامو، بوجود 14 ألف صورة التقطتها "سي آي إيه" للمعتقلين لديها، مشيرة إلى أن هذه المجموعة لا تشمل صورا للمعتقلين الذين رحلتهم الوكالة إلى دول أجنبية، حيث لا تزال هذه الصور بعيدة عن متناول الرأي العام.
ويبين أكرمان أن التقرير، الذي أعدته لجنة الأمن في الكونغرس عن التعذيب في عهد جورج بوش، الذي جاء في 500 صفحة، ونشر عام 2014، تعامل بشكل رئيسي مع معتقلي "سي آي إيه" ووسائل التحقيق معهم، ولم يتطرق إلى برنامج الترحيل، مستدركا بأن الهامش في صفحة 318 يقول إن "سي آي إيه" قامت بتصوير الأشخاص الذين اعتقلتهم وأرسلتهم إلى دول أخرى، حيث يشير الهامش إلى أن "هناك سجلات أخرى لـ(سي آي إيه) تفصل عمليات الترحيل ونقل المعتقلين إلى أو بين السجون السرية، ولا تشير سجلات (سي آي إيه) إلى تعليقات عن المعتقلين وإجراءات الترحيل".
ويستدرك الكاتب بأن تقرير لجنة الكونغرس لا يعترف بأنه تم تصوير السجناء عراة، مشيرا إلى أنه يعرف عن الاستخبارات الأمريكية أنها استخدمت أسلوب التعري ضد معتقلين آخرين بتهم الإرهاب.
وبحسب التقرير، فإن تحقيق لجنة الكونغرس يكشف عن أن "سي آي إيه" قامت وبشكل روتيني بتجريد المعتقلين من ملابسهم، مع أن وزارة العدل لم توافق على هذه الممارسة حتى عام 2005، مشيرا إلى أنه عادة ما يتلازم العري مع أساليب أخرى من التعذيب، مثل التقييد وتعريض السجين لظروف صعبة، وهو ما قاد مرة إلى وفاة سجين.
وتشير الصحيفة إلى أن المسؤولين في وزارة العدل في عهد جورج دبليو بوش عدوا الإهانة أمرا أساسيا من خلال تعرية السجين، مع أنهم أكدوا أن القيام بهذا لا يعني التهديد بالعنف الجنسي.
ويورد أكرمان أنه في عام 2005 لاحظ مسؤول في وزارة العدل أن "الأسلوب استخدم من أجل التسبب بمضايقة نفسية للسجين، خاصة إن كان السجين محتشما لأسباب ثقافية أو غير ذلك"، ويقول المسؤول إن التعرية الإجبارية تختلف عن أي إهانة جنسية صريحة أو تلميحية، مستدركا بأن التفرقة أقل وضوحا.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قيام المحققين، بحسب تقرير لجنة الكونغرس، بإدخال طعام مهروس في شرج المعتقلين، وهو ما رآه المحققون ضروريا لمنع السجناء من فقدان السوائل، فيما تصفه منظمات حقوق الإنسان بأنه اعتداء جنسي، لافتة إلى أن هذا الأسلوب تسبب للسجين مصطفى الحوساوي بأمراض في أعضائه التناسلية.