ملفات وتقارير

تحالفات الأردن بين إمساك العصا من المنتصف وضرورات البقاء

الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني - أرشيفية
تجد السياسة الخارجية الأردنية نفسها حائرة في تحالفات إقليمية فرضتها الصراعات بمنطقة الشرق الأوسط  والحرب على الإرهاب، وتمسك الممكلة العصا من المنتصف في محاولة للبقاء بين فرقاء يتصارعون على حدودها الشمالية والشرقية.
 
تشترك المملكة اليوم في أغلب التحالفات الدائرة في الإقليم ابتداء من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، والتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، و التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، مرورا بتحالف روسي عراقي سوري أعلن عنه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لمحاربة تنظيم الدولة في العراق، مع الدخول في تحالف قديم غير معلن مع مصر و الإمارات ضد جماعة الإخوان المسلمين.
 
تحالفات واقعية للحفاظ على مصالح وطنية
 
"الظرف الإقليمي يحتم علينا أن نتحالف مع الشيطان من أجل مصالحنا وبقائنا" يعلق نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني د.هايل ودعان الدعجة على خارطة التحالفات التي يشارك فيها الأردن.

 يقول لصحيفة "عربي21": السياسة الخارجية الأردنية  سياسة واقعية تتلاءم وتحقيق المصلحة الوطنية، وتعكس قوة العلاقة التي تربط الأردن مع دول الفرقاء التي تثق في الجهاز الإستخباراتي الأردني والقدرات العسكرية المعلوماتية التي تعكس بأن الأردن مطلع على المشهد في الإقليم، مما يدفع الأطراف الدولية فرصة في أن تقترب أكثر من الأردن حتى تكون قريبة أكثر من تحقيق أهدافها فيما يخص محاربة داعش إن كانت جادة في ذلك".
 
ويصف النائب السياسة الأردنية الخارجية "بالذكية جدا بحيث تتلاءم وتتماشى مع المصالح الوطنية". مؤكدا أنها " سياسة ناججة بقيادة الملك عبد الله الثاني، بدليل أن الممكلة لازالت محافظة على أمنها واستقرارها ".
 
ويتراجع دور وزير الخارجية الأردني ناصر جودة لصالح العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي يقود زمام السياسة الخارجية الأردنية بنفسه، من خلال لقاءات واتصالات بين أقطاب وعناوين الصراع في الشرق الأوسط، كان آخرها لقاؤه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بحث فيه التنسيق بشأن الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب.
 
يشدد النائب الدعجة أن " السياسة الأردنية تراعي من خلال التقارب مع الفرقاء مصالح  المملكة مع دول تخوض حروبا ضد الإرهاب على حدوده ، لذا تقتضي مصالح الأردن أن  تذهب الممكلة في تحالفاتها إلى أبعد مدى يحقق هذه المصلحة، ومن هذه التحالفات مع روسيا التي توجب علينا التنسيق معها لعدة أسباب منها : وجود بعض الجماعات الإرهابية على حدودنا الشمالية و الخشية من  تدفق كبيرللاجئين السوريين وكلها تحديات تواجه الأردن".
 
الحكومة الأردنية..سياستنا واقعية
 
وتقر الحكومة الأردنية على لسان الناطق باسمها و زير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال محمد المومني "بواقعية السياسة الأردنية"  مؤكدا لصحيفة "عربي21": سياستنا الخارجية واقعية وبراغماتية ومعتدلة، عنوانها الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية العادلة".
 
سياسة واضحة المعالم وتحالف استراتيجي مع أمريكا

المحلل السياسي د.لبيب قمحاوي يرى أن السياسة الأردنية " واضحة المعالم لكن الخلاف في التفاصيل"، مؤكدا في حديث لـ"عربي21" أن " التحالف الأردني مع المعسكر الغربي بشكل عام وأمريكا بشكل خاص تحالف استراتيجي لا نقاش فيه".
 
وحول العلاقة والتحالف مع دول الخليج يقول قمحاوي: "هناك تذبذب في العلاقات مع دول الخليج، وغالبا هذا التذبذب أساسه دول الخليج وليس الأردن، أحيانا تلتقي المصالح وأحيانا تتضارب، ولكن بشكل عام العلاقه مع دول الخليج والسعودية لا تزال ممتازة، ولكنها ليست بالمقياس نفسه الذي كانت عليه سابقا، الجديد هو علاقة الأردن قليلا مع روسيا وهذا الكلام قد يساعد الأردن في تخطي بعض الصعاب خصوصا في الأزمة السورية".
 
وتتمتع الممكلة بتحالف استراتيجي تاريخي مع الولايات المتحدة الأمريكية التي صنفت دول المنطقة عام 2002 إلى دول "اعتدال" و "محور شر" شمل " إيران والعراق وسوريا وكوريا الشمالية"، بينما صنف الأردن من دول "الاعتدال" حسب تصنيفات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن.

محاربة الإرهاب ... تفرض تحالفات جديدة

لكن واقع ما يجري في المنطقة والتدخل الروسي في سوريا قلب مفاهيم التحالفات التي بات عنوانها الأبرز " الحرب على الإرهاب"، ويرى محللون سياسيون أن "تفريخ" التحالفات في المنطقة هو جزء من حالة الانقسام السياسي والطائفي التي أظهرت تحالفات تفتقد لاستراتيجية واضحة.
 
يقول قمحاوي إن "التحالفات المضادة للإرهاب، والتحالف الغربي الخليجي الأردني، والتحالف الروسي الأردني، والخليجي الأردني ، كلها عناوين مختلفة لموضوع واحد، وأعتقد أن فن الممكن أقرب من الواقعية في السياسة الخارجية الأردنية؛ لأن الواقعية كلمة حق يراد بها الواقع، و تعني أنه ليس بأيدينا، أعتقد أن الأردن في معالجتة لمختلف القضايا كان يحاول أن يقترب من فن الممكن، الذي يسمح له بأن يبقي رأسه فوق الماء".
  
سياسة إمساك العصا من المنتصف أو الوقوف في المنطقة الرمادية سياسة أردنية اتبعتها المملكة منذ بدء الأحداث في سوريا، إذ حافظت على قنوات اتصال مع النظام السوري واستقبلت الممكلة شخصيات أمنية سورية كبيرة، في وقت لم تتخل فيه عن تحالفات عربية وغربية تسعى لإسقاط الأسد.