نشرت صحيفة بيلد الألمانية تقريرا، قالت فيه إن الرأي العام والإعلام في
بلجيكا يطرحان تساؤلات جدية بشأن فشل الأجهزة
الأمنية في منع هجمات
بروكسل"، خاصة أنها تأتي بعد أربعة أشهر من حالة الاستنفار الأمني، وبعد أيام قليلة من القبض على صالح عبد السلام، وهو ما يعني أنها كانت متوقعة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هجمات بروكسل التي أوقعت أكثر من 30 قتيلا و200 جريح، جاءت بعد أشهر عديدة من حالة التأهب القصوى في بلجيكا، منذ أن تبين أن الأراضي البلجيكية مثلت قاعدة خلفية للهجمات التي استهدفت العاصمة الفرنسية في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي موقعة 130 قتيلا.
ومنذ ذلك الوقت، تواصلت المداهمات والإيقافات وعمليات المطاردة في بروكسل، إلى أن حققت أكبر إنجاز لها يوم الجمعة الماضي، بإلقاء القبض على صلاح عبد السلام في حي مولنبيك، وهو العنصر الوحيد من منفذي هجمات باريس الذي لا يزال على قيد الحياة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هنالك اتهامات للأجهزة الأمنية البلجيكية بالضعف والتقصير، خاصة أن هذه الهجمات كانت متوقعة، وكان الكثيرون يخشون حدوثها في الفترة الأخيرة، حيث أشارت عدة تقارير أمنية أوروبية إلى أن
تنظيم الدولة لديه خلايا إرهابية في بلجيكا قادرة على التحضير وتنفيذ هجمات في فترة قصيرة، وهي خلايا لا تحتاج إلى إسناد أو قائد يعطيها الأوامر، بل تتحرك بشكل منفصل.
وذكرت الصحيفة أن خبراء الإرهاب في بروكسل رجحوا أن تكون هذه الهجمات الأخيرة عملية انتقامية من قبل عناصر تنظيم الدولة، بعد اعتقال العنصر البارز صلاح عبد السلام، الذي ظل مختفيا منذ هجمات باريس. وقد أعلنت الأجهزة الأمنية الفرنسية والألمانية عن وجود أدلة على أن أشخاصا على علاقة بعبد السلام كانوا يخططون لتنفيذ هجمات انتقامية.
كما أوردت الصحيفة أن المحققين كانوا يمتلكون أدلة على وجود خلية إرهابية أخرى بالإضافة إلى تلك التابعة لصلاح عبد السلام، وهي مكونة من أربعة أفراد كانوا في طريقهم لتنفيذ هجوم في أوروبا، وقد مثلت هذه المعلومات التي حصل عليها المحققون من الإنترنت دليلا واضحا على حجم الخطر الذي يتهدد الدول الأوروبية في الأيام الماضية، إلا أن الأجهزة الأمنية البلجيكية عجزت عن التعامل مع هذا الوضع، رغم أنها كانت معنية أكثر من غيرها بهذا التهديد.
وأكدت الصحيفة أن مسؤولين في المخابرات الفرنسية والبلجيكية لا يخفون امتعاضهم من أداء الأجهزة الأمنية البلجيكية، ويعتبرون أن بلجيكا "دولة فاشلة، لديها أجهزة أمنية عاجزة عن مجاراة تنظيم الدولة".
وأوردت الصحيفة في المقابل رد رئيس الوزراء البلجيكي شارلز ميشال على هذه الانتقادات، حيث قال في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء: "لم ندخر أي جهد، فمنذ هجمات 13 تشرين الثاني/ نوفمبر تم استنفار عدد كبير من رجال الأمن من أجل حماية البلاد، وقد تمت خلال الفترة الماضية مراقبة ستة ملايين شخص، كما تم منع عشرة آلاف شخص من الدخول عبر الحدود".
وقالت الصحيفة إنه رغم هذه التبريرات، فإن وسائل الإعلام والرأي العام في بلجيكا لا يخفون انتقادهم لأداء الأجهزة الأمنية، ويطرحون السؤال المحرج: "هل كان من الممكن تجنب هجمات بروكسل؟".
وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال، نقلت الصحيفة رأي الخبير في شؤون الإرهاب، كولومب ستراك، الذي قال "إن المهمة صعبة، ولا يمكن الجزم بتقصير الأجهزة البلجيكية، إذ إن تنظيم الدولة فعل كل ما يتوجب عليه من أجل البقاء بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية الأوروبية، كما أنه بارع في نشر دعاياته وتمرير التعليمات لأنصاره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يستعمل هذه المنصات من أجل شرح استراتيجيته وتكوين الخلايا في أوروبا، ويركز دائما على تعليم عناصره كيفية التمويه والاندماج داخل المجتمع الأوروبي".
وأضافت الصحيفة في السياق ذاته أن عناصر تنظيم الدولة في أوروبا أصبحوا يقومون بحلق لحاهم والظهور بمظهر غربي لا يثير الانتباه، كما أنهم يتظاهرون بالتأقلم مع المحيط الثقافي والاجتماعي في أوروبا، ويستعملون وسائل تواصل عادية مثل فيسبوك.
كما نقلت الصحيفة عن كولومب ستراك قوله: "إن أهم قاعدة يشدد تنظيم الدولة على التقيد بها هي عدم التواصل بين عناصره في أوروبا فيما بينهم، وهو ما يعني أن أغلب الخلايا المنتشرة في أوروبا، والمكونة عادة من أربعة أو خمسة عناصر، تتحرك بشكل منفرد، ولا تعرف ما تقوم به بقية الخلايا، وقد وضع تنظيم الدولة هذه القاعدة إيمانا منه بأنه كلما ازداد عدد العارفين بالخطة ازدادت إمكانية فشلها".