تستضيف بلدة الرحيبة، الواقعة في منطقة القلمون بريف دمشق، آلاف
النازحين، بعد أن وفّرت لها
الهدنة مع قوات النظام ظروفا هادئة، منذ ما يقرب من ستة أشهر، في الوقت الذي تبدو فيه جبهاتها شبه باردة باستثناء بعض الخروقات المتمثلة في الاقتتال البيني للفصائل المسيطرة على المدينة.
ويقول عضو المكتب الإعلامي للمجلس المحلي في المدينة، عبد الله تركمان، لـ"عربي21"، إنّ الهدنة أدت لاستقبال قرابة 15 ألف شخص، من الغوطة الشرقية ومدينة حمص، فضلا عن عدد من النازحين قدموا من مدينة دير الزور، ليصبح عدد سكان المدينة أكثر من 50 ألف نسمة.
وأشار تركمان إلى أنّ استقبال الرحيبة لهذه الأعداد من النازحين يعود إلى موقعها الاستراتيجي في القلمون الشرقي، وتحريرها من النظام، فضلا عن الهدنة التي وقعت في منتصف العام الماضي مع قوات الأسد.
وكانت الفصائل المسيطرة على المدينة، اتفقت مع نظام الأسد على هدنة في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، كان من أهم بنودها: الإفراج عن معتقلين من أهالي البلدة، وإدخال المواد الإغاثية والمساعدات، فضلا عن إدخال الوقود.
ويضمن النظام من خلال هدنة الرحيبة السماح لقواته باستخدام الطريق الرئيسي الذي يمتد من بوابة اللواء 81 مرورا بجامع النور فالمسلخ، وصولا إلى مدينة الضمير، ضمن ضوابط، بالإضافة لإخراج المسلحين من غير أبناء مدينة الرحيبة المقيمين فيها، مع عدم السماح بدخول عناصر جديدة إليها، والتعهد بعدم التعرض لمن يرغب بالالتحاق بالخدمة الإلزامية والاحتياطية من أهالي المدينة، أو لمن يرغب بتسوية وضعه من المطلوبين للأجهزة الأمنية.
ونفى تركمان حدوث أي خروقات للهدنة منذ توقيعها، مشيرا إلى أنه لم يتم فتح جبهة مع النظام؛ حيث إن فصائل المعارضة هناك محاصرة من قبل النظام من جهة، ومن قبل تنظيم الدولة من جهة أخرى، ولكن يوجد لها نقاط رباط على النظام والتنظيم.
وفي السياق ذاته، قال الناشط الإعلامي المقرّب من جيش تحرير الشام، أبو أحمد القلموني، إنّ الرحيبة محاصرة من اللواء 20 ومن اللواء 81، كما أنها محاصرة من جهة الضمير عبر حاجز ضخم يحمل اسم الضمير أيضا.
ونفى القلموني وجود ارتفاع في أسعار المواد الغذائية داخل المدينة، حيث إنه يُسمح للمدنيين بالدخول والخروج، وإدخال كميات قليلة من المواد الغذائية.
لكن عبد الله تركمان أشار إلى أنّ المساعدات الدولية لا تصل إلى المدينة؛ لأن النظام يقوم بتحويلها من الرحيبة إلى القرى والبلدات الموالية له، مشيرا إلى وصول دفعة صغيرة من المساعدات خلال الأيام الماضية.
وأشار تركمان إلى أنّ البلدة شهدت فترة عصيبة من الاقتتال بين الفصائل فيها، حيث إن البعض كان رافضا للهدنة، بالإضافة للقتال مع تنظيم الدولة في حينه، "لكن الأمر الآن مقبول"، بحسب وصفه.
وحظيت هدنة الرحيبة بتأييد قسم من أهالي البلدة؛ حيث أصبحوا يتنقلون بين مناطق النظام والمعارضة، بالرغم من عدم الوثوق بالنظام بشكل كامل.
ويقول أبو محمد لـ"عربي21" إن "الأجواء جيدة الآن؛ فعلى الأقل، لا يوجد قصف على المدنيين في المدينة، لقد ارتحنا من صوت الطيران، لكن في الوقت ذاته أخشى من غدر النظام".
وفي المقابل، يرفض أبو الوليد منطق الهدن مع النظام، لأنه يعتبره يحقق أمنا مؤقتا ومزيفا، لا يطول كثيرا، مستشهدا بالمعضمية وما تتعرض له، رغم الهدنة مع النظام.
وتبدي الحاجة أم محمود، النازحة من ريف حلب الشمالي، ارتياحها للوصول إلى مدينة الرحيبة، بعد إغلاق الأتراك للحدود، مشيرة إلى أنها أصبحت "بين مقصلة السفاح وطيرانه، وما بين خذل الأصدقاء، فقررت المجيء إلى هنا، بالرغم من الرحلة الشاقة التي عانيتها، من خلال ركوبي في براد نقل، إلا أنني هنا أحس بالأمان"، كما تقول لـ"عربي21".