كتاب عربي 21

سيدنا يوسف والسيسي

1300x600
ما كنت لانتوي أن أجمع بين سيدنا يوسف والسيسي على سطر واحد، لكن ما يدور في مصر من أفلام هزلية تجعلك تصاب بالغثيان والقرف، ويبدو أن عروض الكوميديا الساخرة مستمرة في مصر إلى أجل غير مسمى، فالأفلام التي تروجها حكومة السيسي، أفلام هابطة، تعمل بكومبارس سيئ السمعة،  وبسيناريو فاشل ومخرج متخلف، لا يرى تحت قدميه، فكتاب السيناريو في الأجهزة الأمنية يبدوا أنهم مغيبون تماما عن الإحاطة بما يجرى حولهم، ولحسن الحظ فإن العروض الكوميدية تعرض مجانا في مصر، وترتبط ارتباطا وثيقا بالفشل المدوي في كافة المجالات، فمرة يخرج علينا قس وقور يبدى أنه يذوب عشقا في السيسي، ومرة تأتينا من نساء فاتهم قطار الزواج جميعا، تريد أن تكون ملك يمين للسيسي، ومرة تأتينا من قاضية عضو المحكمة الدستورية العليا سابقا السيدة تهاني الجبالي، التي أكل عليها الدهر وشرب، فقد فاجأتنا المدعوة بقولها إن السيسي يشبه سيدنا يوسف، ولا خلاف على الإطلاق في جمال سيدنا يوسف ـ عليه السلام ـ على أنه أجمل وأوسم من خلق من البشر، وهذه حقيقة ذكرها الله ـ سبحانه وتعالى ـ عندما وصفت امرأة العزيز يوسف ـ عليه السلام ـ بأنه ليس بشرا، بل ملك كريم، وقول رسولنا صلى الله عليه وسلم، حيث وصف يوسف ـ بأنه أوتي شطر الحسن من الجمال، والحقيقة أنا أخذت على غرة فمكثت أفكر عن سمات جمال السيسي التي جعلته جميلا وسيما يضرب به المثل في هذا الجمال، أفي هذا الطول الفارع أم هذا القوام الممشوق، السيسي بكل مواصفات الجمال ليس فيه ذرة على الإطلاق ولولا خوفي أن اتهم بأن أعيب الخلق لقلت عن السواد الذي أراه في وجهه وقلبه، فلا يستطيع أن يتحدث كلمتين على بعضهم  بأي حال، أو بأي منطق يوصف السيسي بأنه جاذب للنساء!!!

قلت لنفسي لربما أنني أسأت الفهم وإنها تقصد الشبه بسيدنا يوسف على أنه عزيز مصر الذي أنقذ مصر والعالم من خطر المجاعة، فسيدنا يوسف لم يكتف بزيادة الإنتاج في مصر بل استطاع أن يزيد من معدل النمو في الاقتصاد لأربعة عشر عاما، لقد كان تفسير سيدنا  يوسف للرؤيا بقدوم سبع سنوات من الأمطار وزيادة الإنتاج، التي ستتبعها سبع سنوات من الجدب والقحط وانقطاع المطر مدخلا هاما لتحقيق الفائض الاقتصادي، فقد نصحهم بالادخار وعدم الإسراف في الاستهلاك على الرغم من وفرة الإنتاج ووجود فائض في العرض يفوق الطلب بمراحل، لقد كانت عبقرية يوسف ـ عليه السلام ـ في التجهيز للأزمة والاستعداد لعلاجها بدأت قبل سبع سنوات من وقوعها. لكن أين السيسي من هذه العبقرية حينما سئل عن برنامج للانتخابات أبدى أسفه كيف تطلبون منى برنامجا وأنتم الذين طبلتم وزمرتم من أجل أن أخلصكم من الإخوان، فلم يأت ببرنامج، ويوسف المظلوم المحبوس أنقذ اقتصاد أمة،أما السيسي فقد ظلم أمة وخرب اقتصاد دولة وحبس خيرة أبنائها.

السيسي لم ولن يقدم برنامج لأنه ببساطة لا يملك أي رؤية لإدارة كتيبة جيش وليس دولة، والفشل كما ترى يلاحقه في كل مكان حل فيه، انظر إلى السيول التي تضرب كل مدن ومحافطات مصر، لا يوجد رؤية لعلاج أي مشكلة على الإطلاق، والعبقرية الوحيدة التي أبدع فيها هي الكذب.

انظر إلى ارتفاع الأسعار كمثال، فقد هدد السيسي في خطابه بتدخل الجيش لخفض الأسعار عبر طرح منتجات بأسعار مخفضة، وأعلن أن الدولة ستحل مشكلة الأسعار نهاية نوفمبر الجاري، وستقوم هي والجيش بتوفير السلع بأسعار مخفضة. وقال "إوعوا تتصوروا أنه يغيب عني ارتفاع الأسعار.. أنا واحد منكم أعرف كويس الظروف الصعبة للناس وإن شاء الله آخر هذا الشهر هتكون الدولة خلصت تدخلها لخفض الأسعار بشكل مناسب". لم يقل للسيسي أحد من خبراؤه بأن قوانين السوق غلاَبة وان الأمر مرتبط بالإنتاج وبقوى العرض والطلب حتى ولو تدخل الجيش، لم يقل أحد للسيسي أن المشكلة في نقص الدولار وارتفاع سعره، وزيادة تكلفة الاستيراد التي تؤثر سلبا على القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة أبدا لن يحل مشكله ارتفاع الأسعار .

لم يقل أحد للسيسي أن جهاز الخدمة المدنية (الذراع الاقتصادية للجيش) لا يستطيع تغطية الطلب خاصة السلع الغذائية فقد يكون من الممكن للجيش أن يوفر 20% على أقصى تقدير، قد يكون بإمكان الجيش أن يعرض سلعا بأسعار مخفضة لبعض الوقت ولكنه لا يستطيع تغطية السوق في القرى والنجوع والمناطق الشعبية في أحياء العاصمة والمحافظات، لم يقل أحد للسيسي إن أسعار السلع ترتفع من المحتكرين المسيطرين على السوق وكلهم على قوائم حب مصر.

وأخيرا وليس أخرا لم يقل أحد للسيسي رجل المخابرات القوي اللي بيعرف دبة النملة أن جهاز مخابراتك فشل في معرفة من الذي فجر القنبلة في الطائرة الروسية، ثم إن كل الدول تسحب رعاياها من مصر، بريطانيا وروسيا وتركيا، لم يخرج السيسي ويقول نتيجة التحقيقات عن سقوط الطائرة أو مقتل النائب العام .

إذا أين التشابه بين سيدنا يوسف والسيسي ربما أن السيسي سيبلغنا قريبا عمن يصلب فتأكل الطير من رأسه من حواريه ومستشاريه، وبإذن الله سيكون السيسي أولهم.