كتاب عربي 21

أبعاد التعاون بين جماعة كولن وحزب الشعوب الديمقراطي

1300x600
الساحة السياسية في تركيا سبق أن شهدت تحالفات مختلفة جمعت بعضها تيارات سياسية متناقضة ضد خصم مشترك، كما تحالف حزب الشعب الجمهوري اليساري وحزب الحركة القومية اليميني في الانتخابات الرئاسية السابقة ضد حزب العدالة والتنمية، على الرغم من أنهما كانا في صراع دموي في سبعينيات القرن الماضي التي راح فيها عشرات من الشباب ضحايا الاشتباكات المسلحة بين اليمين واليسار. وها هي اليوم تشهد تحالفا آخر بين تيارين متناقضين من أجل إسقاط حزب العدالة والتنمية أو الحيلولة - على الأقل - دون حصوله على عدد من مقاعد البرلمان التركي يمكنه من تغيير الدستور والانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي. وهذا التحالف الجديد هو تحالف جماعة كولن وحزب الشعوب الديمقراطي.

جماعة كولن تخوض منذ فترة حربا ضروسا ضد رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان والحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية، وترى الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السابع من حزيران/ يونيو المقبل من أهم جولات هذه المعركة، إن لم تكن فرصتها الأخيرة. وأما حزب الشعوب الديمقراطي برئاسة صلاح الدين دميرتاش فبحاجة ماسة إلى تأييد أطراف مختلفة لجمع أكبر قدر من الأصوات حتى يتجاوز في الانتخابات حاجز 10 بالمائة.

وسائل الإعلام التركية أشارت قبل أيام إلى اجتماع سري عقد بين حزب الشعوب الديمقراطي والكيان الموازي في محافظة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية قبيل الانتخابات البرلمانية، وذكرت أن "أكرم دومانلي"، رئيس تحرير صحيفة "زمان" التابعة لجماعة كولن قام بزيارة سرية لبلدية ديار بكر والتقى "غولتان كيشاناك"، رئيسة البلدية والقيادية في حزب الشعوب الديمقراطي. ومن اللافت في هذه الزيارة أن يدخل "أكرم دومانلي" مبنى البلدية من الباب الخلفي حتى لا يراه أحد أو يعلم أحد بزيارته.

حزب الشعوب الديمقراطي، يعد جناحا سياسيا لحزب العمال الكردستاني المحظور، وبمعنى آخر: أنه حزب كردي يدافع عن منظمة إرهابية مسلحة تقاتل ضد قوات الأمن التركية.

وأما جماعة كولن فتتسم أيديولوجيتها وأدبياتها إلى حد كبير بالقومية التركية، بالإضافة إلى خلاياها المتغلغلة في أجهزة الأمن التركية التي تقاتل ضد عناصر حزب العمال الكردستاني. وهذا يفسر رغبة ممثل جماعة كولن، "أكرم دومانلي"، في التسلل إلى مبنى البلدية من الباب الخلفي للقاء ممثلة حزب الشعوب الديمقراطي بعيدا عن الأنظار وكاميرات وسائل الإعلام، لأن الجماعة بينما هي تسعى من جهة إلى دعم حزب الشعوب الديمقراطي في هذه الانتخابات، تحاول من جهة أخرى أن تحشد أصوات القوميين الأتراك ضد حزب العدالة والتنمية. ولا شك في أن مثل هذه الزيارات تثير غضب القوميين الأتراك وربما تدفعهم إلى الابتعاد عن جماعة كولن، كما أن حزب الشعوب الديمقراطي الذي يسعى جاهدا إلى كسب أصوات العلويين وأقصى اليسار في السابع من حزيران/ يونيو المقبل لا يحبذ أن يظهر كحليف بارز لجماعة "دينية" يقيم زعيمها في ولاية بنسلفانيا الأمريكية ورفعت في الماضي القريب راية مكافحة الشيوعية والاشتراكية.

ومن المرجح أن لقاء "أكرم دومانلي" و"غولتان كيشاناك" تم فيه التباحث وتبادل الآراء حول إمكانية التعاون بين جماعة كولن وحزب الشعوب الديمقراطي. وقد تقدم الجماعة إلى حزب الشعوب الديمقراطي دعما إعلاميا سخيا من خلال القنوات والصحف التابعة للجماعة، وكذلك قد تدعو أنصارها إلى التصويت في الانتخابات لصالح حزب الشعوب الديمقراطي في بعض المناطق، في مقابل أن يعد حزب الشعوب الديمقراطي بعدم تأييد مساعي حزب العدالة والتنمية لتغيير الدستور في حال تجاوز حاجز 10 بالمائة ودخل البرلمان. إلا أن هناك مخاوف من أن يمتد التعاون بين جماعة كولن وحزب الشعوب الديمقراطي إلى أبعد من الدعم الإعلامي للحزب ليصل إلى مستوى التنسيق بين قادة حزب العمال الكردستاني في معسكر جبل قنديل بكردستان العراق وخلايا الكيان الموازي المتغلغلة في أجهزة الأمن التركية، لإثارة الفوضى والقلاقل لتعكير أجواء الانتخابات.