كتاب عربي 21

الانتخابات التركية والسؤال الأهم الذي يبحث عن جوابه

1300x600
لم يبق لإجراء الانتخابات البرلمانية التركية غير أيام معدودة. والأحزاب السياسية التي ستخوض هذا السباق الديمقراطي تواصل حملاتها الانتخابية لكسب مزيد من تأييد الناخبين وإقناع المترددين بالتصويت لصالحها ولو في اللحظات الأخيرة. ووسائل الإعلام تنشر واحدة تلو الأخرى نتائج استطلاعات للرأي تجريها مراكز الأبحاث المختلفة. ووسط هذه الأجواء الساخنة والمنافسة الملتهبة، يبقى السؤال الأهم يبحث عن جوابه قبيل هذه الانتخابات المصيرية: "هل سينجح حزب الشعوب الديمقراطي في تخطي حاجز الـ10 بالمائة".

تتراوح نسبة التأييد لحزب العدالة والتنمية، وفقا لاستطلاعات الرأي، ما بين 45 و50 بالمائة ولحزب الشعب الجمهوري ما بين 25 و29 بالمائة ولحزب الحركة القومية ما بين 14 و17 بالمائة ولحزب الشعوب الديمقراطي ما بين 8 و10 بالمائة. وفي جميع الأحوال، يحصل حزب العدالة والتنمية على عدد من مقاعد البرلمان يمكِّنه من تشكيل الحكومة وحده. ولكن حصوله على عدد من المقاعد يمكِّنه من تغيير الدستور مرهون بعدم حصول حزب الشعوب الديمقراطي على 10 بالمائة. وهذا يعني أن المعادلة الحالية، ببساطة، كالآتي: إن حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 10 بالمائة فإن حزب العدالة والتنمية لا يحصل على العدد المطلوب من المقاعد لتغيير الدستور، وإن حصل حزب الشعوب الديمقراطي على أقل من 10 بالمائة فإن حزب العدالة والتنمية سيحصل على ذلك العدد من المقاعد، ويمكنه أن يغير الدستور وكذلك النظام من البرلماني إلى الرئاسي.

الكاتب "أرسوي دده"، في مقال له نشر قبل أيام في صحيفة "يني عقد" التركية، يؤكد من خلال الأرقام والإحصائيات التي يقدمها أن حزب الشعوب الديمقراطي لن يتمكن من الحصول على 10 بالمائة ولا الاقتراب منها. ويشير إلى أن المرشحين المستقلين الأكراد في الانتخابات البرلمانية السابقة حصلوا على 5.76 بالمائة من أصوات الناخبين، وفي الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 22 تموز/ يوليو 2007 حصلوا على 4.68 بالمائة، كما أنه يشير إلى أن مرشحي حزب السلام والديمقراطي الكردي الذي يعتبر حزب الشعوب الديمقراطي امتدادا له، حصلوا في الانتخابات المحلية التي أجريت في عام 2009 على 5.7 بالمائة من مجمل الأصوات.

رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش، حصل في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 10 آب/ أغسطس 2014 على حوالي ثلاثة ملايين و900 ألف صوت، أي 9.7 بالمائة، من أصوات الناخبين. وبناء على ذلك، فإنه يرى بعض المحللين أن بإمكان الحزب أن يتجاوز في هذه الانتخابات حاجز الـ10 بالمائة. ولكن ما يتجاهله هؤلاء المحللون هو أن ظروف الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها ثلاثة مرشحين فقط تختلف تماما عن ظروف الانتخابات البرلمانية، وأن نسبة من الأصوات التي حصل عليها دميرتاش هي في الحقيقة أصوات مؤيدي حزب الشعب الجمهوري الغاضبين على ترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو، ومن المتوقع أن تعود تلك الأصوات في هذه الانتخابات إلى حزب الشعب الجمهوري.

نتائج الانتخابات البرلمانية والمحلية السابقة تؤكد أن نسبة التأييد للتيار الكردي الذي يمثله حزب الشعوب الديمقراطي تتراوح ما بين 5 و6 بالمائة، وبالتالي فإنه يحتاج حزب الشعوب الديمقراطي إلى الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها من أصوات مؤيدي الأحزاب الأخرى، وقد يحصل في هذه الانتخابات على نسبة من أصوات أقصى اليسار وبعض العلويين بالإضافة إلى أصوات قاعدته الشعبية، إلا أن نسبة أصوات أقصى اليسار في تركيا لا تتجاوز 2 أو 3 بالمائة، بالإضافة إلى أن تصويت جميع مؤيدي أقصى اليسار لصالح حزب الشعوب الديمقراطي ليس مضمونا في ظل وجود أحزاب أخرى تنافس على تلك الأصوات. وأما الناخبون العلويون فيبدو أن معظمهم سيصوتون لحزب الشعب الجمهوري الذي يرأسه واحد منهم، بعد أن قام حزب الشعب الجمهوري بإدراج عدد من المرشحين العلويين بقوائم الحزب للحيلولة دون هروب أصوات العلويين إلى حزب الشعوب الديمقراطي.

وفي ظل هذه الأرقام والمؤشرات فإن المتوقع أن يحصل حزب الشعوب الديمقراطي في هذه الانتخابات على نسبة تتراوح بين 8 و9 بالمائة، ولكن الجواب الصحيح والدقيق للسؤال المذكور سنعلمه مع فجر الثامن من الشهر القادم بعد أن يقول الشعب كلمته النهائية.