توفي السياسي
اليمني البارز، عبد الكريم
الإرياني، من أبناء مدينة إب، بعد معانات مع المرض، نقل على أثره إلى ألمانيا التي وافته المنية فيها مساء أمس الأحد.
"عرّاب السياسية" اليمنية، أو عميد السياسية، وصفان ارتبطا بالإرياني، الذي ولد في 20 شباط/ فبراير 1953، في منطقة إريان بمديرية القفر من محافظة إب (وسط البلاد).
ينتمي عبد الكريم الإرياني، إلى أسرة عريقة، وعائلة كبيرة من السياسيين الذين أثَّروا في مسيرة اليمن خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فهو ابن شقيق الرئيس اليمني الراحل، عبد الرحمن الإرياني، الذي حكم البلاد في ستينيات القرن الماضي، الأمر الذي أتاح له فرصة إقامة شبكة علاقات جعلته على الدوام محل إجماع الفرقاء اليمنيين وموضع احترامهم.
لعب الراحل الإرياني، دورا بارزا، في التحولات، إذ يعتبر واحدا من أذكى السياسيين الذين عملوا في منصب وزير حكومي دون انقطاع تقريبا في الفترة (1974ـ 1997)، وكان أبرز ذلك تعيينه رئيسا للوزراء ووزيرا للخارجية.
وفي حزيران/ يونيو 1995، عين أمينا عاما لحزب المؤتمر الشعبي العام، وأعيد تعيينه في أيار/ مايو من العام 1997، عقب الانتخابات البرلمانية، نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية.
وفي 29 نيسان/ أبريل من العام 1998، عين بشكل مفاجئ رئيسا للوزراء للجمهورية اليمنية بالوكالة، عقب استقالة الدكتور فرج بن غانم، وشغل في هذا المنصب حتى 31 آذار/ مارس من العام 2001.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، قرر
حزب المؤتمر الشعبي، برئاسة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فصل عبد الكريم الإرياني من منصبه النائب الثاني لرئيس الحزب، بالتزامن مع عزل الرئيس عبد ربه منصور هادي من منصبي النائب الأول والأمين العام لحزب المؤتمر.
ردود فعل
وتوالت ردود الفعل، عقب الإعلان رسميا، عن وفاة الإرياني، وقد اعتبر حزب التجمع اليمني للإصلاح، رحيله خسارة فادحة لعقلية فذة وشخصية سياسية محنكة عرفت بحرصها الدائم على الجمع بين الواقعية والنضال.
وفي بيان له، نعى الحزب الإثنين، السياسي الإرياني، الذي "عرف بحرصه الدائم على الجمع بين الواقعية والطموح، وبين الوفاء لنضالات الأجيال السابقة ومتطلبات الأجيال اللاحقة، وبين تأييد السلمية شعار عمل سياسي مستديم وتأييد المقاومة المسلحة الطارئة اليوم لاستعادة حق شعبي وطني تعرض للمصادرة بقوة السلاح".
شخصية نادرة
من جهته، قال وزير الثقافة والسياحة اليمني الأسبق، خالد الرويشان، إنه "من النادر حقا أن يظل سياسي في قلب السلطة في بلد عاصف مثل اليمن ولمدة تقترب من نصف قرن، لا بدّ أن يكون هذا الرجل شديد الذكاء، وهذه ميزة للراحل الإرياني".
وأكد الرويشان في مقال له، أن "الراحل، شخصية سياسية نادرة بين السياسيين في اليمن، فكان يعيش التاريخ، وكانت حساسيته مفرطة تجاه تاريخ الإمامة في اليمن"، وأوضح الوزير اليمني، أن "الإرياني كان مدركا للخطر على بلاده"، مستدلا بقوله، إن "إيران أصبحت أكبر خطرا على العرب من إسرائيل في هذه الحقبة من الزمن".
تجليات شجاعة للرجل
في شأن متصل، أكد الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي أن "رحيل الدكتور عبد الكريم الإرياني، يمثل خسارة كبيرة جدا لهذا الطيف الواسع من الوطنيين الذين يخوضون معركة استعادة الدولة".
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن "انحيازه السياسي إلى خط الدولة والشرعية رفع الغطاء تماما عن المغامرة التي يخوضها المخلوع علي عبد الله صالح، الذي سيفرح حتما برحيله، بصفته شاهدا موثوقا على الجريمة التي ارتكبت ابتداء من 21 أيلول/ سبتمبر 2015، تاريخ سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين".
وأوضح التميمي أن "الإرياني واحد من الشخصيات السياسية المؤثرة"، مشيرا إلى أن "دوره الأكثر تأثيرا تجلى في المنعطفات الحاسمة التي مرت بها البلاد عبر تدخلاته التي كانت تنجح غالبا في فتح نوافذ في الجدران المصمتة بما يسمح بتسرب الضوء في أشد اللحظات قتامة"، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن أكثر تجليات الرجل الشجاعة، "عندما وقف ضد المليشيا وضد الرئيس المخلوع وحدد خط سيره بوضوح، وعمل جاهدا على تقويض الأرضية السياسية التي يشتغل عليها قادة التمرد (الحوثيين) بقيامه مع رفاقه في قيادة المؤتمر الشعبي العام بالإطاحة بالمخلوع صالح من زعامة المؤتمر الشعبي العام".
ويُحسب للإرياني أنه خيّر علي عبد الله صالح، قبل سقوط العاصمة صنعاء بقبضة الحوثيين، بين بقائه في الحزب، وبين تحالفه مع جماعة الحوثي، و"هو ما اختاره صالح، ليكون هذا الأمر، القشة التي قصمت ظهر المؤتمر"، حسبما أفاد مسؤول في الرئاسة اليمنية لـ"
عربي21".
وفي 18 من أيار/ مايو من العام الجاري، طالب الإرياني برفع الحصانة التي منحت لعلي عبد الله صالح، معتبرا أنها "كانت لما قبل التوقيع على المبادرة الخليجية الذي جرى في 2011".
وعمل الإرياني حتى رحيله الأحد، مستشارا سياسيا للرئيس عبد ربه منصور هادي، بل إنه يوصف بـ"اليد اليمنى له"، وقد وصفت الرئاسة في بيان، رحيله بـ"الفاجعة".