يشهد منسوب
المياه في سد تشرين، الذي سيطرت عليه "قوات
سوريا الديمقراطية" من يد تنظيم الدولة مؤخرا، ارتفاعا كبيرا، ما أدى إلى حدوث
فيضانات في القرى الواقعة على جانبي السد في ريف
حلب الشرقي.
من جهته، حذر وزير الاتصالات والنقل والصناعة في الحكومة السورية المؤقتة، محمد ياسين نجار، من أن "مساحة الأراضي المتضررة قد تصل لـ176 كم مربعا، ومن المحتمل اختفاء قرابة 22 قرية شرق حلب، في حال تفاقم أزمة السد"، لافتا إلى أن تركيا خفضت من كميات المياه في مجرى نهر الفرات التي تتدفق إلى السد للتخفيف عنه.
وتمكنت "قوات سوريا الديمقراطية" من فرض سيطرتها على السد في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2015، بعد معارك خاضتها مع قوات تنظيم الدولة، وذلك في إطار عمليات في الريف الجنوبي لمدينة عين العرب (كوباني)، كانت قد أعلنت عنها، بتنسيق جوي مع طيران التحالف الدولي.
من جانبه، اتهم العقيد طلال سلو، الناطق الرسمي باسم "قوات سوريا الديمقراطية"، السلطات التركية بالوقوف وراء ارتفاع منسوب المياه، وذلك عبر ضخ كميات هائلة من المياه في مجرى نهر الفرات، بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على السد، وفق قوله.
وقال سلو لـ"عربي21": "على مدار العامين الماضيين لم نلاحظ ارتفاع في منسوب النهر، عندما كان تنظيم الدولة مسيطرا على السد، لكن عقب سيطرتنا على السد فوجئنا بارتفاع منسوب المياه، للإساءة لنا، وللتقليل من جحم الانتصار، كما قال، مضيفا: "بعد ارتفاع منسوب المياه غُمرت أجزاء من قرى عربية، وهو ما ساهم في تصوير هذا على أنه محاولة لتهجير سكان هذه القرى".
وأردف الناطق باسم "قوات سوريا الديمقراطية" التي تضم مقاتلين من فصائل كردية وعربية وتركمانية: "كانت قواتنا مشغولة بالمعارك العسكرية، فهل من المعقول أن نترك متابعة مجريات المعارك ونلتفت إلى عمل السد؟" وفق قوله.
وقال إنه تم إسناد "أمر تشغيل السد في الوقت الراهن إلى إدارة مدنية تابعة لـهيئة الطاقة، في مدينة عين العرب (كوباني)". وأضاف: "هيئة الطاقة بالتعاون مع الموظفين السابقين في السد تقوم بمراقبة سير العمل، والأزمة في طريقها إلى الانحسار"، على حد تقديره.
لكن المهندس الزراعي محمود الحلبي لا يتفق مع حديث سلو الذي يحمل السلطات التركية مسؤولية ارتفاع منسوب المياه في بحيرة السد، وأرجع المشكلة إلى أمرين، الأول: ترك الموظفين المشرفين على السد مكان عملهم بعد أن تحول محيط السد لمسرح اشتباكات عسكرية. وأما الأمر الثاني فيعود، وفق الحلبي، إلى فصل الشتاء الذي يمر على المنطقة، والذي يعد فيه ارتفاع منسوب المياه أمرا طبيعيا، بالنظر إلى قلة استخدام المياه في الري، مع هطول الأمطار.
وبينما استبعد الحلبي، خلال حديث لـ"عربي21"، إمكانية انهيار سد تشرين، لأن بنية السد بنية قوية على حد تقديره، أشار إلى ضرورة وضع السد تحت المراقبة.
وفي هذا السياق، نبه وزير الاتصالات والنقل والصناعة في الحكومة السورية المؤقتة، إلى أن "عدم السماح للكادر الفني بالعمل قد يجعل من السد خارجا عن إطار القيادة، ووجود القوى العسكرية الخشنة التي لا تراعي أهمية لحساسية مرافق السد، كلها عوامل لا تبشر بالخير"، كما قال.
وأضاف: "إن ضرب خط الكهرباء 230 بفعل القصف الذي قامت به قوات النظام، أدى إلى انخفاض استهلاك الكهرباء، وهذا ساهم في ارتفاع منسوب المياه على اعتبار أن السد هو سد كهرومائي بالدرجة الأولى".
وكخطوة على طريق الحل، كشف نجار عن استجابة تركية سريعة، تمثلت في التقليل من نسبة ضخ المياه في حوض نهر الفرات، لحين فتح البوابات المائية الجانية، مشددا على أن أزمة سد تشرين لا زالت في مرحلة الخط الأحمر، معبرا عن تخوفه من استمرار الاشتباكات في المنطقة المحيطة بالسد.
وناشد نجار المجتمع الدولي الذي يطالب أطراف الصراع في سوريا بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة بالتدخل عن كثب، وقال :"إن
السدود هي من المؤسسات الاستراتيجية التي تعتبر من أهم المؤسسات السيادية، لكن كما يبدو فإن مطالبهم هذه تخص الأجهزة الأمنية والجيش فقط"، وفق تعبيره.
ويعتبر سد تشرين الواقع في منطقة منبج، في ريف حلب الشرقي، ثاني أكبر سد في سوريا، وتبلغ مساحة بحيرته 166 كم مربعا، بقدرة تخزينية تصل لحوالي ملياري متر مكعب، وهو مجهز بست مجموعات توليد كهربائي استطاعتها الإجمالية حوالي 500 ميغا.