تتجه
السعودية إلى إعادة
هيكلة شركة "
أرامكو" أكبر شركة للطاقة في العالم، في تحرك يرمي على ما يبدو إلى تمكينها من العمل باستقلال أكبر عن وزارة البترول القوية.
وتوقع محللون أن يحصل الخبراء والفنيون على حرية أكبر في إدارة الشركة الحكومية العملاقة.
وقال بعضهم إن إعادة الهيكلة قد لا تكون سوى الخطوة الأولى في تعديل قطاع الطاقة السعودي، وربما تمهد السبيل إلى تولي أحد الأمراء الوزارة ذاتها، التي كان يديرها في العادة خبراء لا أفراد من الأسرة المالكة.
وقالت قناة العربية التلفزيونية إن السعودية وافقت على إعادة هيكلة شركة "أرامكو" الحكومية، بما يتضمن فصلها عن وزارة البترول في الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك".
ولم يتسن الوصول إلى مسؤولي "أرامكو" على الفور لسؤالهم التعقيب، لكن تقارير قناة العربية تعكس بدرجة كبيرة التوجهات الرسمية.
وقال محمد الصبان، المستشار السابق لوزير البترول السعودي علي النعيمي: "هذا القرار سيعطي الشركة مزيدا من المرونة في اتخاذ القرارات على أساس تجاري، والاحتفاظ بالسيطرة المالية الكاملة".
والاعتقاد السائد هو أن أسرة آل سعود الحاكمة ترى أن منصب وزير البترول من الأهمية، بحيث قد تؤدي تسمية أمير لتوليه إلى اختلال التوازن الدقيق الذي يحكم هيكل السلطة، ويجازف بجعل السياسة النفطية مرهونة بالشد والجذب بين الأمراء.
غير أن محلل شؤون النفط لدى "كيه.بي.سي إنرجي إيكونوميكس"، إحسان الحق، قال إنه من المرجح جدا أن يتم تعيين نائب وزير البترول، الأمير عبد العزيز بن سلمان، نجل الملك، وزيرا للبترول.
وقام
الملك سلمان بترقية الأمير عبد العزيز العضو في الوفد السعودي لدى "أوبك"، منذ فترة طويلة إلى نائب وزير البترول من منصب مساعد وزير البترول الذي شغله عدة سنوات.
وأشارت بعض المصادر الدبلوماسية والسعودية إلى أن خبرته الطويلة في القطاع النفطي، قد تطغى على فكرة استحالة تعيين فرد من الأسرة الحاكمة في منصب وزير البترول.
وقال مصدر في قطاع النفط في السعودية: "إنهم يحاولون إعادة ترتيب أرامكو، وإعادة هيكلة الشركة كلها. وهم يحاولون أيضا إعادة هيكلة وزارة البترول وتسمية الأمير عبد العزيز وزيرا للطاقة، وبهذا ستصبح أرامكو موجهة بالكامل على أسس تجارية وليست ذراعا لوزارة البترول".
إعادة هيكلة رئيسية
كانت "أرامكو" في وقت من الأوقات تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، ويديرها أمريكيون، لكنها صارت منذ وقت طويل شركة حكومية سعودية.
وهي تفوق بمراحل كل الشركات الأخرى في قطاع النفط، وتبلغ احتياطياتها من الخام 265 مليار برميل، أو أكثر من 15 في المائة من كل الاحتياطيات النفطية العالمية.
وتنتج "أرامكو" أكثر من 10 ملايين برميل يوميا أو أكثر من ثلاثة أمثال ما تنتجه أكبر شركة نفط مدرجة في العالم، وهي "إكسون موبيل"، وتبلغ احتياطياتها أكثر من عشرة أمثال ما تملكه "إكسون موبيل".
ولو طرحت أسهم أرامكو للتداول العام لأصبحت على الأرجح أول شركة على الإطلاق، تبلغ قيمتها السوقية تريليون دولار أو أكثر.
وعين العاهل السعودي الملك سلمان، الأربعاء الماضي، خالد الفالح، الرئيس التنفيذي لأرامكو، رئيسا لمجلس إدارة الشركة، ووزيرا للصحة، في إطار تغييرات واسعة في المناصب القيادية في أكبر مصدر للنفط في العالم.
وقال إحسان الحق إن هذه قد تكون إشارة إلى أن الفالح قد لا يصبح وزيرا لبترول.
وأضاف أن انتقال الفالح "إلى وزارة الصحة يشير إلى أنه قد لا يخلف النعيمي. من ناحية أخرى لم يكن تعيينه (الفالح) رئيسا لمجلس إدارة أرامكو إلا أمرا شكليا".
وقالت شركة "أرامكو" في حسابها على موقع "تويتر"، الجمعة، إن النائب الأعلى لرئيس الشركة للاستكشاف والإنتاج، أمين الناصر، قد عين رئيسا تنفيذيا للشركة حتى إشعار آخر.
ونشرت الشركة في وقت سابق أيضا بيانا يقول إنه تم تأسيس مجلس أعلى جديد لها يضم عشرة أعضاء، ويرأسه ولي ولي العهد السعودي، الأمير
محمد بن سلمان.
وقالت قناة العربية على حسابها في موقع تويتر: "المجلس الاقتصادي يوافق على رؤية (ولي ولي العهد الأمير) محمد بن سلمان لإعادة هيكلة أرامكو".
ونقلت عن مصادر قولها إن "إعادة هيكلة أرامكو السعودية تتضمن فصلها عن وزارة البترول".
ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية هو هيئة جديدة أسسها الملك سلمان في وقت سابق من العام، لتحل محل المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، الذي كان يساهم في وضع السياسة النفطية للمملكة.
ويرأس المجلس الجديد الأمير محمد بن سلمان، نجل الملك، في خطوة اعتبرها بعض المحللين بمنزلة وضع الأساس لنقلة عبر الأجيال، في كيفية تطوير الرياض لاستراتيجياتها على صعيد قطاع الطاقة والاقتصاد عموما.
ويضع كبار أفراد أسرة آل سعود الحاكمة المبادئ الأساسية لسياسة النفط السعودية، بما في ذلك الحفاظ على القدرة على تحقيق الاستقرار بالأسواق من خلال الطاقة الإنتاجية الفائضة والإحجام عن التدخل في السوق لأسباب سياسية.