نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا للكاتب روجر بويز، يقول فيه إن وصول الجنود الروس، الذين ارتدوا بزات عسكرية مموهة، والطائرات التي تصل إلى
سوريا محملة بالمعدات والسلاح، يشبه المراحل الأولى لعملية غزو ضم جزيرة القرم العام الماضي. وتبع ذلك تدخل عسكري قوي، وكان مقدمة لتقسيم أوكرانيا كما يحدث الآن في سوريا.
ويستدرك التقرير بأن الطريقة التي يقدم فيها الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين التدخل في سوريا مختلفة، ففي زيارته للأمم المتحدة نهاية الشهر الحالي سيقدم نفسه على أنه الرجل الذي لا يمكن الاستغناء عنه عندما يتعلق الأمر بسوريا.
ويرى بويز أن اللعبة التي سنشاهدها في الأشهر الستة القادمة ستتم على مرحلتين؛ الأولى متعلقة بأوكرانيا التي سيتم تخفيف حدة النزاع فيها وتجميده، والتقرب لأمريكا وأوروبا؛ من أجل رفع العقوبات المفروضة على
روسيا في كانون الثاني/ يناير.
وتشير الصحيفة إلى أن تراجع أسعار النفط بدأ يؤثر على الميزانية الحكومية، التي تدعم المؤسسة العسكرية؛ تخفيفا للتصعيد في شرق أوكرانيا.
ويذكر التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه عندما تنجح روسيا بإغلاق ملف النزاع بينها وبين الغرب، والمتعلق بالأزمة الأوكرانية، تأمل موسكو بالانتقال للمرحلة الثانية، والتحول نحو التعاون بين الشرق والغرب في سوريا، وسيقدم هذا لقادة الدول الغربية على أنه مصلحة لهم.
ويلفت الكاتب إلى أن بوتين سيناقش في نيويورك قائلا إن الأزمة الناجمة عن تدفق اللاجئين إلى أوروبا كانت نتاجا لتفكك الدولة، فيما لم تحقق الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد
تنظيم الدولة إنجازات على الأرض، فقد أصبح الجهاديون، وليس فقط تنظيم الدولة، قريبين من السيطرة على الـ"إم فايف"، وهو الطريق السريع الذي يصل العاصمة دمشق ببقية مناطق الغرب والشمال السوري.
وتجد الصحيفة أنه من أجل تحقيق انتصار في الحرب، فيجب أن يكون لديك جيش قوي يعمل وينسق مع طيران قوي. وهذا هو ما يعتقد بوتين أنه قادر على تقديمه، مشيرة إلى أنه بدعم روسي من المعدات والمستشارين والأسلحة الجديدة يمكن للأسد القيام بالمهمة. ومن هنا فالعرض واضح من بوتين ومفاده: دعونا نتعاون للقضاء على تنظيم الدولة، تماما كما تعاونا من قبل للتخلص من الأسلحة الكيماوية التي كانت سوريا تمتلكها.
ويفيد التقرير بأن الكثيرين في أوروبا قد يشترون عرض بوتين، أما من يشك في نوايا الزعيم الروسي فسينظر إليه بأنه محاولة أخيرة من روسيا لإنقاذ آخر زبون لها في الشرق الأوسط، وهو يتخذ من الحرب ضد تنظيم الدولة مبررا.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن دروس أوكرانيا مهمة؛ لأنها عن غزو بدائي خلق أزمة تعطي بوتين الفرصة لاستغلالها. مبينة أن التجربة مع بوتين منذ وصوله الكرملين عام 2000 أظهرت أن مبادرات السلام التي يتقدم بها ليست سوى أساليب لحرف النظر.