نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا للصحافية لورا بيتل، حول
السياحة الطبية في
تركيا، تقول فيه إن مئات البريطانيين يسافرون إلى هناك لزراعة الشعر وغيرها من عمليات التجميل، واصفة مقابلتها لأحد هؤلاء السياح لأجل تلقي العلاج.
وتقول بيتل: "ينتظر إبراهيم، وهو طبيب أسنان من لندن، أن تجرى له عملية في إحدى ضواحي إسطنبول، ويعترف أنه قلق بعض الشيء. وقال بينما كان يجلس مرتديا ثوبا طبيا مرسوما على رأسه الأصلع خط بقلم عريض: (طبيعي أن يكون هناك بعض القلق)".
ويستدرك التقرير بأن جاذبية استعادة رأس مليء بالشعر بسعر مخفض، جعلت الشاب ذا الثلاثين عاما ينحي الشكوك جانبا. ويقول: "بدأت بفقدان شعري عندما كان عمري 16 أو 17 عاما، وكنت أستخدم الزيت لشعري، ولكنه بقي يتساقط، والعلاج مكلف في المملكة المتحدة، ولذلك بحثت عن مكان في الخارج، وتبين لي أن هذا المكان أصبح الأفضل".
وتشير الصحيفة إلى أن إبراهيم ليس سوى واحد من آلاف الناس الذين يسافرون إلى تركيا كجزء من السياحة الطبية المزدهرة هناك، التي أصبحت قيمتها حوالي مليار دولار، أو ما يعادل 700 مليون جنيه إسترليني. وكانت وزارة الصحة أعلنت في شهر كانون الأول/ ديسمبر عن أنه يتم إجراء كل يوم أكثر من 200 عملية زراعة شعر في تركيا، معظمها لزوار أجانب، يجذبهم قرب المكان والأسعار المنخفضة، ويأتي كثير من المرضى من دول الخليج ومصر وليبيا، بالإضافة إلى عدد متزايد من الأوروبيين.
وتذكر الكاتبة أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر، تم اعتقال جهادي فرنسي بدأ يعاني من الصلع عندما توقف في إزمير لعملية زراعة شعر سريعة، بعد عودته من القتال في صفوف تنظيم الدولة في سوريا. واعترف المتهم مهدي بن سعيد بأنه كان يخطط لتفجير انتحاري على الأراضي التركية، وأراد أن يظهر بشكل أفضل قبل أن يقوم بتفجير نفسه.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن زبائن الدكتور تيفون أوغوز أوغلو يأتون من أنحاء العالم كله، ولذلك أصبحت لديه الخبرة بما تفضله الجنسيات المختلفة فيما يتعلق بالشعر، فيقول الجراح أوغلو: "أكثر ما يهم الرجال البريطانيين هو المظهر الطبيعي (للشعر). والعرب لا تهمهم كثافة الشعر، بل يهمهم شعر طويل يصل إلى هنا"، وأشار إلى أعلى أنفه.
ويضيف أوغلو: "بعض القادمين من أمريكا يخافون من وجودهم في تركيا. الإيطاليون يبحثون عن كثافة شعر عالية، والتعامل معهم معقد. أحب الإسبان، فهم يقولون: (دكتور نحن نثق بك، مهما فعلت نقبل)"، بحسب الصحيفة.
وتبين الصحيفة أن شركته المسماة "غيت هير" (أحصل على شعر)، شهدت تزايدا مستمرا في عدد الزبائن البريطانيين، بعد أن قام بفتح مكتب لها في لندن قبل خمس سنوات، فأتى العام الماضي بـ 215 زبونا من لندن، وقد كان هذا الرقم قبل عامين 110 زبائن.
وتورد بيتل أنه يتم لقاء الزبائن في المطار، ونقلهم في سيارة إلى فندق إيجاره متضمن في الرسوم، كثير منهم يحولون الرحلة إلى إجازة، حيث يسافرون إلى إسطنبول قبل موعد عمليتهم بعدة أيام، ليزوروا أية صوفيا والسوق القديم "غراند بازار".
ويفيد التقرير بأن العملية تتم عن طريق استئصال مئات الشعرات مع بصيلاتها ثم زراعتها في المناطق الفارغة من الرأس، ويعطى المرضى تخديرا موضعيا فقط، وبإمكاهم مشاهدة التلفزيون، أو حتى النوم، أو النظر من النافذة إلى المدينة المترامية الأطراف، بينما يقوم الجراح وممرضاته بعملهم. وبعد انتهاء العملية يظهر الزبائن وكأنهم خرجوا من فيلم رعب بحوالي أربعة آلاف بقعة دم صغيرة على قمة الرأس وجوانبه. ويستريحون ليوم قبل سفرهم، مشيرا إلى أن البصيلات الجديدة تحتاج حوالي ستة إلى ثمانية أشهر كي تستقر، وبعدها تبدأ المساحات الفارغة من الشعر بالاختفاء.
وتنوه الصحيفة إلى أن "اتحادات أطباء التجميل البريطانية تنصح بتوخي الحذر عند السفر إلى الخارج لإجراء العمليات. ولو تصفحت آلاف الصفحات والمنتديات على الإنترنت، حيث يتبادل المعانون من الصلع تجاربهم حول العيادات، وستجد الكثير من القصص المخيفة عن جراحين تركوا العمل للفنيين، وعن إصابات بالعدوى بعد العمليات، أو ببساطة، عن نتائج مخيبة للآمال".
وتنقل الكاتبة عن إبراهيم، طبيب الأسنان الذي من لندن، قوله إنه قلق من السفر إلى بلد آخر، لأن يضع رأسه بأيدي عاملين في عيادة لا يعرف عنها شيئا. ويضيف: "لأن خلفيتي طبية أيضا، فأنا قلق من حصول تعقيدات حول ماذا يمكن أن يحصل، ولكن هذا الجراح مارس مهنته لفترة طويلة".
ويشير التقرير إلى أن تكلفة العملية كاملة مع تذاكر الطيران هي 2500 جنيه، وبذلك يكون الشخص قد وفر 10 آلاف جنيه عن السعر في
بريطانيا.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن هذا الفرق المالي الكبير، مع الرغبة بالحصول على رأس مليء بالشعر، هما ما يدفع بآلاف الرجال كل عام ليصبحوا "سياح زراعة"، مشيرة إلى أن إبراهيم لا يختلف عنهم كما يقول: "لماذا أذهب لهارلي ستريت عندما أجد مثل هذا السعر؟"، وهارلي ستريت في لندن مشهور بالعيادات والمستشفيات الخاصة.