كاتبة أمريكية: للعنف في العالم تاريخ أسوأ من تنظيم الدولة
لندن - عربي2125-Jun-1502:47 AM
شارك
الباحثة قارنت تنظيم الدولة بعدد من التنظيمات المتطرفة تاريخيا حول العالم - أرشيفيا
ناقشت الكاتبة الأمريكية ريكو هوانغ العنف الذي يمارسه تنظيم الدولة، مقارنة إياه بأشكال تاريخية أخرى من العنف، وكاشفة أن عنفه وأدواته وآلياته ليست جديدة تاريخية، في دعوة إلى "تحجيم" تأثيره للتمكن من دراسته.
ففي مقالة هوانغ، في مدونة "منكي كيج" المختصة بالديمقراطية، والتابعة لصحيفة الواشنطن بوست، وترجمتها "عربي21"، أشارت الكاتبة إلى أن الاهتمام بتنظيم الدولة يرجع إلى الدين والعنف، موضحة أن التنظيم أصاب المراقبين له بالذعر من تطرفه في كلتا الحالتين.
ومع أن تنظيم الدولة أثبت قدرة غير محدودة على الأفعال الوحشية والترويع بطريقة لا تستطيعها الجماعات الأخرى، إلا أنه ليس استثنائيا ضمن الجماعات غير الدولية، بحسب هوانغ التي أشارت إلى أن ذلك يفتح طرقا يمكن للباحثين والمراقبين اتباعها لدراسة التنظيم والكتابة عنه.
كما أوضحت هوانغ، الأستاذة المساعدة للشؤون الدولية في مدرسة بوش للحكم والخدمات العامة في جامعة تكساس، أن وضع تنظيم الدولة كحالة استثنائية يعني أننا ننسى تاريخنا المؤسف، والقريب منه، المليء بمسلسلات العنف المتطرف الذي ارتكب ضد مدنيين لتحقيق أهداف سياسية، على حد قولها.
جماعات عنيفة
وفصّلت الباحثة بالقول إن أفعال تنظيم الدولة ليست أكثر تطرفا من "جماعة (الخمير الحمر) الذين اخترعوا حقول الموت في كمبوديا، أو جماعة (رينامو) الموزمبقية التي اختص مقاتلوها بالاختطاف والاغتصاب وتقطيع الأوصال، أو الاغتصاب الجنسي المنظم في البوسنة، أو الاختفاء القسري للآلاف أثناء النزاع السلفادوري".
وأشارت الباحثة إلى أن الفرق الوحيد بين هذه الحالات هو أن تنظيم الدولة يعمل في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، ويستخدمها بشكل كامل، لإيصال رسالته بأقصى شكل ممكن من الصدمة والترويع.
وأما تعبئة التنظيم القائمة على تأويلاته الدينية الخاصة كجزء من حملة سياسية - دينية، فليست استثنائية كذلك، إذ عملت حركة "دار الإسلام" الأندونيسية عقب الاستقلال من هولندا على ذلك عام 1948، بالإضافة إلى حركتي "جيش الرب" و"الروح القدس" اللتين زعمتا أن هدفهما إنشاء دولة دينية في أوغندا تقوم على الوصايا العشر.
أما عن تجاوز الحدود، فقد عادت حركة "دار الإسلام" في التسعينات، لتعلن عن رؤيتها بإقامة دولة إسلامية تغطي سنغافورة وماليزيا وأجزاء من تايلاند والفلبين.
أما النظام المدني الذي أسسه تنظيم الدولة في أماكن سيطرته، والذي يتضمن جمع الضرائب والبنية التحتية والحكم الذاتي، فإن له شبيهات تاريخية، مثل "إدارة جماعة "ناكساليت" في الهند نظامها المصرفي الخاص، وإدارة المتمردين في أريتريا مصنعا للأدوية، في الوقت الذي شغلوا فيه جناحا للإغاثة الإنسانية كان يتعاون مع المنظمات الدولية غير الحكومية. ونظم جيرانهم في الحركة التغرينية "إثيوبيا" عملية إصلاح أراض واسعة. وفي أنغولا أدارت حركة "يونيتا" نظاما للبريد، واستصدرت طوابعها الخاصة المعترف بها دوليا وهذا كله وسط نزاعات ضد أنظمة قائمة"، بحسب هوانغ.
وأضافت هوانغ أن "تنظيم الدولة مثل الكثير من الجماعات، بينها جيش المقاومة الوطني اليوغندي والمتمردون الماويون في نيبال، التي التزمت بنظام من السلوك يلتزم به مقاتلوها، ووضعت عقوبات لمن ينتهكها، وتشمل الإعدام لأسوأ المخالفين".
واستدركت الباحثة أن هذه النقطة هنا ليست للتقليل من خطر التنظيم أو "تطبيع تصرفاته من خلال الإشارة إلى عاديته"، لكنها محاولة للتأكيد عبر المقارنة بأن التنظيم ليس استثنائيا كما يقدمه دائما المراقبون والإعلام"، داعية لوضعه داخل منظور تاريخي أوسع من فترة 11/ 9، وبعيدا عن إطار الإرهاب الإسلامي، محذرة من أن "الإفراط بالتأكيد على تميز التنظيم يشوه حقيقة تهديده ويعزز شرعيته ويجعل الإنسان أسيرا في يد قادته".
وأشارت الباحثة إلى أن تشابه تصرفات التنظيم مع عدد من التنظيمات المتشددة يشير إلى "نقطتين رئيستين: عدم أصالة تنظيم الدولة بين جماعات العنف السياسي؛ إذ إنه لاعب سياسي مركز، ما يساعد بتحديد أهدافه السياسية وقدراته ومحفزاته وحساباته الاستراتيجية"، بالإضافة إلى أن "التحليل القائم على الدين، مع أهميته، قد لا يكون مفيدا".
وأوضحت الباحثة أن تحليل اللاعب المركز يجعلنا لا نسأل ماذا يفعل تنظيم الدولة أو نتساءل لماذا ولأي غاية، في وقت تخلى به التنظيم عن أيديولوجيته عندما بنى تحالفات مع بقايا النظام البعثي لصدام حسين.