ضحايا من السوريين لبراميل نظام الأسد المتفجرة التي تستهدف المدنيين - عربي21
أطراف مبتورة لشباب وأطفال مُقعدين عن الحركة في مركز "سوريات عبر الحدود" المخصص لعلاج الجرحى السوريين في العاصمة الأردنية عمّان، هناك تتزاحم قصص مدنيين سوريين فقدوا أطرافهم بشظايا براميل متفجرة وقنابل عنقودية، أو أقعدتهم رصاصة قناص عن الحركة مدى الحياة. العائد من العملية الجراحية في المركز يستقبل كما العريس بزفة و أهازيج، بعد أن كتب الله له عمرا جديدا.
عمار شاب سوري أصيب برصاصة قناص أفقدته ربع دماغه، ولحسن حظه نجا من الموت، واستطاع الأطباء ترميم وتغطية الجزء المفقود من جمجمته، ليستقبل في المركز استقبال الأبطال. أما باسل ابن التسعة أعوام، أفقدته قنبلة عنقوية قدميه وكفه وعينه اليمنى، وأصيب بتمزق غشاء الطبل في كلتا أذنيه، بعد أن كان طفلا مفعما بالحيوية والنشاط، بدأت الحادثة عندما عبث هو ومجموعة من أصدقائه بكرة حديدية (قنبلة عنقودية غير منفجرة) أودت بحياة من كان معه، وفقد هو أغلب أطرافه. وبحسب مديرة المركز، نسرين خزنة كاتبي: "أتى باسل مع والدته التي عادت إلى سوريا لرعاية باقي الأسرة، حيث يخضع الطفل إلى تأهيل نفسي بسبب ما ينتابه من ذكريات مؤلمة، كما أنه يخضع أيضا لعلاج فيزيائي".
وقالت كاتبي لصحيفة "عربي21" إن "المركز تأسس على يد ست سيدات التقين عن طريق فيسبوك"، حيث يقدم المركز خدمات الاستشفاء لجرحى الحرب بالتعاون مع منظمات دولية تدعمهم بالأدوية والمعدات.
ويرقد في "سوريات عبر الحدود" 24 جريحا، منهم ثماني إصابات بالنخاع الشوكي، جراء استهداف القناصة، و 10 إصابات نساء، أما الإصابات الأخرى متنوعة منها نتيجة براميل متفجرة تسببت بفقدان عائلات بأكملها". سوريون صيد متحرك للقناصة يروي جرحى سوريون أصيبوا بشلل سفلي لحظات بطش حولت حياتهم إلى جحيم وحزن وإعاقة وندوب، سترافقهم حتى النهاية، يستذكر أحمد الزعبي المزارع من مدينة درعا السورية، كيف استهدف قناص من جيش النظام السوري عموده الفقري برصاصة، ليصبح مقعدا على كرسي متحرك. قال الجريح الزعبي لـ"عربي21" إن "القناص السلاح الأشد فتكا بالمدنيين السوريين، الذين باتوا صيدا متحركا في الشوارع"، مؤكدا أن "أغلب ضحايا القناصين قتلى أو مشلولين بسبب تعمد استهداف العمودي الفقري والرأس من القناص لضمان الوفاة أو الشلل". الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت في تقرير خاص تحت عنوان "صيد البشر" عام 2014 "مقتل أكثر من 5300 مدني سوري، 641 منهم نساء و518 طفلا، في عمليات قنص مباشر من قناصة تابعين للنظام السوري". ورصد التقرير ظهور أسلحة قنص جديدة، بداية بقناصات عيار 6 ملم، وصولا إلى قناصات 12.7 ملم، بعضها نمساوي، وبعضها إيراني، صناعة أو تعديلا. إلا أن سلاح القنص تراجع لصالح سلاح أشد فتكا ووحشية، إنها البراميل المتفجرة التي أنكرها رئيس النظام بشار الأسد، قبل مدة، في مقابلة تلفزيونية رغم حصدها لحياة الآلاف.
براميل وحاويات متفجرة تسقط من السماء وللبراميل المتفجرة قصص وضحايا، فالجريح عبد الله من مدينة درعا اخترقت شظية ناتجة عن برميل متفجر جمجمته، تسببت له بشلل نصفي، بعد أن تضرر جزء من دماغه. وقال عبدالله: "أغارت طائرات النظام على بناية بقربي، وكانت مهمتي إخلاء وإسعاف المدنيين.. أصبت بشظية، وكانت حالتي سيئة، ونقلت بعدها على الفور إلى الأردن". يصف الجريح حجم الدمار الذي يتسبب به البرميل المتفجر أو الحاوية، بـ"الهائل"، وقد تسوي البراميل المتفجرة حيا كاملا مع ساكنيه.
وقال إن "البراميل تملأ بالمواد المتفجرة، بالإضافة للشظايا المعدنية لإحداث أكبر قدر من الإصابات بين المدنيين". وأكد عبد الله أن "أحد البراميل سقط ولم ينفجر في مدينة درعا، وعند فتحه من المختصين عُثر داخله على نقود سورية معدنية ملغاة من فئة 25، بالإضافة إلى مسامير وكرات حديدية، وما يقارب 50 كيلوغراما من المواد المتفجرة". وحصدت البراميل -بحسب منظمات حقوق الإنسان- أرواح آلاف السوريين.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن القوات السورية نفذت 1450 غارة جوية على الأقل في درعا وحدها، منذ بداية العام الجاري.
ويخضع الجرحى إلى تأهيل فيزيائي ونفسي من مختصين، كما أن المركز يؤمن لهم المتبرعين لإجراء عمليات للحالات الصعبة غير المؤمنة.
من جانبها، قالت مديرة المركز نسرين إن "الجرحى يتلقون تأهيلا بمجالات مختلفة، منها دورات في الحاسوب ولغات الدول التي يقصدها اللاجئون، مثل التركية والألمانية و الإنجليزية، كما يقوم المركز بتدريب اللاجئات على أعمال المشاغل اليدوية والخياطة، وغيرها من المجالات التي قد توفر لهم حياة كريمة".