بدأ
اليونانيون في الإدلاء بأصواتهم اليوم الأحد، لتحديد ما إذا كان يقبلون بتطبيق إجراءات تقشف إضافية مقابل الحصول على دعم دولي في
استفتاء محفوف بالمخاطر، من المرجح أن يحسم ما إذا كانت اليونان ستترك منطقة
اليورو بعد معاناة اقتصادية استمرت سبع سنوات.
ومع إغلاق البنوك والتهديد بحدوث انهيار مالي، يصعب توقع نتيجة الاستفتاء الذي قد لا يسفر عن تفويض واضح للتفاوض يتطلع إليه الدائنون لليونان.
واليونانيون منقسمون بشأن قبول عرض من الدائنين يصفه رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس، بأنه "مذل" ويحث الشعب على رفضه. ويقول المستثمرون وواضعو السياسات الأوروبيون إن الرفض سيضع اليونان على طريق الخروج من منطقة اليورو ويزعزع استقرار الاقتصاد والأسواق المالية في العالم.
وقال تسيبراس لعشرات الألوف من اليونانيين في تجمع للحشد بالتصويت بـ"لا": "يوم الأحد سنبعث جميعا برسالة للعالم فيها ديمقراطية وكرامة".
وسيكون التصويت على قبول ضرائب إضافية وخفض في المعاشات مثيرا للانقسام في أي بلد، ولو في أفضل الأحوال.
وفي اليونان يواجه الاختيار شعبا غاضبا منهكا يمر - بعد خمس سنوات من التقشف - بأسبوع فرضت فيه قيود على رأس المال لمنع انهيار النظام المالي للبلاد.
وأصبح مشهد أرباب المعاشات الذين يحاصرون بوابات البنوك، مطالبين بمستحقات نهاية الخدمة دون جدوى، رمزا للتراجع المثير لليونان خلال العشر سنوات الماضية.
فقبل 11 عاما وفي الساعات الأولى من صباح الخامس من تموز/ يوليو 2004 تدفق اليونانيون للشوارع واتحدوا احتفالا بتتويج منتخب بلادهم ببطولة أوروبا لكرة القدم. واليونان اليوم منقسمة والخوف سائد في مشهد لم تعرفه إلا نادرا.
وقال سارافيانوس جيورجوس وهو مدرس في أثينا عمره 60 عاما: "هناك أجواء خوف. يمكنكم استشعار ذلك".
ويؤكد جيورجوس أنه سيصوت لصالح قبول عرض الدائنين.
وتغلق مراكز الاقتراع أبوابها في السابعة مساء، ويتوقع أن تصدر أول توقعات رسمية للنتيجة بحلول التاسعة مساء.
وأظهرت أربعة استطلاعات للرأي نشرت يوم الجمعة تفوقا بهامش بسيط لصالح "نعم" بينما أظهر استطلاع خامس تفوق معسكر "لا" بنسبة 0.5 بالمئة. وكل الفوارق في نتائج هذه الاستطلاعات تقع في هامش الخطأ.
ويوافق يونانيون تملكهم الخوف على أن بلدهم قد حصل على صفقة جديدة تماما، لكنهم يقولون إن البديل سيكون كارثيا بانهيار البنوك والعودة للعملة القديمة (الدراخمة).
أما من يتعهدون بالتصويت بـ"لا" على رفع الضرائب أو خفض المعاشات مقابل مزيد من القروض، فيقولون إن اليونان لن تتحمل تقشفا أكثر بعدما تسببت هذه السياسة في ارتفاع نسبة العاطلين إلى واحد من بين كل أربعة. ويؤيد هؤلاء تصريحات تسيبراس بأن أوروبا تمارس "الابتزاز" ضد اليونان.
نتيجة كابوس
سيواجه اليونانيون على الأرجح المزيد من الاضطرابات المالية والسياسية في الأيام والأسابيع القادمة.
وكتب ولفغانغ بيكولي من شركة تينيو إنتيليجانس الاستشارية: "مع وضع كل شيء في الاعتبار فإن الخروج المبكر لرئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس من السلطة لا يزال أكثر احتمالا من خروج غريكسيت".
وأضاف: "بصرف النظر عن نتيجة الأحد، فسوف تظل هناك مستويات كبيرة من التقلبات السياسية".
ووعد وزير المالية يانيس فاروفاكيس، اليونانيين عشية التصويت بأنه سيتعين على الدائنين الأوروبيين أن يمنحوا أثينا فورا شروطا أفضل، بما في ذلك تخفيف كبير للدين وإجراءات أقل تقشفا إذا صوتوا "بلا". وكان وزراء بالاتحاد الأوروبي ومسؤولون وصفوا هذا التعهد بأنه وهم كبير.
وإذا صوت اليونانيون بنعم على خطة الإنقاذ، فإن من المتوقع أن يستقيل كلا من تسيبراس وفاروفاكيس ما يفتح فصلا جديد من حالة الغموض، مع محاولة الأحزاب السياسية تشكيل حكومة وحدة وطنية للحفاظ على استمرار المحادثات مع المقرضين لحين إجراء الانتخابات.
ويقول الدائنون الأوروبيون، إن التصويت "بنعم" سينعش الآمال في تقديم مساعدات لليونان. لكن فرض قيود على رأس المال والعجز عن سداد دين صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي أضعف الوضع الاقتصادي لليونان وقوض الجدارة الائتمانية. لذا، فإن حزمة إنقاذ جديدة ستضم على الأرجح شروطا أكثر قسوة من تلك التي عرضت حتى الأسبوع الماضي.
وسيؤدي التصويت بـ"لا" إلى المزيد من حالة الغموض واحتمال حدوث انهيار مالي مفاجئ.
وحذر صناع القرار في أوروبا علانية من أن مثل هذه النتيجة ستعتبر رفضا للمحادثات مع الدائنين ومنطقة اليورو، ما يترك اليونان وحيدة دون أي احتمال واقعي للحصول على أموال لتجنب
الإفلاس.
وستتوقف أشياء كثيرة على البنك المركزي الأوروبي الذي سيراجع يوم الاثنين سياسته بشأن سيولة الطوارئ التي يعتمد عليها الدائنون لليونان.
وقد يقرر البنك المركزي الأوروبي تجميد السيولة أو قطعها كلية، إذا صوت اليونانيون بـ"لا"، أو إذا لم تتمكن أثينا بعد ذلك من سداد ديونها أو رد قيمة السند للبنك المركزي الأوروبي في 20 تموز/ يوليو.
وهناك مخاوف من أن تؤدي نتيجة غير حاسمة إلى مزيد من حالة الارتباك واحتمال اندلاع احتجاجات عنيفة، بدلا من إرسال إشارة واضحة بشأن نوايا اليونانيين.
وقال مسؤول ألماني كبير: "النتيجة الكابوس ستكون 51 مقابل 49 في المئة في أي اتجاه.. وفرص هذا ليست تافهة".