سياسة عربية

حملات سورية لنظام بشار: شهداؤنا ليسوا أرقاما

يضع نظام بشار على كل شهيد رقما - أرشيفية
لكل شهيد رقم، ولكل معتقل قصة تحت التعذيب، وخلف كل قصة تعاني عائلة ألم الفقدان والبعد، لم نر ضحايا الاعتقال لكننا شاهدنا صورهم المسربة، تظهر فيها جثثهم المشوهة، فمع كل صورة تم توثيقها سُجِّلَ عليها رقم، بدأت هذه الأرقام من واحد ووصلت إلى الآلاف، فاستطاع الأسد أن يحول حياة كل هؤلاء إلى مجرد أرقام!

مع كل هذه الجرائم التي يتم توثيقها يوما بعد آخر، يقوم السوريون بحملات جماعية للضغط على المجتمع الدولي لوضع حد لها، وكان آخر هذه الحملات "السوريون ليسوا أرقاماً" التي خاضها مجموعة من الناشطين السوريين.

في حديث لـ "عربي 21" تقول الناشطة غرام الحسين: "إن هذه الحملة هي أولا وأخيرا حملة ومبادرة شعبية، لم تقتصر على الناشطين السوريين فحسب؛ بل شملت حتى الناشطين العرب باعتبارها ردا على الجرائم التي قام بها النظام السوري في معتقلاته الأمنية بحق آلاف الأبرياء من المعتقلين".

 وأوضحت الناشطة أن الحملة موجهة إلى السوريين وغير السوريين ممن يبحثون عن الحقيقة التي يغيبها الإعلام الغربي، الذي بات يصور الأمر على أنه اختيار بين الحكومة الشرعية من جهة، والإرهاب الإسلامي الراديكالي من جهة أخرى، بحسب تعبير الناشطة.

وزادت غرام قائلة: "تهدف الحملة إلى حشد أكبر عدد من المتضامنين العرب والأجانب للضغط على الرأي العام العالمي؛ ليتوقف عن النظر بعين واحدة، وأن يرى أن هناك أرواح آلاف الأبرياء التي تزهق".

وعن متابعة الحملة تقول غرام، إنهم يحاولون التواصل مع صحفيين وحقوقيين ونشطاء لتحقيق نصاب قانوني يمكن أن يتقدم إلى محكمة دولية بدعوى ضد نظام الأسد، مشيرة إلى أن منظمة "أفاز" أطلقت مؤخرا حملة للتوقيع على وقف الانتهاكات ضد المعتقلين، أسمتها "السوريون ليسوا أرقاما".

يشار إلى أن فكرة الحملة تتمثل في وضع لصاقات على جبين المشتركين في الحملة، كتب عليها أرقام الشهداء المبعثرة، في مشهد يجسد كيف تحول الموت إلى مجرد رقم في سوريا.

وتحكي غرام أنها قامت بوضع الرقم "1895" على جبينها، وهو رقم أحد الشهداء من أقاربها الذي استشهد تحت التعذيب.

وكان الرقم "1895" لطفل صغير في الثانية عشر من عمره بدت عظام قفصه الصدري بارزة بشكل واضح، مما يعني أنه جوّع حتى الموت، إلى أن تحول هو الآخر إلى رقم.

 أما الرقم "3935" فهو للشابة رحاب علاوي، التي دفعت عددا كبيرا من المشاركين في الحملة إلى كتابة رقم جثتها، وإلصاقه على جباههم، وقام العديد من المشاركين ببعض التصاميم لصور تحكي عن رحاب، وعن الموت المتخيل لها.

 فيما حملت الكاتبة آية الأتاسي رقم هذه الفتاة مدونة تحته: "لم أشاهد صور ضحايا التعذيب والقتل في السجون الأسدية، ليس استجابة لعبارات التحذير التي ترافق الصور عادة، وتحرص على قلوبنا الرقيقة من قسوة المشاهد، ولكن احتراما لإنسانية الضحايا وحزن أهاليهم".

وأضافت أنها شاهدت صورة الفتاة دون أن تقصد ذلك، معتقدة في البداية أن الصبية نائمة، قبل أن تكتشف أنها تغط في "موت عميق"، معلقة: "نعم هكذا رقم بارد، ولكن مجرد تخيل امرأة تموت تحت التعذيب في سجون الأسد، تجعلني أشعر أننا في عالم سافل بلا أي قيم إنسانية أو أخلاقية، كم كنت أتمنى لو كانت نائمة حقا".
 
بدوره حمزة الخطيب، أول طفل قتل في الثورة السورية، كان حاضرا أيضا في تلك الفعالية، حيث حمل الرقم "23" وكشف عن ممارسات أخرى من التعذيب على جسده، كأن ما حصل له لم يكن كافيا، فيما حمل الطفل ثامر الشرعي رقم "12" وتلاه استشهاد آلاف الأطفال دون أرقام!

تحت كل رقم من هذه الأرقام دوّن اسم الفرع الذي خرجت منه، وكانت أغلب هذه الأرقام مكتوب تحتها "215" وهو فرع الأمن العسكري في كفر سوسة، الذي خرجت منه معظم هذه الجثث.


تتابع غرام حديثها عن الحملة موضحة أنها لم تقتصر على التضامن على موقعي "فيسبوك" و"تويتر" فقط، بل يحتشدون في مظاهرات في أمريكا وأوروبا وتركيا بمشاركة نشطاء عرب وأجانب وسوريين.

وسجلت أن  أولى هذه المظاهرات كانت في غازي عينتاب، في ما أخرى ستكون قريبا في ألمانيا ثم أمريكا، ناهيك عن مشروع للكتب التوثيقية التي توثق قصص الشهداء الذين قضوا في الثورة وخاصة المعتقلين. وقالت الناشطة إن هذه القصص سيدونها أقاربهم وأهلهم، وأضافت أن هذه الحملة لاقت تجاوبا واسعا.

يشار إلى أن حملات عديدة قادها نشطاء في هذا الاتجاه، أبرزها المعرض الذي أقيم في الولايات المتحدة الأمركية لضحايا تعذيب وإجرام النظام السوري في المعتقلات، وحتى الآن ورغم كل هذه الحملات لا إجرام الأسد توقف ولا هذه الحملات استطاعت أن تضغط على المجتمع الدولي، لكن يبقى لدى القائمين عليها أمل بأن تحل أحد أكبر قضايا الثورة وهي قضية المعتقلين.