شنت قوات البيشمرگة الكردية الأسبوع الماضي هجوما واسع النطاق على مناطق جنوب داقوق، في محافظة
كركوك الغنية بالنفط، حيث حاولت التقدم والسيطرة على مناطق تخضع لسيطرة
تنظيم الدولة منذ أكثر من عام، إلا أن مصادر ميدانية أفادت بأن هذا الهجوم لم يحقق أهدافه، وأن العملية التي عولت عليها القيادة الكردية للحد من خطورة التنظيم على مدينة كركوك؛ قد فشلت.
وفي حديث خاص بـ"
عربي21"، قال ضابط في قوات
البيشمركة، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "العملية الأخيرة كانت تستهدف ناحية الرشاد الواقعة جنوب غرب كركوك، حيث تعد الخطر الأقرب الذي يمثله تنظيم الدولة على مدينة كركوك، وهي إحدى معاقلة المهمة".
وأوضح الضابط أن الإعداد والتخطيط للعملية استغرق "فترة ليست بالقصيرة، إلا أن نتائج هذه العملية لم تكن بالمستوى المطلوب"، حسب تقديره.
ويعزو الضابط في قوات البيشمركة أسباب عدم تحقيق أهداف العملية العسكرية إلى "خلافات في وجهات نظر بين بعض قيادات قوات البيشمركة بشأن التنسيق والتعاون المباشر مع قوات الحشد الشعبي، والإصرار على أن تكون قيادة العملية كردية فقط، في حين ترى قيادات أخرى عدم وجود ما يمنع من التنسيق بشكل مباشر والتعاون مع الحشد الشعبي، والقتال تحت قياداته"، بحسب قوله.
ويشير الضابط في قوات البيشمركة إلى غياب الغطاء الجوي من قبل طيران التحالف الدولي، لأسباب "تتعلق بسوء الإدارة، وعدم التنسيق الجيد مع التحالف الدولي الذي شن عدد محدود من الغارات الجوية لا تتناسب وحجم المعركة وأهداف العملية بمجملها".
وقال الضابط لـ"
عربي21": "اليوم القيادة الكردية حسمت أمرها بعدم التعاون مع الحشد الشعبي في أيّة جبهة قتالية، فالحشد يرى أن كركوك تابعة للحكومة المركزية، فيما نرى بدلالات تاريخية أن مدينة كركوك هي مدينة كردية تمّ تغيير تركيبتها السكانية حديثا، ونحن لا ولن نتنازل عن كرديتها تحت أيّة ضغوط"، بحسب تعبيره.
ويعد هدف إبعاد خطر تنظيم الدولة عن مدينة كركوك النفطية؛ الهدف الأهم بالنسبة للقيادة الكردية، وهو ما يستدعي الاستمرار في "مهاجمة تجمعات تنظيم الدولة ونقاط تمركزه في محيط المدينة والمدن المجاورة، دفاعا عن كركوك وأمن الإقليم"، بحسب قول الضابط ذاته.
وأضاف: "ليس ثمة خيارات متاحة أمامنا سوى قتال هذا التنظيم الإرهابي لاستعادة الأراضي التي احتلها في العام الماضي، ولن يتحقق هذا ما لم تعمل الولايات المتحدة على توفير دعم جدي وحقيقي لقوات البيشمركة، وتسليمها قيادة كافة جبهات القتال على الأراضي الكردية"، وفق تعبيره.
من جانبه، أكد مصدر مقرب من تنظيم الدولة أن "العملية باءت بالفشل، ولم تتمكن القوات المهاجمة من تحقيق هدفها في السيطرة على الطريق الرابط بين ناحية الرشاد وداقوق، كما فشلت في السيطرة على القرى الواصلة بينهما، كقرية البشير الشيعية التي يحاول الحشد استعادتها بدعم من قوات البيشمركة".
وقال المصدر لـ"
عربي21": "بعد أن تقدمت قوات البيشمركة التابعة لرئيس إقليم
كردستان بأعداد كبيرة نحو بعض القرى الصغيرة، استطاع مقاتلوا الدولة الإسلامية إيقاف تقدمهم وإرغامهم على التراجع بعد وقوعهم في أحد الكمائن"، وفق قوله.
يذكر أن قوات البيشمركة التابعة لرئاسة الإقليم الكردي شنت الهجوم دون تعاون مع قوات الحشد الشعبي التي تأتي استعادة السيطرة على قرية بشير الشيعية كأولوية لها.
ونفى المصدر المقرب من تنظيم الدولة الأنباء التي ترددت عن اشتراك قوات الحشد الشعبي في العمليات القتالية الدائرة هناك، حيث "لا يمكن التقدم في تلك المناطق المفتوحة دون غطاء جوي". وأضاف "قد اثبتت كل القوى والتشكيلات العسكرية فشلها في مواجهة الدولة الإسلامية دون دعم طيران التحالف الدولي، الذي هو الآخر لم يفلح في الحد من توسع الدولة وازدياد قوتها وتمددها"، على حد تعبيره.