نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا بعنوان: "ماذا يحدث في اليرموك، المخيم الفلسطيني الذي سيطر عليه
تنظيم الدولة"، قالت فيه إن التنظيم أحكم قبضته على جزء كبير من المخيم، وذلك منذ يوم الاثنين 6 نيسان/ أبريل الماضي، مشيرة إلى أهمية الموقع الاستراتيجي للمخيم بالنسبة لنظام الرئيس بشار الأسد أو للتنظيم على حدّ سواء.
وأوضحت الصحيفة أن اليرموك كان وجهة العديد من الفلسطينيين منذ 1957، وعلى إثر حرب 1948 أصبح المخيم الواقع في جنوب دمشق على بعد 7 كيلومترات من وسط المدينة أهم نقطة استقبال للمهجرين الفلسطينيين في الشرق الأوسط وأكبر مخيم في البلاد حيث يَعُدُّ 150 ألف لاجئ أي حوالي 37 في المئة من الفلسطينيين في
سوريا، ويمتدّ هذا المخيم على مساحة اثنين كم².
وقالت إنه "على امتداد السنين انصهر اليرموك في النسيج الحضري للعاصمة السورية، حتّى أصبح حيّا من أحياء المدينة تقيم فيه العديد من الجنسيات السورية".
وفي مزيد من التفاصيل، أشارت الصحيفة إلى أن المخيم أنشئ من قبل النظام السوري، ولكنه ظل تحت إدارة وكالة
الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط، التي توفر خدمات عديدة منها الصّحة والتعليم، وأن الفلسطينيين المقيمين هناك يحملون صفة لاجئ، ما يمنحهم العديد من الحقوق والواجبات، مثل الحق في العمل، وواجب تأدية الخدمة العسكرية، ولكن هذا لا يمنحهم جنسية البلد المستضيف، وفقا لقرار الجامعة العربية لـ1959، الذي يَنُصّ على ضرورة حماية وحدة وهوية الفلسطينيين، ولكن هذا لا يمنع ظاهرة الزواج المختلط من الانتشار في سوريا بين السوريين والفلسطينيين.
وأفادت لوموند أنه "على الرغم من أن السواد الأعظم لساكني اليرموك هم من الطبقة الوسطى، فإن المخيم قد شهد تطورا للظروف المعيشية خلال السنوات الأخيرة للنصف الثاني من القرن العشرين، متقدما بذلك على بقية المخيمات الفلسطينية في المنطقة، حيث إن ساكني الحي تمكنوا من ابتكار أنظمة للتنقل والتجارة خاصة بهم، ما دعّم جاذبية المنطقة خاصة، ومكنهم من التمتع بعديد المنشآت العمومية، مثل المدارس و المساجد".
كما تطرقت الصحيفة إلى المأساة التي اجتاحت المخيم منذ اندلاع الحرب في 2011، حيث أصبح الحي ساحة للاشتباكات بين القوى الموالية للنظام وبين المتمردين الذين انضمت إليهم فصائل فلسطينية، بما في ذلك أنصار حماس، ما نتج عنه قصف جوي للمخيم من قبل جيش الطيران السوري في 2012، الأمر الذي دفع بمجموعة كبيرة من قاطنيه للمغادرة، ومنذ ذلك الوقت والجيش النظامي السوري يطوق المنطقة ليبقيها تحت السيطرة.
ولفتت الصحيفة إلى الحصار المفروض على المخيم منذ سنوات، وقالت "إنه وحسب منظمة العفو الدولية فقد لقي عشرات المدنيين حتفهم جوعا بسبب الحظر المفروض على حركة الناس والبضائع، وفي الأثناء فقد هجر 90 في المئة من السكان المخيم هروبا من الصراع، وأصبحوا في منفى متواصل، الأمر الذي جعل البعض يشبّه الوضع العام بالنكبة الثانية."
وفي الإطار ذاته، قالت الصحيفة إن تنظيم الدولة يقوم بمواجهات في الجزء الجنوبي للمخيم، وذلك بوساطة من جماعة محلية متمردة متمركزة في حي الحجر الأسود، كما نقلت عن ناشطين فلسطينيين قولهم إن "جبهة النصرة بصدد دعم تنظيم الدولة، وتمكينه من فرض سيطرته على دمشق التي تمثل أكبر عقبة في طريقه للتوسع الإقليمي، باعتبار أن دمشق تمثل قلب النظام السوري، وأن القوة المسيطرة عليها ستكتسب شرعية للمواصلة في أجندتها".
وأوضحت الصحيفة أن الموقع الاستراتيجي للمدينة يعطي تفسيرا واضحا لردّة الفعل السريعة للنظام، حيث "قام بقصف مواقع
داعش، وأعلن أنه لا مفر من العملية العسكرية هذه، وقد رفضت منظمة التحرير الفلسطينية الاشتراك في هذه العملية، على عكس المنظمات الفلسطينية الأخرى التي قبلت التحالف مع الجيش السوري، من أجل محاربة خطر توسّع الجهاديين الذين يجدون أنفسهم في موقع منعزل بعيدا عن الدعم اللوجستي لتنظيمهم".
وقالت الصحيفة إن منظمة الأمم المتحدة تطالب بمنحها منفذا يمكنها من الوصول إلى ستة عشرة ألف شخص، وهم المحجوزون داخل المخيم، حيث تزداد الحالة الإنسانية تدهورا، باعتبار أن الإعانات الخارجية تم قطعها منذ أمد طويل.
وأوضحت أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تفاعل مع الوضع، وصرّح بأن ما يحدث في اليرموك أمر غير مقبول بالمرّة، حيث تمّ تحويل متساكني حيّ اليرموك الذي من جملتهم 3500 طفل إلى دروع بشرية.