غدت القوى الثورية السورية المسلحة في الآونة الأخيرة محط أنظار المراقبين، لا سيما بعد أن كثر الحديث عن الجهود الرامية لتدريب هذه القوى وتأهيلها، لنجد على الساحة في هذه الأيام جهودا محلية وخارجية تسعى لتنمية القدرات والخبرات العسكرية، بعضها تم بالفعل، داخل
سوريا والبعض الآخر ما يزال في طور التصريحات والجداول الزمنية التي جرى تعديلها عدة مرات.
ولعل ما شهدته الغوطة الشرقية في ريف دمشق، من عرض عسكري لجيش الإسلام، وصف بأنه الأكبر "على أبواب دمشق"، حيث تم تخريج أكثر من 1700 مقاتل ضمن دورة "الإعداد الجهادي السابعة عشر" للجيش، يندرج في هذا السياق.
فقد تخلل هذا العرض، الذي حضره قائد
جيش الإسلام، زهران علوش، مناورات عسكرية لمدرعات الجيش، واستعراض لمهارات القتال القريب والمباشر المختلفة، من وحدات القتال الخاصة ووحدات "الانغماسين".
ويبيّن النقيب إسلام علوش، الناطق الرسمي باسم جيش الإسلام، أنّ هذا المعسكر تم إنشاؤه منذ ستة أشهر، موضحا أنه "تم
تدريب المتدربين فيه على كل فنون القتال، من اقتحام إلى دفاع وغيرها، كما نثقفهم شرعيا، ونعمل على تحصينهم دينيا، لأننا مقتنعين أن أي مقاتل يحمل سلاحا ودون تثقيف ديني، يعني أنه عبارة عن قاطع طريق"، وفق قوله لـ"عربي21".
ويوضح علوش أن "هذا المعسكر يختص بتدريب العناصر المنضوية تحت راية جيش الإسلام، بيد أن قيادة الجيش لا تمانع بتدريب أي فصيل يريد قتال النظام، ويلتزم بأهداف الثورة".
إلى ذلك، تتناقل وسائل الإعلام أنباء التدريبات الأمريكية التركية، لما اصطلح على تسميته "قوى المعارضة المعتدلة"، لكن هذه التدريبات التي يفترض أن تبدأ هذا الشهر، كانت محل انتقاد للعديد من المحللين العسكريين.
فقد انتقد المستشار القانوني في
الجيش الحر، أسامة أبو زيد، الضغوط التي تتعرض لها القوى المعارضة، لتوجه حربها إلى تنظيم الدولة فقط دون محاربة "النظام الاسدي".
وأوضح أبو زيد لـ"عربي21 " أن "
المعسكرات التي يُحكى عنها في تركيا، بخصوص خطة التدريب الأمريكية، ليست ذات جدوى في موضوع الثورة السورية، لأن هذه الخطة جزء من خطة التحالف الدولي لمواجهة داعش (تنظيم الدولة)، وليست جزءا من تطلعات الثورة السورية.
وأضاف أبوزيد: "نحن اليوم أمام عدوّين أساسيين: داعش والنظام، وعندما يأتون إلينا ويقولون نحن جئنا لندربكم لمحاربة داعش، فهذا الشيء يعارض أهداف الثورة السورية"، موضحا أن "الذي يقصف اليوم حلب وسراقب وسرمين وغيرها بالكيماوي هو بشار الأسد، والذي ينفذ طلعات جوية هو الأسد".
وتابع أبو زيد: "عندما يطلب منا اليوم تغيير وجهة البندقية باتجاه داعش فقط، التي نحن بالأساس نحاربها، ولا يُطلب منا محاربة النظام، فهذا الشيء لن يكون ذا نتيجة، وبالتالي معظم الفصائل المعروفة والمشهورة لن تتعامل معه".
وشدد أبو زيد، في حديثه لـ"عربي21"، على أن "المعسكرات التي تجري في الداخل السوري، هي المعسكرات التي يُعقد عليها الأمل الأكبر في تطوير القدرات العسكرية والتنظيمية لـ(الجيش) الحر".
وقال أبو زيد "هذه المعسكرات مهمة جدا، فكما نعلم أن الثورة حين بدأت تتحول من سلمية الى عسكرية، كان الدور الأكبر في الحراك المسلح للضباط أو صف الضباط المنشقين، وفيما بعد بدأ العديد من المدنيين الانخراط بالعمل العسكري، ما دعا لضرورة إخضاعهم لدورات وتدريبات، لكي يكون لديهم فكرة عن كيفية التعامل في هذه المعارك".
وقال أبو زيد: "اليوم لا مأخذ لدينا على هذه المعسكرات، لأن أعداء الثورة السورية المتمثلين بنظام الاسد وداعش، لديهم قدرات ودعم ومؤازرة، من عدة عصابات شيعية وأفغانية وغيرها، وبالتالي مقاتلو الفصائل، بحاجة لأن يتم رفع قدراتهم لمواجهة هذا الكم من الأعداء" حسب تعبيره.
وختم أبو زيد حديثه لـ"عربي21" قائلا: "المعسكرات الداخلية تبقى محصنة بشكل أكبر من تلك التي في الخارج، من كافة الأجندات الخارجة عن سوريا، لنصل بها في القريب العاجل، لتكون سورية الأجندة بامتياز"، وفق قوله.